اعتقال التجار.. إجراء حكومي قد يرفع أسعار المواد الغذائية أكثر
ألترا عراق ـ فريق التحرير
لا زالت أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية تلقي بظلالها على ما يسمى بـ"الفئات الهشة" في المجتمع العراقي، فيما حاولت الحكومة أن تتخذ عدة إجراءات لمواجهة الأمر، لكنّ الأسعار لم تنخفض، بل أنّ خبراء اقتصاديين رأوا في الإجراءات دافعًا لبقاء الأسعار مرتفعة، محذرين من ارتفاعها أكثر في الأيام المقبلة.
يجزم مدير العمليات المالية السابق في البنك المركزي العراقي بعدم وجود احتكار للمواد الغذائية في العراق
وشهدت الأسواق العراقية ارتفاعًا متسارعًا في أسعار معظم المواد الغذائية الرئيسية، وأبرزها الزيت والطحين، إذ بلغ سعر قنينة الزيت نحو 5 آلاف دينار عراقي (نحو 3.5 دولارات)، بعد أن كان سعرها نحو 2100 دينار، كما ارتفع سعر كيس الطحين إلى 60 ألف دينار، بعد أن كان سعره 15 ألف دينار.
اقرأ/ي أيضًا: شلل للقطاع الخاص وحرمان الموظفين من الاستحقاقات.. هل يمر عام 2022 بلا موازنة؟
آخر إجراءات الحكومة في محاولة السيطرة على أسعار المواد الغذائية كان في إلقاء القبض على التجّار، حيث أعلنت وزارة الداخلية في 20 آذار/مارس القبض على 30 تاجرًا من "المتلاعبين بالأسعار" وفق وصفها.
إجراء قد يرفع الأسعار أكثر
ويستغرب محمود داغر، وهو مدير العمليات المالية السابق في البنك المركزي العراقي من قيام الحكومة بإلقاء القبض على التجّار، قائلًا: "من الغريب أن تختار الدولة نظام اقتصادي حر ثم تقوم بهذا الإجراء".
ويجزم داغر خلال حديثه لبرنامج "المحايد" الذي يعرض على القناة الرسمية وتابعه "ألترا عراق"، بـ"عدم وجود احتكار في العراق، لأنّ قاعدة الاحتكار برأيه أن "يكون هناك عدد قليل من التجار، وفي العراق هناك أعداد كبيرة لا تسمح أن ينشأ الاحتكار"، مؤكدًا أنّ "ارتفاع الأسعار ليس دليلًا على الاحتكار".
ويتفق الباحث في الشأن السياسي والاقتصادي رمضان البدران مع داغر، حيث أنّ "إجراء القبض على التجار هو إجراء غير موفق لأن السوق هو من يحدد الأسعار، وسوق العراق فيه 40 مليون نسمة ولا يمكن أن يتصرف في سوق كهذا تاجر معين".
وما يمر به العراق هو نوع من الأزمات التي ضربت العالم وحتمًا سينعكس على السوق، بحسب محمود داغر الذي يرى أنّ "احتمالات استمرار الحرب يمكن أن يكبر الأزمة وهذا لا بدّ أن يدفع لملء المخازن لستة أشهر وعدم زج التجار بهذه القضية".
ويقترح داغر إيقاف ظاهرة ارتفاع الأسعار بـ"خزين السلع الأساسية، وتأمين سلة المواطن الغذائية وحصته التموينية لـ12 شهرًا بدل أن يكون التأمين لثلاثة أو أربعة أشهر كما حدث في العام 2021".
وإجراء القبض على التجّار ـ والكلام لداغر ـ هو دليل على عدم وجود خزين استراتيجي، لافتًا إلى أنّ "استمرار إجراء القبض على التجار دون أن ننافس السوق بإنزال وجبات للفئات الهشة سيرفع الأسعار أكثر".
يرى رمضان البدران أنّ التاجر العراقي بريء لأنه يتاجر بأمواله والمواد التي يرفع أسعارها ليست مدعومة من الدولة
أما النائب عن دولة القانون، محمد راضي الزيادي، فاعتبر أن إجراء القبض على التجار هو من "الحلول الوقتية وغير الواقعية"، مبينًا أنّ "العراق غير قادر على تأمين الأمن الغذائي من 2003 وإلى هذه اللحظة".
اقرأ/ي أيضًا: نفط العراق أمام "تهديد وجودي".. وسومو ترفض خيارات تجنب الخسارة الكبيرة
ويعتقد الباحث في الشأن الاقتصادي رمضان البدران أنّ "إجراءات الحكومة في رمي اللوم على التجار هو خطأ كبير وفكرة بائسة، وهناك تضخم عالمي جراء ارتفاع اسعار الوقود والعراق مستفيد من هذا التضخم".
وأول أسباب تعمّق الأزمة في العراق ـ بحسب البدران ـ "تغيير سعر الصرف وهو بسبب الحكومة"، مبينًا أنّ "هناك تخبط وارتجالية في القرارات الاقتصادية بالعراق".
ويرى البدران أنّ "التاجر العراقي بريء إلى حد ما، لأنه يتاجر بأمواله والمواد التي يرفع أسعارها ليست مدعومة من الدولة، متسائلًا عن "المعيار الذي يصدره القاضي في القبض على تاجر ما".
وتبرّر وزارة الداخلية، إلقاء القبض على التجّار بأنّ هناك بعض مواد قانون العقوبات العراقي رقم 111 سنة 1969 المعدل تجرّم عملية تخزين المواد واحتكارها بغية رفع قيمتها، مؤكدةً "تصل العقوبة في هذا إلى ثلاث سنوات سجن".
ويقول المتحدث باسم وزارة الداخلية، خالد المحنا، إنّ "كل أزمة يمر فيها العراق هناك من يحتكر المواد الغذائية ويتسبب بشحة آنية في السوق وهي محاولة للتكسب على حساب المواطن العراقي".
ويتحدث المحنا عن توصل الداخلية لمعلومات بشأن أشخاص "أغلقوا مخازنهم بغية احتكار السلع والمواد الغذائية الضرورية، مبينًا "تم ضبط أكثر من 32 شخصًا مع الأدلة والوثائق الخاصة بإدانتهم".
لكنّ التجّار لم تصدر أوامر قبض بحقهم، ويعلّل المحنا الأمر بأنّ "لدى أجهزة إنفاذ القانون وفي حالات الجرائم المشهودة جواز قانوني بعملية الضبط السريع ومن ثم عرض الأوراق على قاضي التحقيق".
اقرأ/ي أيضًا:
النفط العالمي يقترب من خسارة كل مكاسبه الأخيرة.. وارتفاع للخام العراقي
هبوط جديد.. أسعار النفط في أدنى مستوى منذ 3 أسابيع