اخبار العراق الان

عاجل

رغم أزماته... العراق وجهة اللبنانيين "الأمثل"

رغم أزماته... العراق وجهة اللبنانيين
رغم أزماته... العراق وجهة اللبنانيين "الأمثل"

2022-04-03 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية


في أحد أيام ربيع 2021، حمل أكرم جوهري أمتعته وجواز سفره اللبناني، صعد الطائرة من بيروت إلى بغداد من دون خطة مسبقة، بحثاً عن عمل، بعدما بات راتبه في لبنان لا يعيل عائلة من طفلتين ووالدين متقدمين في السن.

نتيجة الأزمة المتواصلة في لبنان منذ نحو عامين، التي صنفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، لم يعد راتب أكرم البالغ من العمر 42 سنة، يساوي 100 دولار مع تدهور قيمة العملة اللبنانية بنحو 90 في المئة. فاختار، على غرار عديد من اللبنانيين، السفر.
ترك عمله في لبنان، وشكلت بغداد الخيار الأكثر بديهية بالنسبة إليه: مدينة قريبة فيها حركة اقتصادية ناشئة، وتستقبل اللبنانيين بتأشيرة دخول على المطار.

80 في المئة تحت خط الفقر
ويروي أكرم من المقهى الذي بدأ بإدارته منذ نحو شهر في أحد شوارع وسط بغداد التجارية لوكالة الصحافة الفرنسية، "لم يكن لدي الوقت الكافي لأبحث عن عمل في الخليج. كان لا بد من أن أقوم بخطوة سريعة. جئت إلى بغداد وبدأت بالبحث عن عمل على (إنستغرام)"، إلى حين حصل على الوظيفة.
وتخنق الأزمة الاقتصادية الحادة التي بدأت منذ أكثر من سنتين، اللبنانيين، وقد بات 80 في المئة منهم تحت خط الفقر.
وبين يونيو (حزيران) 2021، وفبراير (شباط) 2022، دخل أكثر من 20 ألف لبناني العراق، وفق السلطات العراقية، من دون احتساب الزوار الذين يأتون إلى النجف وكربلاء.
ويشرح السفير اللبناني في العراق علي حبحاب، أن حركة اللبنانيين إلى العراق "تضاعفت أخيراً، وزادت بشكل مطرد، لا سيما في مجال القطاع الصحي"، إذ ينطبق ذلك خصوصاً على "عشرات الأطباء اللبنانيين الذين يقدمون خدمات، ويعدون زائرين في المستشفيات والمراكز الطبية العراقية".

تقارب ثقافي ولغوي
ويرى الخبير الاقتصادي العراقي علي الراوي أن هناك "مساحة كبيرة وفرصاً أكبر للشركات اللبنانية في الاقتصاد العراقي"، لأن "أغلب الشركات الأجنبية تتخوف من الاستثمار" في البلاد بسبب "الصورة المأخوذة عن الوضع الأمني".
ويضيف الخبير أن الشركات اللبنانية "أكثر احتكاكاً بالاقتصاد العراقي، وتعرف جيداً البيئة الاستثمارية ومتعايشة معها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ويسهم في تسهيل استقرار الشركات اللبنانية التقارب الثقافي واللغوي بين لبنان والعراق. وللمفارقة، يتشابه أيضاً كثيراً الوضع السياسي والتركيبات الطائفية وانتشار الفساد في البلدين.
ولوقت طويل، حرم تدهور الوضع الأمني العراق من الاستثمارات، ومن أن يكون وجهةً للعمل، لا سيما بعد الغزو الأميركي في عام 2003، ثم النزاعات الطائفية، وسيطرة تنظيم "داعش" والعنف الذي تلاها.
اليوم، تعود الحياة تدريجاً إلى شوارع بغداد التي شهدت فظائع دامية خلال السنوات الماضية، إذ تفتح المقاهي أبوابها حتى وقت متأخر في الليل، فيما مراكز التجميل والعيادات الطبية منتشرة في كل الزوايا.
لكن هذا النبض الجديد يترافق مع نقص في الخبرات ومع أزمات معيشية عميقة في بلد يعتمد بإيراداته بنسبة 90 في المئة على النفط.
ويعاني العراقيون أنفسهم أيضاً من الفقر والبطالة وتدهور البنى التحتية، إذ تبلغ نسبة البطالة بين الشباب 40 في المئة، وثلث سكانه البالغ عددهم أكثر من 40 مليون نسمة يعانون من الفقر، بينما يسعى عدد كبير منهم، على غرار اللبنانيين، إلى الهجرة.
فضلاً عن ذلك، يواجه القطاع الصحي خصوصاً في العراق، مشكلات عدة تدفع كثيرا من العراقيين إلى التوجه نحو الدول المجاورة مثل إيران وتركيا ولبنان، لتلقي العلاج.

نقص في الكادر الطبي
وكان عدد كبير من زبائن مركز بيروت التخصصي لطب العيون في لبنان من العراقيين، كما يشرح مديره الإداري مايكل شرفان من بغداد. وبدأت الأزمة تؤثر على عمل المركز في لبنان، وراح يتكبد خسارات هائلة. في 2020، يشير شرفان إلى أن "أطباء كثر تركوا لبنان ونحن خسرنا أطباء".
عندها، شكل العراق الوجهة المثالية: السوق غير مشبع، والتكوين الديموغرافي ملائم، والخدمات التي يقدمها المركز غير موجودة في العراق، كما يشرح شرفان.
وفّر وجود المركز الذي افتتح قبل عام، على المرضى العراقيين السفر إلى بيروت، لكنه شكل أيضاً "متنفساً" لعديد من الأطباء اللبنانيين، وتعويضاً لخسارات تكبدها المركز بسبب الأزمة في لبنان.
ويقول شرفان "أطباؤنا يأتون إلى هنا على أساس المداورة، كل أسبوع يأتي طبيب أو اثنان، يقومون بمعاينات وعمليات، يكسبون بعض المال ثم يعودون إلى لبنان، ما يعوض عليهم بعضاً من خسارتهم".
في الوقت نفسه، يوفر المركز خدمات للمرضى العراقيين غير متوفرة في العراق. ويقول الطبيب العراقي محمد حمزة أحمد الذي يعمل أيضاً كطبيب زائر في المركز، "هناك عدد من الجراحات غير متوافرة في العراق، يؤمنها حالياً هذا المركز".

الابتعاد القسري
وتوجد في العراق حالياً أكثر من 410 شركات لبنانية تعمل في مجالات مختلفة مثل قطاعات التعليم والبناء والسياحة كالمطاعم والفنادق. أما في إقليم كردستان، فتوجد أكثر من 500 شركة، وفق السفير اللبناني، لا سيما في إربيل والسليمانية.
وعلى الرغم من أنه قادر على تأمين معيشة جيدة لعائلته نتيجة عمله في بغداد، لكن ذلك يأتي بطعم من المرارة بالنسبة إلى أكرم. يؤلم الرجل كثيراً عدم قدرته على رؤية ابنتيه تكبران أمامه. ويقول "أحزن كثيراً لأنني لا أستطيع أن أشاهد ابنتي الرضيعة البالغة من العمر شهرين".
لكن قرب المسافة بين البلدين، يسهل هذه المشقة بعض الشيء. ويقول "أستطيع كل شهر أن أسافر وأرى عائلتي".

رغم أزماته... العراق وجهة اللبنانيين