هل نتائج الانتخابات العراقية مرهونة باتفاق سياسي؟
تصاعدت الدعوات السياسية والرأي العام الدولي لحسم جدل الانتخابات العراقية المبكرة، التي جرت في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول)، وإنهاء الصراع السياسي القائم بين القوى الشيعية الفائزة والخاسرة، للخروج من أزمة الانسداد السياسي التي يشهدها العراق منذ إجراء الانتخابات.
وأكد مراقبون للشأن السياسي بالعراق، في حديثهم إلى "اندبندنت عربية"، أن "الأحزاب الخاسرة في الانتخابات لا تستطيع التصعيد أكثر، خصوصاً خلال الفترة المقبلة، بعد أن أدركت أن الرأي العام في البلاد يقف ضدها، إضافة إلى المواقف الإقليمية والدولية". مشيرين إلى أنه "لا مصادقة على النتائج من دون اتفاق سياسي مسبق".
رسالة أممية إلى الخاسرين
من جانبه، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، القوى الخاسرة في الانتخابات، إلى "الإذعان" لنتائجها، والابتعاد عن "المهاترات" السياسية والعنف وزعزعة الأمن.
وقال الصدر، الذي تصدرت كتلته السياسية الانتخابات للمرة الثانية على التوالي، في تغريدة له تعقيباً على إحاطة رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع في العراق، إن "تصريحات أممية جديدة فيما يخص الانتخابات العراقية تبعث الأمل، وتوصيات ننصح باتباعها والابتعاد عن المهاترات السياسية والعنف وزعزعة الأمن".
وأضاف زعيم التيار الصدري، الذي يسعى إلى تشكيل حكومة مكونة من أغلبية سياسية، "هي فرصة جديدة لرافضي نتائج الانتخابات بمراجعة أنفسهم والإذعان للنتائج، لا لأجل منافع سياسية فحسب، بل من أجل الشعب الذي يتطلع إلى حكومة أغلبية وطنية تفيء على العراق والعراقيين بالأمن والسيادة والاستقرار والإعمار والخدمات".
وتابع الصدر، "على المحكمة الاتحادية (المعنية بالمصادقة على النتائج) العمل بجد وحيادية والتعامل مع الطعون بمهنية ولا ترضخ للضغوط السياسية. الشعب يتطلع إلى ذلك بفارغ الصبر، ليصل إلى بر الأمان والعيش الرغيد".
وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الثلاثاء الماضي، دعت بلاسخارت، السلطات والأحزاب العراقية إلى الاعتراف بنتائج الانتخابات العراقية المبكرة. محذرة من أن "الاتهامات الباطلة والتهديد بالعنف رفضاً لنتائج الانتخابات من شأنهما أن يؤديا إلى نتائج وخيمة".
مفوضية الانتخابات مرتبكة
وتعيد مفوضية الانتخابات الفرز اليدوي لأصوات بعض المراكز الانتخابية المشكوك في صحتها، بناء على قرارات الهيئة القضائية للانتخابات، وعند حسم كل الطعون سترسل مفوضية الانتخابات الأسماء الفائزة في البرلمان المقبل إلى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة عليها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
غير أن الباحث السياسي والاقتصادي نبيل جبار العلي، يؤكد أنه "لا مصادقة على النتائج من دون اتفاق سياسي مسبق، وهذه أقرب للحقيقة من بقية الآراء التي تتحدث عن مواعيد قانونية ودستورية تسير عليها العملية الديمقراطية في العراق".
يقول العلي، "مواقف مفوضية الانتخابات تبدو مرتبكة. حينما أعلنت النتائج أصرت على نزاهتها ودقتها، وأفصحت بأكثر من إعلان عن تطابقها مئة في المئة، في حين تبدو المفوضية في الأيام الأخيرة معترفة بوجود أخطاء قد تغير كثيراً من النتائج، وهذا ما يدعو للتعجب".
ويضيف، "بات واضحاً أن المفوضية، من خلال ناطقيها الإعلاميين، تعمل جاهدة للدفع للمصادقة على النتائج، وهو قد يتم تفسيره لأمرين، الأول احتمال وجود خطأ ما تحاول التغطية عليه بسرعة، أو محاولة من المفوضية لإنهاء الضغوط السياسية التي تتعرض لها منذ إعلانها النتائج لغاية اليوم".
ضغوط سياسية
أما الصراع السياسي حول المفوضية، بحسب العلي، "فقد بات اليوم أكثر وضوحاً، فالقوى المعترضة على النتائج، وعلى رأسها مجموعة الإطار التنسيقي الشيعي تتهم المفوضية بالتزوير، وقد دفعت بكثير من أدواتها للضغط السياسي على تعديل نتائج الانتخابات، منها حشد المحتجين قرب بوابات المنطقة الخضراء المحصنة، أو حتى تقديم أكثر من ألف طعن، قبل بعضها، أخيراً، أحدثت بعض الفروقات في نتائج الفائزين لصالحها".
ويواصل العلي، "في حين بدأت اليوم بوادر غضب منافس قوى الإطار التنسيقي، السيد الصدر حول نزاهة الانتخابات وعمل المفوضية بخطاب حاد عبر تغريدة على (تويتر)، يحذر فيها من استمرار الضغوط السياسية على المفوضية، وتمثل التغريدة الخروج من صمت طويل حول اعتراضات الكتل السياسية على نتائج الانتخابات، وهو مؤشر قد ينبئنا بخروج الوضع عن السيطرة، وإنهاء حالة الاتزان والتهدئة التي شاهدناها منذ إعلان النتائج لغاية اليوم".
لا سبيل سوى الاعتراف
ويرى الباحث السياسي علي البيدر أن الأحزاب الخاسرة "لا تستطيع التصعيد أكثر، خصوصاً خلال الفترة المقبلة". موضحاً "أدركت أن الرأي العام في البلاد يقف ضدها، إضافة إلى المواقف الإقليمية والدولية التي ساندت إجراءات المفوضية التي نجحت في تقديم أفضل عملية انتخابية جرت في البلاد بعد عام 2003".
يقول البيدر، "العملية الجريئة التي جرى من خلالها استهداف رئيس الوزراء محاولة اغتياله جعلت تلك الجهات في موقف ضعيف بعد رد الفعل الجمعية ضدها، وهذا ما يجعلها تتوقف عن أي خطوة خارجة عن القانون، وهو ما جعلها تلوح بتدويل قضية اعتراضها على الانتخابات كي تبرهن للجميع أنها لا تزال تعمل وفق إطار القانون، وقد تتحرك الأطراف الخاسرة في الانتخابات عبر الضغط على المنظومة السياسية عسكرياً من خلال استهداف القواعد الأجنبية، بحجة مقاومة ما تصفه بالاحتلال بحسب قواميسها".
ويضيف، "لا مجال لتلك الجهات سوى الاعتراف بنتائج الانتخابات والتعامل مع المرحلة الجديدة، وفق الإمكانات المستحدثة بعيداً عن جميع إدارات الضغط وتصحيح مسارها وإعادة حساباتها، كون أدوات استفزاز المواطن العراقي قد تغيرت، وعليهم تحديث أدواتهم بما ينسجم مع تطلعات العراقيين الباحثين عن وطن كما يرددون بالتظاهرات التي يتهمون من خلالها تلك الجهات بسرقة هذا الوطن".