اللجوء إلى الطاقة الشمسية لري بساتين الزيتون في العراق
في بساتين الزيتون التي كانت تقع في يوم من الأيام على خط المواجهة بين إرهابيي تنظيم "داعش" والقوات العراقية، يقوم يونس سلمان وبعض المزارعين بما يعتقدون أنه مستقبل الزراعة في الشرق الأوسط، وهو تسخير قوة الشمس.
وتساعد ألواح الطاقة الشمسية التي ركبها العام الماضي بين 1500 شجرة زيتون في بستان عائلته، على توفير إمدادات الطاقة لضخ المياه والري، بما يوفر ما يكفي للإنتاج الزراعي وساعات عدة من الكهرباء يومياً لمنزلهم.
ألواح شمسية
ويقول سلمان إن الطاقة الشمسية حلّت محل عديد من براميل الوقود النفطي، التي كانت تستخدم يومياً قبل ذلك.
وتقع مزرعة سلمان قرب قرية الفاضلية في شمال العراق على مشارف مدينة الموصل.
ويحكي سلمان عن بستانه والأشجار بشغف، قائلاً "هذا كله قرم (يعني أشجاره أكبر من هذه الأشجار) نفرزها للشمعة. نسميها الشمعة، أو الأم، ونزرع منها أو نبقيها في الأرض. نقصها تقريباً نصف متر حتى تنمو بسرعة".
وأضاف أن شقيقه عمر اشترى ألواحاً شمسية بقيمة 12 ألف دولار، ثم ناشد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتمويل توسيع نطاق المشروع.
ولدى سلمان قناعة بأن الطاقة الشمسية يجب أن تكون مستقبل الزراعة والطاقة في الشرق الأوسط، حيث تطول فترات الصيف وتزداد حرارتها ارتفاعاً.
وتابع قائلاً، "المستقبل العراق يعتمد على الطاقة، خصوصاً في حال نضوب النفط. كنا نسمع في الجامعة أنه سنة 2030 أو سنة 2050 النفط سينضب في العراق. الله سبحانه وتعالى أعطانا الشمس. الشمس موجودة حتى في الشتاء".
لا كهرباء
ولا توفر شبكة الكهرباء المتداعية في العراق في العادة سوى بضع ساعات قليلة من الكهرباء كل يوم، ما يترك الكثير من العراقيين في معاناة وسط درجات حرارة في الصيف تتخطى 50 درجة مئوية.
ويحاول العراق التعافي من عقود من الصراع والعقوبات الدولية وسوء الإدارة. ودارت بعض أكثر الاشتباكات شراسة وتدميراً في المعركة لهزيمة "داعش" الذي سيطر على ما يقرب من ثلث البلاد عام 2014.
ودمر القتال الذي دار حول الموصل بين عامي 2016 و2017 أغلب البنية التحتية، بما شمل منطقة زراعية غنية سوّت الضربات الجوية البنايات فيها بالأرض.
ويعتمد العراق، إحدى أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، على تصدير النفط الخام في تدبير ما يقارب 95 في المئة من إيرادات الدولة. ويحاول تحسين اقتناص الغاز الذي ينطلق خلال عمليات إنتاج واستخراج النفط، ليحقق اكتفاءً ذاتياً أكبر من الطاقة، لكن الأمر لم يحقق نجاحاً يُذكر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتزود واردات الغاز الآتية من إيران شبكة الطاقة الكهربائية في البلاد بالوقود المطلوب، لكنها تتوقف مراراً عندما يتزايد استهلاك الطاقة.
وتدين بغداد لطهران بمليارات الدولارات مقابل واردات الطاقة. وبموجب عقوبات أميركية، فإنها يجب أن تدفع تلك الديون على هيئة أغذية وأدوية.
ويرى سلمان أن الطاقة الشمسية يمكن أن تساعد في حل كل تلك المشكلات لبلاده. وبقليل من التكلفة بخلاف التكلفة المبدئية لتركيب الألواح الشمسية، ينتج بستانه نحو 40 طناً من الزيتون سنوياً، ويبيع بعض الإنتاج لتركيا ودول الخليج.
اتفاقات طاقة
ويقول عن الإنتاج بعد أن زاد "الحمد لله. هذا رزق الكل. رزق الفلاحين، رزق المزارعين، رزق العمال. والفلاحون والمزارعون يوزعون الزكاة. كلهم يوزعون زكاة الزيتون".
ويرى سلمان أن زراعة الزيتون متأصلة في المنطقة حتى وإن كانت على نطاق ضيق لدى بعض الأسر، "عندنا تقريباً 700 بستان بالفاضلية، حتى اللي زارع في البيت يستطيع اللجوء للطاقة الشمسية".
ووقّع العراق اتفاقات عدّة لتأسيس محطات للطاقة الشمسية منها مع شركات من الإمارات والنرويج وفرنسا والصين.
ولم ترد الحكومة العراقية بعد على طلب التعليق.
واتّسم التقدم في مسألة توسيع نطاق الاعتماد على مصادر الطاقة المستدامة بالبطء حتى الآن، لكن مسؤولين في وكالات دولية معنية بالمساعدات يأملون في أن مشروعات مثل تلك قد تساعد في إحداث تغيير، وخصوصاً في الدوائر الرسمية.