العراق يندفع لمناورة تسويقية “إجبارية” في الغرب قد تكلفه 9 مليون دولار يوميًا من الصادرات النفطية
يس عراق: بغداد
يبدو أن العراق بدأ بمناورة “اجبرته عليها روسيا”، بمنح تخفيضات سعرية الى اوروبا واميركا، عقب استحواذ روسيا على جزء من حصة العراق السوقية في اسيا، والتي تستورد قرابة 70% من صادرات العراق النفطية.
وبدأت روسيا بتقديم خصومات سعرية الى كل من الهند والصين، عقب محاصرة اوروبا واميركا للنفط الروسي ومنع استيراده، ما ادى لروسيا الى تقديم خصومات سعرية كبيرة لتشجيع كل من الهند والصين والاسواق الاسيوية عموما لاستيراد نفطه، الامر الذي أدى لأكل جزء من الحصص السوقية لمصدري النفط في الشرق الاوسط ولاسيما السعودية والعراق الذان يسيطران على جزء كبير من السوق الاسيوي في الصين والهند.
ويقول الخبير النفطي نبيل المرسومي إن “من نتائج الحرب الروسية – الأوكرانية أن اصبح العالم اقل تكاملا وافضى ذلك الى تغيير في نمط التجارة العالمية وتوزيعها الجغرافي ومنها تجارة النفط إذ تغيرت الوجهة الجغرافية لجزء كبير من الصادرات النفطية الروسية من الغرب الى الشرق، ونجحت سياسة الخصومات السعرية التي منحتها روسيا لنفطها المصدر الى آسيا في الاستحواذ على جزء مهم في السوق الاسيوية وخاصة في الهند اذ لم تكن روسيا تصدر للهند سوى 66 الف برميل يوميا قبل الحرب غير انها تضاعفت عدة مرات اثناء الحرب لتصل الى 819 الف برميل يوميا مما أدى الى ان تصبح روسيا المورد الثاني للهند بعد العراق بعد ان ازاحت السعودية من المرتبة الثانية الى المرتبة الثالثة”.
وبحسب المرسومي، دفعت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا العديد من مستوردي النفط لوقف التعامل التجاري معها مما دفع أسعار الخام الروسي في المعاملات الفورية إلى الانخفاض بدرجة كبيرة بالمقارنة بخامات أخرى، وأتاح ذلك فرصة للمصافي الهندية، التي كانت نادرا ما تستخدم النفط الروسي بسبب ارتفاع تكاليف الشحن، لاقتناص صفقات الخام الرخيص.
الهند التي تستورد قرابة 1.3 مليون برميل يوميًا من النفط العراقي اي مايقارب 40% من الصادرات العراق النفطية، أصبحت مرشحة لان تتجاهل جزءا من النفط العراقي والذهاب نحو النفط الروسي، الامر الذي يشكل تهديدا حقيقيا على اكثر من ثلث الصادرات العراقية، ولذلك يبدو ان العراق يحاول ان يحصل على حصص سوقية جديدة في السوقين الاوربي والامريكي بعد الحظر الغربي على النفط الروسي ولتعويض اي كمية يمكن ان يخسرها العراق في السوق الهندية.
وفي هذا السياق، كشف المرسومي أن تسعيرة سومو لنفط البصرة المتوسط المصدر الى اوربا خلال شهر تموز القادم جاءت بخصم 7.60 دولار للبرميل عن خام برنت، وبخصم 1.70 دولار للبرميل دون مؤشر أسكي للنفط المصدر الى امريكا، فيما حددت السعودية سعر البيع الرسمي للخام العربي الخفيف إلى أوروبا بزيادة قدرها 4.30 دولار للبرميل مقابل خام برنت في تموز، وللولايات المتحدة بزيادة 5.65 دولار مقابل مؤشر آسكي .
وبهذا فأن العراق سيخسر عن كل برميل مصدر الى اوروبا واميركا اكثر من 9 دولارات عن السعر الحقيقي في السوق، في خصومات سعرية اضطر لتقديمها لتعويض ماسيخسره في السوق الهندي، واذا ما صدر العراق قرابة مليون برميل لكل من اوروبا واميركا على حد سواء فأن ذلك سيكلفه نحو 9 ملايين دولار يوميًا سيخسرها كخصومات سعرية، حيث يصدر العراق لاوروبا حاليا اكثر من 500 الف برميل والى اميركا اكثر من 300 الف برميل، ليكون المجموع اكثر من 800 الف برميل يوميا، ومع تقديم الخصومات ومحاولة تعويض النقص الحاصل في السوق الاوروبي جراء حظر النفط الروسي، قد ترتفع صادرات العراق النفطية الى الى الغرب لاكثر من مليون برميل يوميًا.
ويعتقد المرسومي ان “الاختلاف الكبير بين التسعيرة العراقية والسعودية لايمكن ان يعزى ذلك فقط الى اختلاف الخصائص الكيميائية للنفطين اذ ان النفط العربي الخفيف ذو درجة كثافة 36-40 وبمحتوى كبريتي 1.78% في تبلغ درجة كثافة خام البصرة المتوسط 29 وبنسبة كبريت 3%، وانما يرتبط ايضا بالتغيير في السياسة التسويقية للنفط العراقي”.
شارك هذا الموضوع: