الحكومة “تعمّق” أزمة السكن بخطوات من المفترض انها “حلول”.. ما الهدف من مجمعات الاستثمارية “العصيّة” على معدومي السكن؟
يس عراق: بغداد
تبرز مشكلة السكن في العراق، كأبرز المشاكل المستعصية والتي يرجعها أصحاب الشأن إلى “سوء التخطيط الحكومي”، وعلى رأس سوء التخطيط هذا قيام الحكومة بتعميق الأزمة من خلال خطوات من المفترض انها لحل الأزمة.
وبينما يتفق الخبراء والمختصون أن حل أزمة السكن تتلخص بزيادة المعروض، وذلك بقيام الحكومة على توسيع المدن عبر انشاء مناطق جديدة في محيط المدن واطرافها ومدها بالخدمات الاساسية والطرق فقط، ومن ثم عرض القطع للبيع على المواطنين بالتقسيط.
إلا أن الحكومة بدلًا من ذلك، وربما تحت مبرر “عدم امتلاك الاموال الكافية لانشاء الخدمات”، اتجهت نحو فتح الاستثمار لانشاء مجمعات سكنية، إلا أن هذه المجمعات يبدو أنها تحولت لسبب “يعمق” ازمة السكن والخدمات ويضغط عليها بدلًا من حلها.
وتمنح هيئة الاستثمار اجازات لبناء المجمعات السكنية دون تفاصيل واضحة للرأي العام حول الية منح هذه الاجازات والاراضي الى المستثمرين أو الشروط التي تفرضها عليهم الهيئة، والتي يتضح انه ليس هناك شروط، فالشرط الاول الذي يجب ان يتوفر اتساقا مع ادعاء ان هذه المجمعات لحل ازمة السكن، هو ان تكون اسعار هذه الوحدات متناسبة مع متوسط دخل العراقيين واؤلئك الذين لايمتلكون سكنًا.
وبدلًا من انشاء هذه المجمعات السكنية في مناطق حول حدود العاصمة بغداد على سبيل المثال لتوسيع المدن، تعطي هيئة الاستثمار اجازات بناء هذه المجمعات في وسط العاصمة، وهو ما يعمق أزمة ارتفاع اسعار هذه الوحدات، وزيادة الضغط على شوارع العاصمة والخدمات فضلا عما تتسبب به من ازدحامات وتكثيف البشر في رقعة صغيرة، حيث يتكدس نحو 42 مجمعا استثماريًا في العاصمة بغداد معظمها داخل ووسط العاصمة، وبوحدات سكنية تقارب الـ100 الف وحدة سكنية، اي تضم قرابة النصف مليون شخص.
التخطيط تمتنع عن التخطيط وتكتفي بـ”الدعوة”!
وهذا ما تحدثت به واعترفت به وزارة التخطيط، التي من المفترض ان تكون مسؤولة ولها القول الفصل في عمليات التخطيط وتحديد اماكن انشاء المجمعات والمباني، إلا أنها اكتفت بـ”الدعوة”، حيث بدلا من التوجيه بهذا الشأن اكتفى وزير التخطيط خالد بتال النجم بأنه “دعا الى عدم منح الاجازات الاستثمارية الخاصة ببناء المجمعات السكنية في المناطق المكتظة داخل بغداد”.
وبحسب بيان وزارة التخطيط فأن “وزير التخطيط خالد بتال النجم، دعا الجهات ذات العلاقة، الى عدم منح الاجازات الاستثمارية الخاصة ببناء المجمعات السكنية، في مناطق محددة في العاصمة بغداد (قلب العاصمة)”، عازيا ذلك الى ان “انشاء مثل هذه المجمعات تسببت بزيادة الضغط على خدمات البنى التحتية للمدينة، فضلا عن زيادة الاختناقات المرورية وزيادة اسعار الوحدات السكنية في بعض المجمعات الى اسعار غير معقولة وليست بمتناول اغلب المواطنيين”.
ويفرض المستثمرون اسعارا وصفت بـ”الخيالية” للوحدات السكنية في بغداد، على سبيل المثال فأن الوحدة السكنية في المجمعات الاستثمارية داخل العاصمة بغداد وبمساحة 100 متر، يقارب سعرها الـ200 الف دولار، اي اكثر من 290 مليون دينار، وبدفعات لاتتجاوز الـ5 سنوات او اقل، مايعني انه يتطلب دفع 5 ملايين شهريًا كقسط، وهو رقم “خيالي” بالنسبة للشرائح التي تعاني من ازمة سكن فعلًا، وهو مايطرح تساؤلات عن “الدافع الحقيقي وراء بناء هذه المجمعات اذا لم تكن لحل ازمة السكن؟”.
شارك هذا الموضوع: