اخبار العراق الان

الخزعلي.. مساعي لتأكيد الحضور الشعبي وخطابُ "المقاومة"!

الخزعلي.. مساعي لتأكيد الحضور الشعبي وخطابُ
الخزعلي.. مساعي لتأكيد الحضور الشعبي وخطابُ "المقاومة"!

2021-08-22 00:00:00 - المصدر: العربية


متخلياً عن عِمته البيضاء وعباءته، مرتدياً العِقالَ و"الشماغ العراقي" المخطط بالسواد، ، سائراً بين جموع المعزين الغفيرة، التي جاءت من كل حدبٍ وصوبٍ إلى مدينة كربلاء، حيث مرقد الإمام الحسين بن علي، لتُقيم مراسم عزاء يوم العاشر من محرم؛ هكذا ظهر الأمين العام لـ"عصائب أهل الحق" الشيخ قيس الخزعلي، بين العديد من المعزين وأنصاره، ومسحة من الحزن على محياه، كيف لا، وهو بين يدي المدينة التي تحظى بقداسة كبرى لدى المسلمين الشيعة.

استعراض القوة!

رغم أن أجواء الحزن كانت هي السائدة يوم "عاشوراء"، ومشاركة الخزعلي قد يراها البعض طبيعية جداً في موسم ديني سنوي، إلا أن ظهوره جزء من "استعراض القوة"، والتأكيد على التواصل مع الشارع العام، والقول إن "العصائب" لديها رأي عامٍ شعبي مؤيد لها، ما يعطي خطاب "المقاومة" مزيداً من الشرعية التي تبحث عنها الحركة، معززة بذلك حضورها الرسمي في "البرلمان العراقي" الممثل في "كتلة الصادقون".

مادة اعلانية

الخزعلي يعي التأثير المباشر لـ"الصورة"، وهو أسلوب باتت تعتمد عليه "العصائب" في تعزيز خطابها وزعامة أمينها العام، الذي "يطمح أن يصبح قائد فصائل "المقاومة" العراقية؛ أي زعيم على نفس مستوى الأمين العام لـ "حزب الله" اللبناني، حسن نصرالله، وزعيم حركة "أنصار الله"، عبد الملك الحوثي؛ أي قائد يسيطر على الميليشيات العراقية الأخرى. ويسعى جاهداً إلى أن يظهر وكأنه يتحدث نيابة عن جميع فصائل "المقاومة" العراقية"، بحسب ما جاء في دراسة أعدها الباحث العراقي حمدي ملك، بعنوان "استعراض قيس الخزعلي للاستقلالية"، نشرها "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني"، يونيو 2021، رأى فيها ملك أن قيس الخزعلي يسعى إلى "تصوير نفسه على أنه حليف استراتيجي لإيران وليس وكيلاً لها"، وذلك من خلال "التشديد على الطبيعة الوطنية لموقفه"، وهذا ما أراد الخزعلي تبيانه عبر ارتدائه "الشماغ العراقي" والحضور دون قلق على أمنه الشخصي بين جموع المعزين في كربلاء، كي يقول للناس أنه منهم ومعهم!

الخزعلي في مراسم عاشوراء

تأثيرات أفغانستان!

توقيت وجود قيس الخزعلي بين الجموع، هو الآخر بالغ الدلالة، ففي الوقت الذي تخرجُ فيه القوات الأميركية من أفغانستان، وتعود "طالبان"، وهي العودة التي اعتبرها "محور المقاومة" بمثابة "الهزيمة المذلة" للأميركان، يظهرُ الخزعلي ليؤكد أنه حاضر علانية، وأن "القوات الأجنبية" زائلة قريباً!

هنا هي الرسالة الأهم، فمشهد خروج القوات الأميركية من أفغانستان، والفوضى العارمة التي صاحبت ذلك، جعل التنظيمات المسلحة في العراق تنتشي، وأعطاها دفعة معنوية، وهذا يمكن ملاحظته في خطابها الإعلامي، سواء عبر قنوات مثل "العهد" و"النجباء"، و"الاتجاه"، فضلاً عن القنوات التابعة لـ"الميليشيات المسلحة" على تطبيق "تليغرام"، مثل: "صابرين نيوز"، و"الجبهة الإلكترونية"، و"جمهورية عصائب أهل الحق"، و"أنصار كتائب حزب الله".. وسواها.

حالة الشعور بالقوة هذه، استمدتها الفصائل العراقية أيضاً من موقف الأمين العام لـ"حزب الله" لبنان، السيد حسن نصر الله، الذي اعتبر في خطابه بمناسبة ذكرى "عاشوراء" أن "القوات الأميركية خرجت من أفغانستان بفشل وذلة وعار".

نصر الله، ذهب في استثمار الحدث من أجل تعزيز سردية "المقاومة"، مستغلاً حالة "السخط الشعبي"، قائلاً إن "الأميركيين أخرجوا التجهيزات والكلاب البوليسية من أفغانستان، ولم يخرجوا من تعامل معهم"، وهو بذلك يريد بعث رسائل إلى مناوئيه بأن الولايات المتحدة لن تحميهم، على العكس من إيران التي تقف مع حلفائها وأذرعها، بحسب خطاب "حزب الله".

تصعيد الهجمات

هذا الاحتفاء الكبير لدى "محور المقاومة" بخروج القوات الأميركية من أفغانستان، سيدفعهم إلى تنسيق أعمالهم، والتخطيط لزيادة الهجمات العسكرية، وهو أمر حصل بالفعل في العراق، حيث تم استهداف أرتال الدعم اللوجستي، في عملية حصلت 19 أغسطس الجاري، تبنتها كتائب "أهل الكهف"، التي قالت في بيان لها "نتبنى.. عملية استهداف بعدد من العبوات الناسفة الكبيرة ذو رؤوس حربية متعددة لأرتال العدو الأميركي في محافظة صلاح الدين"، مدعية أن العملية "أسفرت عن خسائر كبيرة بالآليات والمعدات وجرح المرافقين الأمنيين من جنسيات أجنبية".

الخزعلي في مراسم عاشوراء

التصعيد لن يقتصر على العراق وحسب، بل ربما تزيد عمليات الإمداد للتنظيمات المسلحة الموالية لإيران في سورية، كما دعم "حزب الله" لبنان بمزيد من الأسلحة والصواريخ الأكثر تطوراً، وكذلك قد تتجه هذه الفصائل إلى استهداف منشئات اقتصادية حيوية أو ناقلات نفط في الخليج العربي، دون أن ننسى أثر ذلك أيضاً على "المليشيات الحوثية" في اليمن، وما قد يدفعها إلى مزيد من التشدد في مواقفها ورفض الحل السلمي والانخراط في الحوار السياسي، الذي تمانع حتى الساعة من المشاركة فيه.

احتفالات المحور!

هذه التطورات تتم في ضوء تولي رئيس إيراني جديد لمقاليد رئاسة الجمهورية، هو إبراهيم رئيسي، الذي ركز في أكثر من مناسبة على مفهوم "المقاومة"، وكان لافتاً في حفل أداء القسم بـ"مجلس الشورى الإيراني"، 5 أغسطس الجاري، حضور عدد من الشخصيات المُمثلة لما يعرف بـ"محور المقاومة"، بينها قيادات في: "حزب الله" لبنان، وحركة "حماس" الفلسطينية، وحركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية، والحوثيون، و"الحشد الشعبي" العراقي، و"جمعية الوفاق الوطني الإسلامية" البحرينية.

الاستعراض الذي تم في "مجلس الشورى"، واللقاءات التي جرت تالياً بين بعض هذه الشخصيات وإبراهيم رئيسي وعدد آخر من القيادات الإيرانية، أُريد منه القول إن هنالك جبهة متحدة، وأن أفراد هذا المحور يعتقدون أنهم يعيشون في لحظة "انتصار" راهنة، وأنه جاء الوقت لقطف الثمار وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية وأمنية. وهذا ما يفسر اختيار رئيسي لوزير خارجية ذو توجهات محافظة – ثورية، هو حسين أمير عبداللهيان، وهو شخصية ناقدة لـ"الغرب" وتفتخر بأنها تسير على خطى القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني.

ما قد يحدُ من الآثار السلبية لأي تصرف عسكري أو أمني للمليشيات المسلحة، هو مدى قدرة الحكومة العراقية على ضبطها، وضغط رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على الحكومة الإيرانية من أجل منع حلفائها من التحرك ضد الأمن والاستقرار، وما إذا شعر الإيرانيون أن ليس من مصلحتهم التصعيد على حدوهم الغربية، في الوقت الذي تحكم فيه طالبان قبضتها على الحدود مع إيران، دون أن تتيقن طهران من حُسن نوايا "الإمارة الإسلامية" التي تدعي أنها تغيرت، فيما المراقبون يشكون في صحة ذلك.

uzXX9S2Uets