"أوبك +" يقر زيادة إنتاج النفط بـ 648 ألف برميل يومياً
في قرار مفاجئ للأسواق النفطية، ويفوق توقعات المراقبين، وافق تحالف "أوبك+"، اليوم الخميس 2 يونيو (حزيران)، على زيادة الإنتاج 648 ألف برميل يومياً في يوليو (تموز) والكمية ذاتها في أغسطس (آب)، وهو ما يتخطى الزيادات الشهرية السابقة، البالغة 432 ألف برميل يومياً بنسبة 50 في المئة.
جاء ذلك في أعقاب الاجتماع الوزاري الـ29 للتحالف، الذي يضم الأعضاء الـ13 في "منظمة الدول المصدرة للنفط" "أوبك" بقيادة السعودية، والدول العشر المتحالفة معها، ومن بينها روسيا، الذي عُقد افتراضياً عبر تقنية "الفيديو كونفرانس" في فيينا مقر التحالف.
القرار جاء متزامناً مع اعتماد دول الاتحاد الأوروبي حظراً جزئياً على النفط الروسي، وفي محاولة لتعويض انخفاض إنتاج الخام في موسكو، الذي تضرر نتيجة العقوبات الغربية بعد الحرب الأوكرانية، بما يصل إلى ما بين 2 إلى 3 ملايين برميل يومياً، وفقاً لمحللين.
حظر النفط الروسي
قرار التحالف يأتي بعد ضغوط متواصلة منذ أشهر من قبل كبار المستهلكين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، التي رحبت بالقرار فور صدوره. كما يأتي في أعقاب اتفاق زعماء الاتحاد الأوروبي على حظر جزئي للنفط الروسي عبر وقف واردات الخام الواردة من موسكو، التي تُنقل بالسفن تدريجاً، أي ثلثا المشتريات الأوروبية بحلول نهاية 2022.
ويعتبر هذا الحظر جزءاً من حزمة من العقوبات الأوروبية السادسة على روسيا منذ هجومها على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي، فيما يُعدّ أشد عقوبة حتى الآن يفرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو. وتعفى من الحظر واردات النفط عبر خطوط أنابيب من روسيا كامتياز للمجر.
دعوات زيادة الإنتاج
وتضغط دول مستهلكة كبرى بقيادة الولايات المتحدة على التحالف لتعزيز الإنتاج بوتيرة أسرع من أجل السيطرة على الارتفاع المتسارع لأسعار الطاقة على المستوى العالمي، خصوصاً مع فرض عقوبات غربية على الإنتاج الروسي.
وطلبت الدول الغربية التي تواجه معدلات تضخم قياسية تهدد النمو الاقتصادي من المنظمة مراراً تسريع زيادات إنتاجها، لكن أعضاء المنظمة رفضوا تلك الدعوات، مؤكدين أن سوق النفط متوازنة، وأن الزيادات الأخيرة في الأسعار لا تتعلق بالعوامل الأساسية.
ويعني ذلك تسريع تحالف "أوبك+" الجدول الزمني لاستعادة مستوى إنتاج النفط لما كان عليه قبل تفشي كورونا، إذ وزع الزيادة التي كانت مقررة لشهر سبتمبر (أيلول)، والبالغة 432 ألف برميل يومياً، على الشهرين السابقين عليه مناصفة.
وبذلك، ينتهي إلغاء خفض الإنتاج التدريجي الذي اتفق عليه التحالف في أعقاب الجائحة في أغسطس، بدلاً من سبتمبر المقبل، إذ كان من المفترض أن تلتزم دول التحالف زيادة الإنتاج الشهرية بـ432 ألف برميل يومياً، لكن التطورات الجيوسياسية الأخيرة استلزمت تغييراً في سياسة الإنتاج.
أسواق مستقرة ومتوازنة
وفي بيان صحافي صدر عقب الاجتماع، أكد التحالف أهمية وجود أسواق مستقرة ومتوازنة للنفط الخام والمنتجات المكررة، مشيراً إلى إنهاء عمليات الإغلاق الناجمة عن كورونا في المراكز الاقتصادية العالمية الرئيسة، متوقعاً أن يزداد استهلاك المصافي العالمية بعد الصيانة الموسمية.
وقرر التحالف تمديد مدة التعويض حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2022، على النحو المطلوب من قبل بعض الدول ذات الأداء الضعيف، على أن تقدم هذه الدول خططها بحلول 17 يونيو الحالي.
ومن المقرر عقد الاجتماع الجديد رقم 30 لوزراء التحالف، الذي ينتج أكثر من 40 في المئة من المعروض العالمي، في الثلاثين من يونيو الحالي، لمناقشة السياسة الإنتاجية في أغسطس 2022.
حصص الإنتاج المقررة
وأصدر تحالف "أوبك+" حصص إنتاج النفط المقررة لشهر يوليو، وجاءت الزيادة الإضافية بشكل أساسي من العراق والإمارات والكويت، في حين تمت المحافظة على مستوى زيادة الإنتاج لكل من السعودية وروسيا.
وبموجب حصص الإنتاج المقررة، سيزيد إجمالي إنتاج النفط في السعودية وروسيا، بمقدار 170 ألف برميل يومياً الشهر المقبل ليصل إلى 10.833 مليون برميل يومياً لكل منهما. كما سيرتفع إنتاج الجزائر بنحو 16 ألف برميل إلى 1.039 مليون برميل يومياً.
وسيصل إنتاج العراق إلى 4.580 مليون برميل يومياً، بزيادة 71 ألف برميل عن الشهر الحالي، كما سيرتفع إنتاج الإمارات بمقدار 52 ألف برميل إلى 3.127 برميل يومياً.
ترحيب أميركي
ورحبت الولايات المتحدة بإعلان تحالف "أوبك+" زيادة إنتاج النفط خلال يوليو وأغسطس المقبلين. وأشاد بيان للبيت الأبيض بالدور المهم الذي تقوم به السعودية والإمارات والكويت والعراق في العمل على استقرار سوق النفط عالمياً، بحسب ما نقلته "رويترز".
وطالبت واشنطن خلال الأشهر الماضية، تحالف "أوبك+" بزيادة الإنتاج من أجل مواجهة الارتفاع الكبير في أسعار النفط، التي سجلت مستويات قياسية في أعقاب الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ارتفاع الأسعار
وفور إعلان الزيادة، غيّرت أسعار النفط اتجاهها نحو الارتفاع بحلول الساعة 16:15 بتوقيت غرينيتش، وصعد سعر خام "برنت" القياسي تسليم أغسطس المقبل 0.8 في المئة إلى 117.21 دولار للبرميل، كما زاد خام غرب تكساس تسليم يوليو المقبل واحد في المئة إلى 116.31 دولار للبرميل.
وأنهت أسعار النفط تعاملات أمس الأربعاء، على ارتفاع في أعقاب اتفاق زعماء الاتحاد الأوروبي على حظر جزئي وتدريجي للنفط الروسي، بالتزامن مع إنهاء الصين إغلاقها بسبب كورونا في شنغهاي. وكان النفط قد توج صعوده الشهري السادس في مايو، وهو أفضل سلسلة مكاسب شهرية متتالية في أكثر من 11 عاماً، وتحديداً منذ أبريل (نيسان) 2011.
وحقق كلا الخامين "برنت" وغرب تكساس الوسيط ارتفاعاً في الشهر الماضي بنحو 14.6 و9.5 في المئة على التوالي، بحيث تزامن تشديد الأسواق بسبب الحرب في أوكرانيا مع انتعاش في الطلب، إذ ألغت الدول قيود كورونا.
فيما وصلت مكاسب هذا العام إلى نحو 50 في المئة، ويعتقد عدد من المحللين أن التوقعات الفورية لا تزال صعودية، ولا تزال الأسواق النفطية أيضاً في حالة تخلف، مع تداول الأسعار على المدى القريب فوق الأسعار الأطول أجلاً.
تراجع المخزونات الأميركية
تراجعت مخزونات النفط في الولايات المتحدة بأكثر من 5 ملايين برميل خلال الأسبوع الماضي، مواصلة هبوطها على مدى ثلاثة أسابيع متتالية.
وبحسب التقرير الأسبوعي الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، الخميس، انخفضت المخزونات بمقدار 5.1 مليون برميل، خلال الأسبوع المنتهي في 27 مايو، ليصل الإجمالي إلى 414.7 مليون برميل.
تجدر الإشارة إلى أن تقرير المخزونات صدر بعد موعده بنحو 24 ساعة بسبب عطلة يوم الذكرى في الولايات المتحدة الاثنين الماضي. وفي البيانات أيضاً هبطت مخزونات البنزين بمقدار 700 ألف برميل إلى 219 مليون برميل، وكانت توقعات المحللين تشير إلى تراجع مخزونات البنزين 100 ألف برميل يومياً.
كما هبطت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل ووقود التدفئة وغيرهما، بنحو 500 ألف برميل إلى 106.4 مليون برميل، مقابل توقعات ارتفاع مخزونات المقطرات بنحو 800 ألف برميل.
يأتي ذلك في الوقت الذي أفرجت وزارة الطاقة عن 5.4 مليون برميل من الاحتياطيات البترولية الاستراتيجية في الأسبوع المنتهي في 27 مايو.
وتراجعت مخزونات الخام الأميركية بنحو 76 مليون برميل منذ بداية عام 2021 ونحو 19 مليون برميل منذ بداية 2020، وفقاً لبيانات معهد البترول الأميركي.