العملية السياسية في العراق على حافة الهاوية فهل تلاشى الأمل بالاستقرار؟
أسفرت الأحداث الأخيرة في المنطقة الخضراء بوسط العاصمة العراقية بغداد مركز الحكومة ومقر البعثات الدبلوماسية عن اهتزاز ثقة العراقيين في العملية السياسية التي تأسست بعد تغيير النظام السابق عام 2003، بينما ينتظرون قرار المحكمة الاتحادية بدعوى حل مجلس النواب في ظل تقلبات خطيرة تشهدها الساحة السياسية منذ إجراء الانتخابات في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
في إطار العمل على استقرار العملية السياسية والمضي بتشكيل الحكومة العراقية كشف القيادي في الإطار التنسيقي تركي العتبي عن وجود أربع مبادرات لإنهاء الأزمة السياسية في العراق، وقال في تصريح صحافي إن "موقف الإطار واضح وثابت بالترحيب بأي مبادرة تؤدي إلى إنهاء أزمة العراق السياسية على أن تكون وفق مبادئ الدستور والقانون"، مؤكداً أنه "حتى الآن طرحت أربع مبادرات يتوافق الإطار معها في نقاط ويختلف في أخرى".
وأضاف أن "أي مبادرة تطرح لإنهاء الأزمة يجب مناقشتها من قبل البرلمان باعتباره يملك صلاحية المضي بها لأنه المعني بها وفق الدستور"، وتابع أنه "لا يمكن التوافق على مبدأ الانتخابات المبكرة أو تغيير قانون ومفوضية الانتخابات إلا من خلال البرلمان الذي لم يعقد جلساته منذ أسابيع عدة".
عودة البرلمان
وأشار العتبي إلى أن "بداية حل الأزمة هي بعودة جلسات مجلس النواب وطرح كل المبادرات على جدول أعماله وهو من يقرر المضي بأي منها"، منوهاً بأن "أي إجراء مخالف للدستور لن ندعمه".
وعلى الرغم من الأزمة بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري أكد ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي مضي الإطار بعملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة خلال الأيام المقبلة.
وقال القيادي في الائتلاف فاضل موات في تصريح صحافي إن "قوى الإطار التنسيقي ماضية بعملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وحسم الأمر ربما سيكون بعد انتهاء مراسم زيارة الـ40، خصوصاً أن هناك إجماعاً سياسياً لحسم هذا الأمر".
وبين موات أن "قوى الإطار التنسيقي ما زالت متمسكة بمرشحها لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني ولا نية لتغييره، خصوصاً أنه يحظى بدعم سياسي كبير من الكتل السنية والكردية وحتى المستقلين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن عضو مجلس النواب عن محافظة نينوى ثابت العباسي وصف جلسات الحوار الوطني بأنها مضيعة الوقت، وقال إن تلك الجلسات التي تتواصل جولاتها لم تحقق حتى الآن المطلوب منها داخلياً بشكل خاص على الرغم من الحضور الواسع لها، معتبراً أنه لا جدوى من هذا الحوار في ظل مقاطعة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وعدم استماعه لأي طرح من خلاله.
وكانت الرئاسات اجتمعت مع قادة القوى السياسية الوطنية العراقية بدعوة من رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي أول من أمس لمناقشة التطورات السياسية، بحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت.
الموقف الدولي
من جهتها، أكدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف أن الإدارة الأميركية تتابع المشهد السياسي العراقي بدقة، وفيما أشارت إلى أن صوت زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والقيادات الأخرى يجب أن يُسمع، ثمّنت دور العراق الإيجابي في الحوار بين واشنطن وطهران.
وقالت ليف خلال لقائها مع وسائل الإعلام إن "استقرار العراق وأمنه يمثلان أولوية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن"، مشيرة إلى أن "السيادة عبارة عن مؤسسات يتطلع إليها المواطن والنخب، والسيادة في اتخاذ القرار بشكل بعيد من التدخلات الخارجية".
وأكدت أن "واشنطن والأمن القومي ووزارة الخارجية والدفاع وآخرين يتابعون المشهد العراقي بدقة، وما جرى من أحداث في الأسبوع الماضي يدل على وصول المشهد السياسي إلى حافة الهاوية".
وزادت أن "الصراع بين النخب السياسية لا يحل إلا من خلال الحوار والوصول إلى نتيجة، وهذا إذا أراد السياسيون ذلك"، داعية "قادة العراق إلى اتخاذ القرار وجلوس جميع القيادات سواء كان الحل من خلال حكومة انتقالية أم انتخابات جديدة أم حكومة جديدة".
وتابعت ليف في حوارها مع وسائل الإعلام أن "وجودها في العراق بالوقت الحالي جاء لنقل رسالة من القيادة الأميركية"، مبينة أن "القيادة في تواصل مع جميع الأطياف لإجراء الحوارات الخاصة وتقديم النصح".
وأوضحت أن "الجوهر الأساسي في الديمقراطية هي أنها شمولية تستوعب الأصوات المتضادة ولا تتحمل الإقصاء، وإن لم تكن شمولية سيكون هناك فشل في النهاية"، لافتة إلى أن "الحوار جار باستضافة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي".
وتابعت أن "الإرادة السياسية بين العراقيين من شأنها تشكيل حكومة كاملة الصلاحية ولا شيء يمنع من جلوس القيادات في ما بينهم".
ولفتت ليف إلى أن "الصدر لديه أتباع وجمهور كبير وصوته مع القيادات الأخرى يجب أن يسمع، ولكن بالحوار للمضي قدماً وخلاف ذلك سيكون الذهاب إلى منزلق"، موضحة أن "اتفاق الإطار الاستراتيجي عظيم".
وتابعت "نواجه العقبات المستمرة، والانسداد السياسي ما هو إلا عقبة لتحقيق الأجندة الحقيقية وهي مصلحة العراق"، لافتة إلى أن "العراق يمتلك 85 مليار دولار في الصندوق الفيدرالي".
وبينت أن "40 مليون عراقي يتوقعون الأفضل وهذا من حقهم"، لافتة إلى "أننا لمسنا الإرادة السياسية الحقة من القيادات الذين التقينا بهم ورسالتنا ستكون منضبطة".
وأكملت أن "العراق صديق لأميركا وشراكتنا معه حقيقية على المستويين الدولي والإقليمي وهناك مشتركات في ما بيننا"، داعية "القادة العراقيين إلى تجاوز الصراعات الجوهرية بينهم للوصول إلى الغاية وهي الوصول إلى الحل"، مثمنة "الدور الإيجابي للعراق من خلال تبني الحوار بين أميركا وإيران".