عائلات موصلية تعيش وسط الدمار في المدينة القديمة: أين التعويضات والإعمار؟
ما زالت المنطقة القديمة في قلب مدينة الموصل العراقية تعاني من الدمار بشكل كبير رغم مرور أكثر من 4 سنوات على تحرير المدينة، التي تعد ثاني أكبر مدن العراق، من تنظيم "داعش" الذي سيطر عليها في منتصف 2014.
واستغرقت العمليات العسكرية لتحرير المدينة 9 أشهر، وخلفت دمارا يفوق ما كان يتوقعه السكان، وتركز التدمير في جانب المدينة الأيمن، وتحديدا في المنطقة القديمة على الشريط الممتد على نهر دجلة، والتي تعتبر قلب الموصل القديمة، والتي تقع ما بين الجسر العتيق والجسر الخامس على طول النهر.
وشهدت المنطقة أعنف المعارك مع عناصر التنظيم، وفيها كانت نهاية القتال كونها تحوي أزقة ضيقة تعمد التنظيم البقاء فيها حتى آخر لحظاته، بعد أن جعل الأهالي الأبرياء دروعا بشرية.
ورغم هذا الخراب، أصرت العديد من عوائل المنطقة على العودة إلى بيوتها، وفي منتصف 2018 عادت أول عائلة لإعادة بناء منزلها المدمر بالجهود الذاتية في منطقة تفتقر لأبسط مقومات العيش مثل مياه الشرب والكهرباء.
وعاشت العائلة وحيدة في المنطقة معتمدة على دعم منظمة الصليب الأحمر الدولي، التي وفرت لأفرادها المياه لمدة سنة، لكن معاناتهم لم تكن تقتصر على الخدمات، إذ كان الخراب لافتا.
وقال رجب يونس، وهو أحد العائدين مع عائلته إلى منطقة القليعات في الموصل القديمة: "عدنا في منتصف 2018. كنا نسكن لمدة سنة في الجانب الأيسر من المدينة، وتعبنا هناك بسبب الإيجار، فقررنا أن نرمم بيتنا بجهود ذاتية، لكن حتى الآن المنطقة تحتاج مساعدات كبيرة، وما زلنا نعاني من عدم وجود المياه والكهرباء، والمنطقة مدمرة بشكل كامل، وبالتالي فإن المعاناة لم تقتصر على المياه والكهرباء، بل أيضا انعدام المواصلات بسبب عدم وجود سكان في المنطقة، وتدمير كل الطرق فيها".
وأضاف يونس: "كنا وحدنا في البداية، وبعدها بفترة قصيرة صرنا 3 عوائل، وحاليا هناك ما بين 15 إلى 20 بيتا فقط بمنطقة القليعات، وعلى طول الشريط الممتد لنهر دجلة، عددنا تقريباً 35 بيتا، والسبب الرئيسي لعدم عودة الناس إلى المنطقة أن البيوت تحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة لترميمها أو إعادة بنائها، والناس تعاني من عدم الحصول على التعويضات".
وعاد سمير عون أيضا إلى منطقة القليعات في بداية عام 2019 مع عائلته، وقال: "نتمنى أن يصل صوتنا إلى المسؤولين، وأن يتوصلوا إلى حل بخصوص المناطق المدمرة، ونريد إصلاح الطرق، لأننا نعيش وسط الدمار، وعلى المسؤولين الإسراع بمساعدة الناس، ودفع التعويضات حتى يرجعوا لتعمير بيوتهم، فغالبية أهالي المنطقة فقراء، ومن يعمل منهم يستطيع بالكاد أن يوفر لقمة العيش، وكثيرون ليس لديهم عمل، والمنطقة تحتاج إلى الخدمات، والكثير من مقومات الحياة غائبة".
وأوضح عون: "المعاناة كبيرة، فأطفالنا لا يمكنهم مغادرة المنزل بعد المغرب، لأن المكان مهجور، والكلاب السائبة ترعرت وتكاثرت فيها، وهي خطر على حياة أطفالنا وعوائلنا".