ملف المقاتلين الأجانب في العراق يعود إلى الواجهة
عاد ملف تسلل المقاتلين الأجانب في تنظيم "داعش" إلى الأضواء مجدداً، بعد العملية العسكرية العراقية التي قضت على خلية التنظيم التي هاجمت سرية للجيش العراقي في منطقة "حاوي العظيم" في محافظة ديالى، وأسفرت عن مقتل 11 جندياً.
واستهدفت الطائرات المقاتلة العراقية مكان تواجد الخلية في المنطقة ذاتها، ما أسفر عن مقتل 9 من عناصر التنظيم الذين استهدفوا الجيش العراقي، إلا أن الإعلان عن وجود ثلاثة مقاتلين عرب بين أفراد الخلية أشار بشكل واضح إلى استمرار تسلل المقاتلين الأجانب إلى داخل الأراضي العراقية، ولو بنسب محدودة، على الرغم من طرد "داعش" من العراق عام 2017، بعد ثلاث سنوات من سيطرته على عدد من المدن العراقية.
3 لبنانين
في المقابل، أعلنت وكالة الأنباء العراقية عن "مقتل 3 لبنانيين أثناء قتالهم في العراق، بالضربة الجوية التي استهدفت الخلية "الداعشية" في العظيم.
وقال المتحدث باسم القيادة اللواء تحسين الخفاجي، إن "عملية القصاص من قبل منفذي جريمة العظيم كانت عراقية خالصة وبتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة".
خندق مع سوريا
في المقابل، تعمل القوات العراقية حالياً على الانتهاء من حفر خندق حدودي متكامل مع سوريا لمنع اختراق الحدود من قبل عناصر "داعش" الذين يتسلل بعضهم بين الحين والآخر إلى الأراضي العراقية، على الرغم من انتشار أفواج حرس الحدود وبعض ألوية الجيش على طول الحدود التي تمتد أكثر من 600 كيلومتر من محافظة الأنبار وحتى معبر فيش خابور في محافظة دهوك في إقليم كردستان.
وأعلنت قيادة الفرقة "20" في الجيش العراقي منتصف هذا الشهر عن إنجاز الخندق الحدودي مع سوريا بالكامل، بعمق ثلاثة أمتار وبارتفاع ثلاثة أمتار، مشيرة إلى وضع خطط جديدة لتأمين الساتر الحدودي
وقال قائد الفرقة، العميد الركن أثير حمزة جاسم الربيعي، في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية، إن الحدود مؤمّنة مع سوريا من خلال الكاميرات الحرارية، والطائرات المسيرة على مدار 24 ساعة بحسب الاتفاقيات الدولية التي تنص على تأمين الحدود ما بين القطاعات، حرس الحدود والجيش، ومسافة 10 إلى 12 كيلومتراً، لمنع أي محاولة للتسلل على الحدود من الجانب السوري، وفي المقابل عدم السماح لأي متسلل بالخروج نحو الجانب السوري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأنشأت الحكومة العراقية بدعم من التحالف الدولي مانعاً أمنياً مع سوريا خلال الفترة الممتدة بين 2010 و2013، لمنع تسلل المسلحين إلى داخل العراق تضمن حفر خنادق وإنشاء سياج أمني، ونشر وحدات مدرعة من الجيش العراقي وقوات حرس الحدود على طول الحدود، لكن "داعش" دمره بالكامل بعد سيطرته على محافظتي الأنبار ونينوى في عام 2014.
جلب الأجانب
في سياق متصل، قال الباحث في المجال الأمني جمال الطائي، إن العملية الأمنية الأخيرة كشفت أن "داعش" في العراق لا يزال لديه عناصر من جنسيات أجنبية، ما يعني استمرار تسللهم عبر الحدود. وأضاف الطائي "أن العملية جاءت بجهد استخباري من قبل عناصر الأمن الوطني التي بدورها أوصلت المعلومة إلى قيادة العمليات المشتركة وتدمير وكر داعش الذي بيّن أن التنظيم كان لديه عناصر من جنسيات عربية"، لافتاً إلى أن "هذا الأمر يدل على أن الإرهابيين ما زالوا يتسللون عبر الحدود السورية العراقية".
وأوضح الطائي أن "الحكومة العراقية شددت الإجراءات على الحدود المشتركة مع سوريا بعد هروب السجناء من سجن الحسكة، لذلك يجب مراقبة الحدود باستمرار وتفعيل الجهد الاستخباري والطلعات الجوية، فضلاً عن تكثيف الطلعات الليلية بخاصة أن التسلل يتم ليلاً".
وتربط سوريا والعراق حدود بطول 610 كيلومترات، وفي المناطق الشمالية من الحدود على الجانب السوري تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على المناطق شمال مدينة البوكمال حتى أقصى الحدود.
المشكلات تنعش "داعش"
ورأى الخبير الأمني جمال الطائي أن المجموعات الإرهابية "تنمو وتنشط مع وجود المشكلات السياسية في العراق خلال هذه الفترة، وهذا واضح من خلال أعمال العنف الأخيرة، ومنها قصف مطار بغداد الدولي"، مشدداً على ضرورة أن يكون ضمن أولويات الحكومة ضبط الحدود، "إذ إن الخلايا الإرهابية النائمة ممكن الحد منها عن طريق مصادر المعلومات وتفعيل الجهد الاستخباري".
ردود أفعال
من جانبه، قال الخبير الأمني عدنان الكناني، إن العمليات العسكرية ضد "داعش" كان يفترض أن تجري منذ فترة، وليس بعد الخروق الأمنية، معتبراً أن العملية جاءت بناء على ردود الأفعال.
وأضاف، "الأجهزة الأمنية مشكورة لتوجيهها ضربات ضد داعش، لكننا نأمل أن تكون ردود الأفعال استباقية وعدم حصولها كرد فعل". وأكد أن الانتحاريين الأجانب مازالوا يدخلون العراق، وهناك ثغرات في الحدود البرية.
التسلل محدود
بدوره، أوضح رئيس منظمة عين الموصل أنس الطائي أن حدود المحافظة أكثر أماناً عما كانت عليه قبل سنوات. وأضاف أن حالات التسلل ليست كثيفة عبر الحدود العراقية السورية كما كان عليه الوضع عام 2014، مبيناً أن تلك السنوات شهدت تسلل الآلاف في حينها كون الحدود كانت غير مؤمنة بشكل كامل. وتمتد الحدود السورية مع محافظة نينوى إلى نحو 295 كيلومتراً، ومع محافظة الأنبار الى 325 كيلومتراً، ويوجد فيها نحو 211 مخفراً ونقطة أمنية، يقع قسم منها ضمن 50 قرية عراقية على الحدود المشتركة بين البلدين.
وبيّن الطائي أن هناك انتشاراً أمنياً على طول الحدود من قبل القوات المسلحة العراقية، وربما دخل المسلحون الأجانب بطريقة رسمية ومن ثم انظموا إلى التنظيم.