الحلبوسي يبادر لوقف الصراع الشيعي قبل انفجاره
تصاعدت حدة الخلافات بين القوى الشيعية، بعد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي التي انتُخب خلالها رئيس البرلمان ونائباه. وما يقلق الكتل السياسية هو تحول الخلافات تلك إلى صراع على الأرض قد يهدد الأمن الذي ينعم به العراق منذ نهاية الحرب على تنظيم "داعش" في ديسمبر (كانون الأول) 2017.
فتهديدات بعض ممثلي الإطار التنسيقي بحدوث توترات في الشارع، بحجة عدم أخذ استحقاقهم الانتخابي وتحميلهم الكرد والسنة مسؤولية تفتيت ما سموه البيت الشيعي، جعلت رئيس البرلمان محمد الحلبوسي يفكر في إطلاق مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين.
وقدمت الكتلة الصدرية المكونة من 76 نائباً طلباً إلى الحلبوسي يتضمن إعلانها الكتلة الكبرى في البرلمان، ما يعطيها وفق الدستور حق ترشيح الشخصية المكلفة لتشكيل الحكومة.
وعلى الرغم من محاولة الإطار التنسيقي تقديم نفسه الكتلة الكبرى في مجلس النواب، وهي مكونة من 88 نائباً، فإن خمسة نواب مستقلين نفوا الانضمام إلى الإطار، وأكدوا عدم صحة تواقيعهم المرفقة في الوثيقة. الأمر الذي أدى إلى تراجع صدقية الإطار في الحديث عن كونه الكتلة الكبرى شيعياً.
الوضع لا يتحمل المشاكل
وأعلن النائب عن "تحالف تقدم"، نايف الشمري، أن لدى الحلبوسي مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية، مشيراً الى أن الوضع العراقي لا يتحمل مشاكل أو خلافات سياسية.
ولفت الشمري، الذي ينتمي إلى "تحالف تقدم" الذي يرأسه الحلبوسي، إلى أن "هدف المبادرة هو إزالة الاحتقان لكون الشارع يتأثر بالخلافات السياسية التي لا تخدم المواطن"، مؤكداً "ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة في المضي قدماً في تشكيل حكومة قادرة على تجاوز الخلافات".
وأشار إلى أن "الاتصالات مستمرة ولا بد من أن يكون هناك تمهيد لمثل هذه المبادرة وتنسيق عالٍ للجلوس إلى طاولة الحوار لحل المشاكل والتعقيدات السياسية".
التقارب ضرورة
بدوره، شدد النائب عن "ائتلاف دولة القانون"، أحد مكونات الإطار التنسيقي، محمد الصيهود، على "ضرورة تقارب الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي". وفيما يصف ذلك بـ"الواجب"، ينتقد الكتل السنية والكردية بسبب "عدم حفظهما وحدة المكون الشيعي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف الصيهود أن "الكتل الشيعية تعودت منذ 2004 على الحفاظ على وحدة المكونين السني والكردي، وكانت تطلب منهما التوحد في اختيار ممثليهما سواء لرئاستي المجلس والجمهورية"، متهماً ممثلي السنة والكرد بـ"العمل على تفريق المكون الشيعي خلال الجلسة الأولى للبرلمان، فضلاً عن عدم صدقيتهم في التعامل مع الإطار التنسيقي لكونهم لم يقفوا على مسافة واحدة من الجميع".
وشدد على "ضرورة توحد الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية، لأن الرهان أصبح واضحاً وهو تفتيت وحدة المكون الشيعي"، معتبراً أن "تشكيل الحكومة على حساب استقرار البلاد سيعني الاستمرار في المسارات السابقة التي شهدت فشلاً كبيراً في تحقيق تطلعات المواطنين".
ودعا الصهيود الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية إلى "تقديم المصلحة العامة، فلا يمكن أن يسير البلد بهذه الطريقة ما لم يتوحد الطرفان"، مشيراً إلى أن "تقاربهما واجب للحفاظ على العراق واستمرار العملية السياسية".
إصرار الصدر
ورفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تشكيل تحالف مع الإطار التنسيقي إلا بعد عزل رئيس "ائتلاف دولة القانون"، نوري المالكي، مبدياً إصراره على تشكيل حكومة غالبية سياسية وليست توافقية كما جرت العادة منذ تشكيل الحكومة العراقية الأولى في 2006.
وكتب الصدر على "تويتر" عقب جلسة اختيار رئيس البرلمان، "أبارك للشعب العراقي الحبيب هذه الخطوة الأولى واللبنة الأولى لبناء عراق حر مستقل بلا تبعية ولا طائفية ولا عرقية ولا فساد، لتنبثق منه حكومة وطنية نزيهة خدمية تحافظ على سيادة البلد وقراره وتراعي شعبها وتحفظ له كرامته وتسعى لإصلاح جاد وحقيقي".
حكومة الأغلبية
وتوقع الكاتب عبد الجبار أحمد أن "الصدريين سائرون إلى حكومة الأغلبية الوطنية وقد يستقطبون بعض كتل التنسيقية"، داعياً الإطار التنسيقي إلى أن "يقنع بما حصل ويتجه إلى المعارضة".
ووصف أحمد مبادرة الحلبوسي بـ"الميتة"، مشيراً إلى أن "العرف في الدورات السابقة للبرلمان هي أن الكتلة التي تحصل على رئاسة الوزراء لا تحصل على منصب النائب الأول لرئيس البرلمان، لكون هذا المنصب يعطى لترضية بعض الكتل السياسية".
أضاف أحمد أن "منصب رئيس الوزراء إذا كان من حصة التيار الصدري فيجب ألا يكون نائب رئيس البرلمان من الكتلة نفسها"، مرجحاً أن "يقبل الصدر بالترضية مع الإطار وإشراك جزء من كتل التنسيقية".
ولفت إلى أن "الصدر سائر إلى حكومة الأغلبية السياسية، وما جرى في جلسة مجلس النواب جرى وفق إطار المحاصصة لأنه سيتم التصويت مقابل آخر".