الانتخابات تستبعد صقور البرلمان العراقي
يبدو أن نتائج انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) كان لها أثر واضح في نهاية جيل من النواب والساسة العراقيين المحسوبين على الصقور في العملية السياسية، الذين شغل بعضهم دورتين أو ثلاث دورات متتالية في البرلمان.
وكان عقاب الجمهور العراقي واضحاً للمرشحين من نواب ووزراء سابقين كان لهم وجود لعدة مرات في البرلمان، بخطاباتهم الرنانة التي تتحدث عن مواضيع خارجية لا تندرج ضمن أولويات المواطنين، والترويج لتدخلات إقليمية على حساب مصلحة العراق أو يعتمدون التجييش الطائفي أسلوباً للدعاية الانتخابية.
استبعاد القوى التقليدية
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، أحمد الميالي، إن نحو 70 في المئة من صقور العملية السياسية تم تغييرهم في البرلمان العراقي الحالي.
وأضاف الميالي أن ما حدث في انتخابات أكتوبر من استبعاد للقوى التقليدية هو الأول من نوعه، مضيفاً أن هناك تغيراً في مزاج وعقلية الناخب العراقي من البصرة إلى نينوى باتجاه التجديد ووصول دماء جديدة شابة معتدلة إلى مجلس النواب.
وبين الميالي أن السبب في خسارة هؤلاء عدم تحقيقهم إنجازات، فضلاً عن وجود فجوة بين المجتمع والسياسي، قائلاً إن التصويت لغيرهم كان عقاباً لهم، وهذا ما حصل في محافظة النجف من خلال التصويت للمرشح غير المعروف محمد عنوز.
وتابع الميالي أن القانون الانتخابي لم يخدم كثيراً هؤلاء النواب، إذ إن بعضهم يعتاش على الرمزية، وآخرين اعتاشوا على الصيت العشائري المتمدد في عموم المحافظة، لكن ليس لهم حظوظ في دائرة معينة لعدم وجود أقارب لهم، مشيراً إلى سوء التنظيم وقيام بعض المرشحين بالترشح في دائرة غير دائرتهم وترشيح أشقائهم بدلاً منهم.
ورجح "استمرار بعض هؤلاء الصقور في إدارة العملية السياسية في الظل".
مؤثرون في إدارة القرار
وقال الكاتب والصحافي حمزة مصطفى إن إزاحة الصقور من مجلس النواب لا تعني نهاية دورهم المؤثر في إدارة القرار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف أن "من يسمون بالصقور لديهم حضور في البرلمان لأكثر من دورة برلمانية، وأن غيابهم الآن يعني أن الشارع لم يستجب لهذا النمط من العمل، لأن الناس يريدون نتيجة". لافتاً إلى أن هناك نوعاً آخر من الصقور وإن لم يكن موجوداً في البرلمان إلا أنهم موجودون في عمليات صنع القرار، كونهم زعماء كتل أو أحزاب، ومن الصعب إزاحتهم عن المشهد.
وأوضح مصطفى أن تأثير هؤلاء في المشهد السياسي يبقى حاضراً، لأن "الديمقراطية في العراق توافقية، وليست بالمعنى المعروف لديمقراطيات العالم التي تقوم على المؤسسات وقاعدة الأغلبية والأقلية".
فجوة بين الجيلين
وقال رئيس مركز "كلوذا" للدراسات الاستراتيجية وقياس الرأي، باسل حسين، إن اختلاف التفكير بين جيلي الصقور والشباب أدى إلى إحداث فجوة بينهما، معتبراً أن الوقت لا يزال مبكراً للحكم على الجيل الجديد.
وأضاف أن "الانتخابات أسفرت عن إزاحة عدد كبير من الصقور، فبعضهم لم يترشح لإيمانه بضعف فرصه في الفوز أو ترشح ولم يفز". مبيناً أن "السلوك التصويتي اختلف إلى حد ما مع انقطاع التواصل بين جيل شبابي بدأ يشكل كتلة تصويتية كبيرة ومؤثرة وجيل الصقور، مما ولد فجوة بينهما".
وأوضح حسين أن "المشكلة أكبر من تغيير وجوه لأنها تتعلق بالمنظومة"، قائلاً إن "سلوك الشباب في البرلمان يتحدد في ضوء مواقفهم ومدى قدرتهم على تقديم أنفسهم كفاعلين على نحو إيجابي".
نهاية جيل 2003
وقال الصحافي والكاتب باسم الشرع إن الانتخابات الأخيرة أزاحت كثيراً من النواب الطائفيين والمتهمين بالفساد الإداري، وأغلبهم ينتمي إلى كتل سياسية شيعية وسنية أسست العملية السياسية الحالية في البلاد.
وأضاف الشرع أن "التصويت كان عقاباً واضحاً لكل من تسبب بالمشاكل والعنف والتحريض الطائفي، وهذا الأمر برز في حصول كتل كانت تعد مؤثرة على مقاعد محدودة". مبيناً أن "هذه الكتل والنواب من الصقور يعيشون صدمة كبيرة دفعتهم إلى الحديث عن تزوير الانتخابات من دون تقديم دليل يذكر".
وأضاف الشرع أن المواطن العراقي كان واضحاً في هذه الانتخابات في رفضه الشعارات السياسية البعيدة عن تلبية متطلباته أو الجهات التي تمثل واجهات إقليمية وحولت بلاده إلى أرض للصراعات الدولية، موكداً أن انتخابات أكتوبر هي بداية النهاية لجيل 2003، كونها تمثل هزيمة لأغلب القوى السياسية التي أتت من خارج العراق بعد سقوط نظام صدام حسين.