هذا ما حمله قاآني لدى زيارته العراق: التهديد باجتياح بري
إيران تعيش على وقع الاحتجاجات منذ 16 سبتمبر (وحيد سليمي/ أسوشييتد برس)
كشف تقرير لوكالة "أسوشييتد برس" الأميركية أن قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال إسماعيل قاآني، هدد خلال زيارته الإثنين الماضي لبغداد بأن بلاده ستشن عملية عسكرية برية شمالي البلاد، في حال لم تقم القوات العراقية بتعزيز أمن الحدود البرية واتخاذ اللازم ضد الجماعات الكردية المعارضة.
وأوضح التقرير أن عدة مسؤولين عراقيين وأكراد أكدوا، شريطة عدم كشف هويتهم، أن قاآني طلب تحديداً تحييد مقرات الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة شمالي العراق، وتعزيز أمن الحدود بوحدات عسكرية عراقية، لمنع أي عمليات تسلل.
وبحسب عدة مسؤولين سياسيين عراقيين، فإن قاآني قال للمسؤولين الذين التقاهم إنه في حال فشلت بغداد في الاستجابة لتلك المطالب، فإن إيران ستشن عملية عسكرية خاطفة، بالاستعانة بالقوات البرية، وستواصل قصف مواقع المعارضة الكردية.
وتقصف طهران بعض المناطق شمالي العراق، حيث تتمركز أحزاب وتنظيمات معارضة كردية إيرانية، فيما يعتقد "الحرس الثوري الإيراني" أن الأحزاب المعارضة تدفع الناشطين الإيرانيين إلى استمرار التحشيد ضد الحكم الديني في إيران، وذلك وفقاً لتفسيرات مراقبين.
وحل قاآني الإثنين في بغداد، بزيارة هي الأولى له بعد تشكيل الحكومة الجديدة، برئاسة محمد شياع السوداني، وبعد ساعات من قصف إيراني جديد استهدف مناطق داخل العمق العراقي في إقليم كردستان العراق، واستهدف مواقع لجماعات كردية إيرانية معارضة أسفر عن قتلى وجرحى، بينهم عراقيون.
وعقد قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، اجتماعات مع السوداني ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، بالإضافة لعدد من قادة قوى "الإطار التنسيقي" وقادة الفصائل المسلحة الحليفة لطهران، منذ بدء زيارته.
وكانت مصادر سياسية عراقية مطلعة قد كشفت لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، أن "قاآني ناقش مع السوداني ورشيد القصف الإيراني على مناطق إقليم كردستان، وتأكيد ضرورة منع استخدام الأراضي العراقية منطلقاً للهجمات على إيران".
وفي هذا الصدد، نقل تقرير "أسوشييتد برس" أن المسؤولين العراقيين أكدوا، شريطة عدم ذكر أسمائهم، أنه لا توجد أي أدلة تؤكد صحة المزاعم الإيرانية بحق الجماعات الكردية.
وأضاف التقرير أنه رغم إقرار الجماعات الكردية بوجود روابط قوية تجمعها بالمناطق الكردية في إيران، فإنها تنفي قيامها بتهريب الأسلحة لتسليمها للمتظاهرين.
تعليقا على ذلك، قال للوكالة القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بإيران، سوران نوري، إنه على علم بالمطالب الإيرانية، مشدداً "لم نهرّب أبداً أي أسلحة من أي بلد أو نحو أي بلد". وتابع قائلا: "نأمل ألا تنحني (المنطقة الكردية) لتلك التهديدات".
واندلعت احتجاجات في إيران منذ نحو شهرين، على إثر وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني عن عمر 22 عاماً، في 16 سبتمبر/أيلول، بعد ثلاثة أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق التي اتهمتها بانتهاك قواعد اللباس الصارمة. وكانت مدينة سقز الكردية، حيث مسقط رأس أميني، أول منطقة تنطلق منها الاحتجاجات، التي بدأت بسبب الغضب من التطبيق القاسي لقانون الحجاب الإلزامي، لكنّها تطوّرت إلى حركة واسعة ضدّ النظام الذي يحكم إيران منذ الثورة الإسلامية في عام 1979.
وأشارت "أسوشييتد برس" إلى أن الجماعات الكرية المعارضة تقول إن انخراطها لا يتجاوز تقديم الدعم المعنوي، والتحسيس والمساهمة في توفير الرعاية الطبية للمحتجين الذين يصلون من طهران.
يُذكر أنه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قصفت إيران مناطق متفرقة في إقليم كردستان شمالي العراق، راح ضحيته نحو 18 قتيلاً، بينهم طفل وامرأة، إلى جانب 58 جريحاً، غالبيتهم من المدنيين، وطاول القصف أربع مناطق في الإقليم، أبرزها بلدتا سيدكان وكويسنجق شمال أربيل وشرقي السليمانية.
وشنّ "الحرس الثوري" الإيراني، في مارس/آذار الماضي، هجمات صاروخية على موقع بالقرب من القنصلية الأميركية في أربيل، معلناً تبنّيه استهداف "المركز الاستراتيجي للمؤامرة والشر للصهاينة بصواريخ قوية ودقيقة"، كما قصفت المدفعية الإيرانية في مايو/أيار مناطق جومان وسيدكان شمالي أربيل، أعقبه قصف مبنى ومزرعة بقرية بربزين (145 كيلومتراً شمالي أربيل)، بطائرتين إيرانيتين مسيّرتين، دون أن يسفر عن أي خسائر بشرية أو مادية.
وشكّل البرلمان العراقي على إثر القصف الذي تبناه "الحرس الثوري" لجنة لتقصي الحقائق؛ وفنّد تقرير اللجنة مزاعم طهران بوجود مقار إسرائيلية في الموقع المستهدف، مؤكداً عدم وجود أي دليل على ذلك، ومعتبراً الهجوم تجاوزاً للأعراف الدولية.
وقالت لـ"أسوشييتد برس" مديرة برنامج بمعهد الشرق الأوسط، راندا سليم، "النظام الإيراني في حالة ذعر"، مضيفة "إنهم يعتقدون أن الموساد يوظف المنطقة الكردية والجماعات الكردية المعارضة لإرسال الأسلحة والمقاتلين إلى المناطق الكردية بإيران".
وتابعت قائلة إن عملية عسكرية خاطفة شمالي العراق ستدعم الرواية الرسمية التي يرددها النظام الإيراني بأن القوى الخارجية تتآمر لتأجيج الأوضاع الداخلية، وستسمح بالتعاطي مع الخلاف القائم منذ فترة طويلة بالنسبة لإيران مع إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي بخصوص أنشطة الجماعات الكردية المعارضة هناك.