جهود حكومية عراقية لاستكشاف الغاز في الصحراء الغربية
يتجه العراق إلى استثمار مكامن الغاز الضخمة الموجودة في صحرائه الغربية ضمن خطط واسعة تهدف إلى سد احتياجات محطات الكهرباء والصناعة المحلية، وصولاً إلى دخوله نادي الدول المصدرة للغاز خلال عدّة سنوات.
وبدأ الاهتمام العراقي بتوسيع نطاق الاستثمارات في تطوير حقول الغاز خلال العامين الماضيين، من خلال اعتماد أغلب محطات إنتاج الكهرباء العراقية على الغاز، بالتزامن مع تذبذب صادرات الغاز الإيرانية إلى العراق، والتي أثرت كثيراً في واقع الطاقة المجهزة بالبلاد.
وترى بغداد أن استمرار العقوبات الأميركية على إيران، وعدم قدرتها على تسديد ديون الأخيرة البالغة نحو 6 مليارات دولار عن استيراد الغاز لفترة تجاوزت العامين بسبب هذه العقوبات، يصعبان اعتمادها مستقبلاً على الغاز الإيراني، لكون رفع العقوبات عن طهران قد يحتاج إلى فترة طويلة، ما يتسبب بإحراج كبير للدولة العراقية في إدارة ملفات اقتصادية مهمة تعتمد على إنتاج الطاقة الكهربائية.
أولوية عراقية
أكد وزير النفط العراقي رئيس شركة النفط الوطنية، إحسان عبدالجبار، أهمية الإسراع بعمليات الاستكشاف في الصحراء الغربية لزيادة الاحتياطي والإنتاج الوطني من الغاز، مشيراً إلى أنها تُعد من أولويات تنفيذ المشاريع ضمن خطط وأهداف الوزارة.
وقال عبدالجبار خلال اجتماع تم فيه تقديم العرض الفني الذي قدمته اللجنة المشكلة لدراسة تطوير الرقع الاستكشافية في الصحراء الغربية، وعددها 16 رقعة استكشافية، إن هذه الخطوة تمثل إضافة مهمة لزيادة الإنتاج الوطني، تسهم مستقبلاً في تحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف أنه من الضروري استكمال الإجراءات الفنية والإدارية والتخصيصات المالية المطلوبة لإدراج مشروع تطوير 5 رُقع منها ضمن موازنة عام 2022، لأهميتها في الاستثمار الأمثل للغاز وتلبية الاحتياجات المحلية، مشدداً على ضرورة استثمار كل الإمكانات والطاقات المحلية، وبالتعاون مع الشركات العالمية المتخصصة لتقليل التكلفة والمخاطر.
خطة تمتد لسنوات
بدوره، قال مدير عام الاستكشافات النفطية باسم محمد خضي إن عمليات تطوير الرقع الاستكشافية في الصحراء الغربية تتضمن حفر بئر استكشافية بعد إجراء عمليات المسح الزلزالي وعملية معالجة وتفسير البيانات.
وأضاف أن مدة تنفيذ المسوحات للرقع الخمسة التي تم تحديدها لبدء عمليات الاستكشاف هي أربع سنوات باستخدام فرقتين زلزاليتين كمرحلة أولى، تليها مرحلة ثانية لاستكشاف 5 رقع أخرى، ومرحلة ثالثة لاستكشاف الرقع الست المتبقية.
16 رقعة استكشافية
وتضمنت الدراسة الفنية التي قدمتها اللجنة تحديد 16 رقعة استكشافية في الصحراء الغربية التي تقع ضمن مساحات شاسعة، وأسس المشروع حددت المباشرة بتطوير 5 مناطق أو رقع وأغلبها حدودية في محافظة الأنبار، تستهدف فيها فعاليات المسح الزلزالي، وهي (العنز وجنوب الرطبة وعكاشات وطوبال والوليد).
250 تريليون متر مكعب
وقال المتخصص في مجال النفط والغاز، حمزة الجواهري، إن التوقعات تشير إلى أن العراق لديه 250 تريليون متر مكعب قياسي من الغاز المحتمل، ما يجعله من الدول الأساسية لإنتاج الغاز بالعالم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف الجواهري، "الغاز يحتل المرتبة الثانية بعد الطاقة الخضراء المتجددة لتأثيره المنخفض في الانبعاثات الغازية الدفيئة، بالتالي فإن مستقبل الغاز أوسع"، مشيراً إلى أن التوقعات تشير إلى أن العراق يضم 250 تريليون متر مكعب قياسي محتمل وجوده بالمنطقة الغربية.
وبحسب الجواهري، فإنه كان يطالب باستمرار المسؤولين المعينين في وزارة النفط، ومنذ 20 عاماً، باستكشاف الغاز في المنطقة الغربية من العراق، كونه كان ضمن الفريق العراقي السوفياتي عام 1979 الذي عمل دراسة موسعة تُعنى بالنفط والغاز، وبذلك يدرك أهمية استثماره.
ولفت إلى أن الجهد الوطني ليست لديه الخبرة في استثمار الغاز، مبيناً أن استثمار هذا الغاز يجب أن يكون من خلال الجهد الأجنبي ليكتسب العراق خبرة في تطوير وإنتاج الغاز.
استكشاف الغاز
بدوره، قال مستشار محافظة الأنبار، عزيز الطرموز، إن فرقتين استكشافيتين بدأتا الاستكشاف عن الغاز في المحافظة، مؤكداً أن الوضع الأمني مهيّأ لاستقبال الفرق الاستشكافية والشركات الاجنبية مستقبلاً.
وأضاف الطرموز، أن المحافظة شكّلت لجنة تنسيقية مع وزارة النفط لاستكشاف واستثمار كل الرقعة الاستكشافية في الأنبار.
العمل في رواة وحديثة والنخيب
وتابع أن وزارة النفط أرسلت الفرقة الزلزالية الأولى التي بدأت العمل بحقل رواة، وانتقلت للعمل في حديثة، والفرقة الثانية تعمل بالنخيب، داعياً وزارة النفط إلى إرسال الفرق الزلزالية الأخرى بعد اختيار وزارة النفط 5 رُقع استكشافية من بين 12 رقعة.
وقال إن "الهاجس الأمني والمخاوف من عدم تأمين الأمن المطلوب للفرق الاستكشافية أحد المخاوف لدى الوزارة، إلا أننا أكدنا على استقرار المحافظة أمنياً، وأبدينا استعدادنا لتأمين الحماية لجميع الفرق الزلزالية التي تدخل المحافظة"، مشيراً إلى أن محافظة الأنبار حالياً تختلف عما كانت عليه في أعوام 2013 و2014، ولا تتلاعب بها العصابات الإرهابية، وشعبها يرفض دخول "داعش" مرة أخرى.
انتعاش الاقتصاد
وأكد الطرموز النفع الذي سيعم العراق والمحافظة من خلال استثمار الغاز، وإمكانية تحولها إلى مُصدّرة للغاز العراقي لأول مرة، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيؤدي إلى انتعاش اقتصاد البلد وتوفير فرص العمل لكل محافظات العراق، ومن ضمنها الأنبار، فضلاً عن تشكيل شركة غاز الأنبار وإنشاء صناعة غازية ضخمة في العراق.
ووقّع العراق مند 2009 سلسة من العقود مع شركات النفط العالمية لتطوير حقوله في مناطق جنوب ووسط البلاد لتركز على محافظات البصرة وميسان وواسط وذي قار، ثم توسعت للاستكشاف عن احتياطات نفطية جديدة في محافظات المثنى والنجف والأنبار.
وتمكنت جولات التراخيص من رفع إنتاج النفط العراقي الذي بلغ أدنى مراحله في عام 2007 بمليون ونصف المليون برميل يومياً ليصل إلى أكثر من 4 ملايين برميل يومياً بعد قيام هذه الشركات بعملية تطوير شاملة لحقول النفط العراقية في جنوب البلاد في مختلف نواحي هذا القطاع إنتاجاً وتصديراً واستخراجاً، لكنها وجّهت بانتقادات لاذاعة من قبل ساسة منذ سنوات، والتي تشكل عليها ارتفاع تكلفتها، وتأثير هذا الأمر على إيرادات العراق السنوية من النفط.