عيد الفطر... فرحة متعددة الروائح والنكهات
الأطفال والعائلات بكل طبقاتها، وعلى اتساعها في كل الدول الإسلامية، أو أي حي يتواجد المسلمون فيه حول العالم، ينتظرون عيد الفطر بعد انتهاء رمضان من كل عام. فالعيد مناسبة لاجتماع الأقارب والجيران والأهل والأصحاب والأطفال مع أقرانهم للاحتفال والتعبير عن الفرح والسعادة.
في العيد تتم تقوية صلات القربى بين المتباعدين لأسباب العيش والعمل والانتقال والهجرة، ويكون سبباً للاجتماع وتبادل الهدايا والذكريات، ولإقامة الشعائر وممارسة العادات وصناعة الحلوى والأطعمة والموائد المختصة بالعيد، أما الأطفال فينتظرون عيد الفطر من سنة إلى أخرى، ففيه يشتري لهم الأهل ثياباً جديدة وهدايا، ويحصل الأولاد على "العيدية" من الأهل والأقارب، وهذه العيدية تختلف من ثقافة إلى أخرى في الدول الإسلامية، فمرة تكون عبارة عن مال نقدي أو هدايا متنوعة.
وهناك عادات كثيرة في عيد الفطر تختلف من بلد إلى آخر، من نوع الملابس المخصصة للعيد، وكذلك الطعام الذي يحضر للاحتفال، واجتماع الناس حوله من الأقارب والأهل والجيران. نستعرضها في التقرير التالي.
هناك عادات كثيرة في عيد الفطر تختلف من بلد إلى آخر (أ ف ب)
كعك الفلسطينيين والزي المغربي
في العيد يحضر الفلسطينيون الكعك ويشترون الحلوى والمكسرات والفواكه، إضافة إلى تقديم القهوة، كما يحرصون على تزيين طاولة العيد بالحلويات والمأكولات المتنوعة لتقديمها لضيوفهم. وتعد حلوى "الغريّبة" من الأطباق الرئيسة التي تتجسد فيها عادات وتقاليد العيد في فلسطين، وهي عبارة عن كعك مكون من الزبدة والدقيق والجوز والصنوبر واللوز.
أما في المغرب فيستقبل السكان العيد بالصلاة الصباحية بعد ارتداء الزي المغربي التقليدي ويتبادلون التحية مرددين "عواشركم مباركة" ويكبّرون، ثم يتوجهون لمعايدة الأقارب، ومن عاداتهم أيضاً تناول مجموعة من حلويات العيد الخاصة وبعض المأكولات الشهية، مثل لاسيدا، وهي عبارة عن طبق حلويات مكون من الكسكس مع العسل والزبدة المتبلة ببعض أنواع التوابل ذات الرائحة الفواحة. والطاجن وهو طبق مشهور في بلاد المغرب العربي، ويتم تحضيره بالدجاج أو اللحم مع الفواكه المجففة.
المجبوس الإماراتي والكبسة السعودية
وفي الإمارات تتزين الموائد بالمجبوس، وهو مؤلف من الأرز مع الدجاج أو اللحمة المتبلة بالبهارات العربية، وهناك الثريد المشهور في التراث الإسلامي، ويتكون من اللحم وبعض أنواع الخضار، مثل الكوسا والباذنجان والبطاطا والجزر والفلفل الرومي، ولا ننسى الباقة العطرية من البهارات والمطيبا.
لعيد الفطر فوائده الاجتماعية والاقتصادية (أ ف ب)
أما في السعودية فتشمل عادات وتقاليد العيد مجموعة من الأطباق الرئيسة والحلويات، وأهمها السليق، وهو عبارة عن طبق من الأرز والحليب المطبوخ مع لحم الخروف وبعض البهارات، التي تشمل القرنفل والهال والكزبرة والزبدة والقرفة، وأكلة الكبسة الشهيرة، التي يعرفها كل من زار السعودية، فهي من أشهر الأطباق المعروفة في دول الخليج بشكل عام وفي السعودية بشكل خاص، وتتكون من الأرز والدجاج والبهارات المميزة. أما الدبيازة فهو طبق حلويات محضر من قمر الدين والسكر والمشمش والتين والزبيب والبهارات المعطرة، مثل القرفة والهال.
ويحمل الأطفال في السعودية سلال الحلوى لتوزيعها على المصلين فرحة بقدوم عيد الفطر، كما ينتظر الأطفال قدوم العيد للخروج والتنزه في الحدائق والبساتين والملاهي وممارسة الألعاب المختلفة، مثل المراجيح والدراجات والسيارات واللعب بالكرة في الحدائق مع عائلاتهم، حيث يشعر الأطفال بمتعة كبيرة وسعادة غامرة.
وتنقل الأسر السعودية عاداتها التاريخية إلى أطفالها، ومنها حوامة العيد، التي تعد تراثاً قديماً، حيث يرتدي أطفال الحي من الجنسين مجتمعين أو منفصلين الملابس التراثية المخصصة للعيد وتتزين البنات بالحناء، ويتجولون على منازل الحي عقب صلاة العيد يطرقون الأبواب للحصول على العيدية، التي تتنوع بين النقود والحلوى.
في مصر، إحدى الدول الإسلامية الكثيفة سكانياً، تنتشر مظاهر العيد في كل مكان، من شرفة المنزل إلى الساحات العامة والأحياء وفي كل زاوية من المدن والبلدات، فالمصريون مولهون بالأعياد ومعروفون بحبهم للفرح والسرور والاحتفال والتضامن الاجتماعي وتقديم المساعدة لبعضهم بعضاً.
الكليجة العراقي والحلويات السورية
ويشتهر العراق بطبق "الكليجة"، الذي يشبه طبق المعمول إلى حد كبير، حيث يتألف من عجينة خاصة محشوة بالتمر أو الجوز المعطر بماء الورد أو الراحة المصنوعة من السكر والمواد حلوة الطعم.
بينما يشتهر لبنان بأطباق الحلويات الجافة أو التي يضاف لها القطْر، ويتم تقديمها للضيوف في أطباق مميزة وبطريقة فريدة، ومنها حلاوة الجبن، وهي من أشهر الحلويات اللبنانية، وتتكون من طبقة رقيقة من العجينة الممزوجة بالجبن والمحشوة بالكريمة ومزينة بالمكسرات.
وفي سوريا تتزين الموائد بألذ الأصناف الدمشقية ذات النكهة الأصيلة، إلى جانب الحلويات المختلفة، مثل الكعك والبرازق.
يحرص المسلمون على إظهار السرور في الأعياد (أ ف ب)
بولاني الأفغان
يحتفل الأفغان بالعيد بتزيين موائدهم بطبق شهير يدعى بولاني، الذي يتكون من الخبز المسطح المحشو بالخضروات الورقية وغيرها. ووفقاً للتقاليد، تتجمع الأسرة الواحدة بأكملها في بيت واحد لتناول الغداء أو العشاء في العيد، إلى جانب عديد من الأطباق الأخرى، إلا أن البولاني يعد أحد العناصر الثابتة في قائمة أطباق العيد بهذه البقعة من العالم.
إندونيسيا، وهي الدولة الأكثر عدداً للمسلمين في العالم، تشتهر بطبق الحلويات "لابيتس ليجيتس"، الذي يتألف من طبقات عدة من العجين المشوي المضاف إليه بعض أنواع التوابل.
كما يصنع الإندونيسيون طبق الريندانج المكون من اللحم المتبل بأنواع من البهارات الحارة مع حليب جوز الهند، ويشتهر هذا الطبق أيضاً في ماليزيا وبروناي والفيليبين.
ماليزيا، هي أيضاً من الدول الإسلامية الكبرى بعدد سكانها، تشتهر بطبق الريندانغ، وهو عبارة عن اللحم أو الدجاج مع كاري جوز الهند الحار. وفي الهند وباكستان وبنغلاديش تصنع حلوى لاتشتشا، وهو طبق من المعكرونة الشعيرية الحلوة ممزوجة بالحليب والفواكه المجففة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
البقلاوة في تركيا
ومن عادات العيد في تركيا تقديم البقلاوة للزوار، ويبدأ عيد الأتراك بصلاة العيد ومن ثم التوجه إلى بيوت كبار السن لتهنئتهم وإعطاء الأطفال العيدية التي تشتهر في البلدان العربية، وتحديداً في المشرق العربي، وربما هي عادة متوارثة من أيام العثمانيين، كأن تعطى صدقة العيد للأطفال لإضافة مزيد من الفرح على هذا اليوم، الذي ينتظرونه من عام إلى آخر.
ومن الأطباق، التي تشتهر بتقديمها البيوت التركية لزوارها، نذكر طبق اللقم الذي يتكون من نشاء وسكر وفواكه مجففة، وبالطبع البقلاوة التركية الشهيرة عبر العالم. هذا على الرغم من الخلاف حول أصل البقلاوة، حيث تعتبر دول عدة ومدن مشرقية أن أصل البقلاوة، كما حال دمشق وطرابلس اللبنانية وطرطوس وبعض المدن الفلسطينية التي تنسب البقلاوة لها.