ماذا يفعل سفير العراق لدى لبنان مع مسلحين عند الحدود السورية؟
تتوالى مفاجآت السفير العراقي لدى لبنان حيدر شياع البراك، فبعد منعه قبل أشهر أحد أعضاء وفد من بلاده زار بيروت لإجراء محادثات ثنائية من الإدلاء بتصريح للصحافة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة صور تظهره متوسطاً مجموعة من المسلحين بلباس مدني، ومقطع فيديو يطلق خلاله السفير قذيفة "أر بي جي"RPG-7 في منطقة البقاع شرق لبنان، مما أثار موجة من الانتقادات ومطالبات باستدعائه من قبل الخارجية العراقية.
وفي التفاصيل التي رواها مصدر أمنى لبناني طلب عدم الكشف عن اسمه، فإن السفير البراك توجه خلال عطلة عيد الأضحى إلى منطقة الهرمل في البقاع المحاذية للحدود السورية رفقة عدد من أصدقائه العراقيين الذين كانوا في زيارة سياحية إلى لبنان لتمضية العطلة لدى أصدقاء من عشيرة "آل حمية" البقاعية.
وكشف المصدر أن البراك ومعه 20 شخصاً من ضيوفه بينهم موظفون في السفارة العراقية في بيروت، كانوا على اتفاق مع مجموعة من شباب العشيرة المسلحين لتنظيم جولة في الجرود لممارسة هواية الرماية بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مؤكداً ان إطلاق النار حينها استمر بشكل متقطع لأكثر من ساعتين. وكشف المصدر أنه إضافة إلى السفير شارك أشخاص آخرون برماية قذائف الـ "أر بي جي".
ولفت المصدر إلى أن الوفد كان مؤلفاً من أكثر من 10 سيارات معظمها رباعية الدفع، منها سيارات تحمل لوحات دبلوماسية وأخرى مظللة ولا تحمل لوحات، مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى التي يزور البراك تلك المناطق.
وكشف المصدر أن عدداً من المسلحين الذين ظهروا في الصور مسؤولون عن حماية أحد معابر التهريب إلى سوريا.
واعتبر مصدر من عشيرة "آل حمية" أن "إثارة الموضوع بهذا الشكل المضخم مقصود وهدفه النيل من السفير العراقي والزج به في إطار الصراعات السياسية والانقسام اللبناني في شأن قضية السلاح".
وأشار إلى أن "ظاهرة السلاح في مختلف المناطق اللبنانية طبيعية وباتت تشكل جزءاً من العادات والتقاليد المحلية"، مذكراً بما حصل بعد تعيين علي حمية وزيراً للأشغال العامة، إذ احتفل أبناء قريته بذلك عبر مظاهر مسلحة.
وأضاف، "في الداخل اللبناني من يريد أن يصطاد أي موقف يسيء إلى العشائر وأبناء البقاع وبيئة المقاومة لتشويه صورتهم".
توضيح مهم
ورداً على تداول الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت بشكل واسع النطاق، نشر حساب غير موثق يحمل اسم السفير البراك وتعريف "سفير العراق في لبنان"، ما قال إنه "توضيح مهم" جاء فيه، "كجزء أساس من مهمات عمل أي سفير الانفتاح والتواصل مع المجتمع الذي يعيش فيه بكل مكوناته، قمت بتلبية دعوة كريمة من إحدى أكبر القبائل العربية في منطقة البقاع لزيارتها".
وأضاف أنه "كعادة أهل القرى والريف في الترحيب بالضيف الذي يتم استقباله من قبل شيوخ العشائر بتلك المنطقة ووجهائها ورئيس البلدية وبعض ضباط الجيش والشرطة، فعند وصول الضيف يرحبون به على طريقتهم الخاصة وكانت بإطلاق النار".
وتحدث مصدر مقرب من السفير عن "أهداف مشبوهة وراء الحملة ضده من جانب بعض السياسيين العراقيين الذين يريدون النيل منه"، مشيراً إلى أن "السفير كان في إجازة وخارج إطار مهماته الرسمية".
وشدد المصدر على أن "الحياة الخاصة هي ملكه وحده، وأن ظرف المكان واللقاء وضعه في هذا الموقف ودفعه إلى مسايرة واقع اجتماعي معين".
وقال المصدر إن "بعض الذين يزايدون بالحرص على صورة العراق التي يفترض أن لا تعكس مظاهر مسلحة، هم أول من تجب مساءلتهم عن الميليشيات التي يدعمونها ويمولونها من أموال الشعب العراقي".
تمرد وعقاب
وفي وقت لم يصدر عن أي جهة لبنانية رسمية، ومن ضمنها وزارة الخارجية، أي بيان في شأن القضية، أكد مصدر في وزارة الخارجية العراقية لـ "اندبندنت عربية" أنها سبق واستدعت السفير بسبب منعه أحد أعضاء الوفد العراقي الذي زار لبنان أخيراً لإجراء محادثات ثنائية من الإدلاء بتصريح إعلامي، للوقوف على حيثيات الموضوع واتخاذ الإجراء المناسب"، إلا أن السفير لم يمتثل حينها.
وكشف المصدر عن الإعداد لإجراء قانوني بحقه من المرجح أن يكون نقله من بيروت قريباً.
وفي السياق نفسه أكدت المعلومات أن جامعة الدول العربية راسلت وزارتي الخارجية في بيروت وبغداد للاستفسار عن أسباب ظهور أحد الدبلوماسيين العراقيين على الأراضي اللبنانية بمظهر مسلح وغير تقليدي.
وحاولت "اندبندنت عربية" التواصل مع السفارة العراقية في بيروت للوقوف على رأي السفير في القضية لكنها لم تحصل على جواب.
لجنة تحقيق
وفي شأن إمكان محاسبة العاملين في السلك الدبلوماسي، قال المتخصص في الشأن القانوني العراقي علي التميمي إنه "وفق قانون الخدمة الخارجية رقم (45) لسنة 2008، تجوز مساءلة السفير عما يقوم به من أعمال تمس سمعة البلد، وتشكيل لجنة تحقيق بقرار من وزير الخارجية ورئاسة وكيل وزير الخارجية ومدير الدائرة القانونية وأحد السفراء وفق المادتين (38) و(39) من القانون أعلاه".
وأضاف التميمي أن "اللجنة لها الحق إذا وجدت ما يشكل جريمة في أن تحيل الملف إلى المحكمة"، مشيراً إلى أنه "يحق للوزير أن يقترح، بناء على تقرير اللجنة، على رئيس مجلس الوزراء استبدال السفير أو إعفاءه، وذلك بالتصويت في مجلسي الوزراء والنواب".
دائم الجدل
يشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يثير فيها البراك الجدل، ففي مارس (آذار) الماضي طلبت وزارة الخارجية العراقية منه العودة لبغداد بعد تداول مقطع مصور على شبكات التواصل الاجتماعي يظهر خلاله في تصرف وصف بـ "غير اللائق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف إن وزير الخارجية فؤاد حسين وجه باستقدام السفير البراك إلى بغداد للتداول في شأن ما تناقلته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن منع السفير أحد أعضاء وفد عراقي زار لبنان أخيراً لإجراء محادثات ثنائية من الإدلاء بتصريح للصحافة، مشيراً إلى أن الوزارة ستعمل لـ "الوقوف على حيثيات الموضوع واتخاذ الإجراء المناسب".
الشهادات المزورة
وبعيداً من الدبلوماسية، شهد القطاع التعليمي فضيحة بعد تقارير أشارت إلى فتح وزارة التعليم العالي العراقية تحقيقاً في منح جامعات لبنانية نحو 27 ألف شهادة تخرج عليا لطلبة عراقيين من دون أن يسجلوا حضوراً واضحاً في تلك الجامعات نتيجة وباء كورونا، وأشار تقرير حينها إلى فتح وزارة التعليم العالي العراقية تحقيقاً على خلفية "فضيحة الشهادات".
والبراك (55 سنة) تخرج العام 1990 في كلية الآداب بجامعة بغداد بدرجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي ودبلوم في اللغة الفرنسية، ويحمل شهادة بكالوريوس في القانون حصل عليها العام 2005 من جامعة بابل، وعين في السابق سفيراً للعراق لدى بلغاريا وكوريا الجنوبية وأذربيجان.