لأول مرة في الموصل.. امرأة تعمل في توصيل الطعام
بعد تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي عام 2017، عادت مدينة الموصل لتنبض بالحياة مجدداً، فلا قيود مشددة على سكانها خصوصاً النساء منهم، ولا خوف من القتل أو التعذيب لمجرد أن يعملن، ما أدى إلى اندماجهن في سوق العمل ودخول قطاعات كانت حكراً على الرجال في السابق.
فقد قررت الموصلية مكارم هشام ذات 47 عاماً خوض غمار تجربة توصيل الطعام (ديلفري)، لتصبح من أولى النساء العاملات في هذا المجال.
مادة اعلانية
ورغم الظروف القاسية الصعبة التي لم ترحمها، إلا أنها تعمل على إيصال وجبات الطعام الجاهزة يومياً لإعالة أسرتها، بعد مقتل زوجها على يد مسلحين مجهولين في نهاية العام 2004.
"أم الديلفري"
وقالت مكارم أو كما يلقبها سكان الموصل (أم الديلفيري) لـ "العربية نت" إنها تعمل منذ عامين في هذه المهنة وتريد أن توصل رسالة للمجتمع بأن المرأة الموصلية لها القدرة على مكافحة جميع الصعاب والتحديات لإثبات نفسها ونجاحها.
كما، أشارت إلى أن الانتقادات تعمق فيها الحب لعملها ولن تزيدها إلا ثقة، طالما يؤمن لها هذا العمل لقمة العيش ويحفظ كرامتها وكرامة أولادها الذين فقدوا أباهم حيث ابنها الأصغر لم ير وجه أبيه أبدا لأنه ولد بعد شهرين من مقتله.
وأضافت أن طموحها الأول بأن تكون لها سيارة خاصة تزينها بشكل مختلف، لتعمل في مجال خدمة توصيل الوجبات أو توصيل الطلبة إلى مدارسهم.
كذلك، أكدت أنها تطمح لفتح مطعم تؤمن به لقمة العيش لولديها بالإضافة إلى فتح المجال لتشغيل عدة نساء ممن يتشابهن معها بالظروف سواء كن أرامل أو مطلقات.
فترة داعش المظلمة
إلى ذلك، أكدت أن جميع النساء والفتيات في الموصل تعرضن لقيود مشددة على لباسهن وحرية التنقل في المناطق الخاضعة لداعش قبل سنوات.
وأشارت إلى أن ذلك أدى لعزلة النساء عن الحياة العائلية والأصدقاء والحياة العامة، وكذلك ساهمت بعزلة المرأة عن العمل حيث كان العمل بالنسبة للنساء في وقت سيطرة داعش من المحرمات.
تقاليد المجتمع
وأضافت أن عادات وتقاليد المجتمع تحد من عمل النساء، مشيرة إلى أنه رغم ذلك هناك نسبة جيدة من النساء العاملات في مجالات مختلفة والفاعلات في المجتمع.
من جهتها، قالت مهية دهام، وهي صاحبة المشغل الذي تعمل فيه مكارم، لـ "العربية.نت" إن عدد النساء الأرامل والمطلقات والمحتاجات واللاتي ليس لديهن معيل ارتفع في الفترة الأخيرة، ما جعلها تفكر في كيفية مساعدتهن.
وأضافت أنها فقدت اثنين من أولادها نتيجة للمعارك، مشيرة إلى أنها تريد أن تكون امرأة قوية وتساعد النساء اللاتي فقدن أزواجهن.
فقد أوضحت أن مشغلها يضم أكثر من 25 امرأة من الأرامل والمطلقات ومن مختلف القوميات والمذاهب حيث يعملن حوالي 8 ساعات يومياً وبأجور مناسبة تعينهم على قسوة الحياة.
مشاركة متدنية للمرأة
وبحسب تقديرات منظمات محلية فإن مشاركة المرأة العراقية الاجمالية في قوة العمل تبلغ 20% فقط ولا تتوفر تقديرات مشابهة لكل محافظة عراقية بشكل منفصل.
كذلك، تعد هذه النسبة من بين أدنى معدلات مشاركة المرأة في العمل على مستوى العالم.
وفي ظل حالة عدم الاستقرار والأزمات وقيود المالية العامة والصراعات التي يشهدها العراق وكذلك انتشار الأوبئة ومنها فيروس كورونا والتي أدت مجتمعة إلى تراجع عدد الوظائف في العراق، اضطرت النساء إلى الدخول إلى أماكن عمل جديدة.