وثائق زورتها "الدولة" والأموال لشركات أجنبية.. شبكة أمريكية تفكك "غموض" سرقة القرن-عاجل
بغداد اليوم -ترجمة
كشفت شبكة الميدل ايست أي، اليوم الثلاثاء، عن عائدية جزء من الأموال التي تم سرقتها من حسابات الضرائب العراقية والتي بلغت 2.5 مليار دولار، عبر ما باتت تعرف بــ"سرقة القرن" والتي تضمنت سحب الأموال من حسابات الضرائب عبر شيكات وهمية.
حيث أوضحت الشبكة من خلال تقرير ترجمته (بغداد اليوم)، ان الأموال المودعة في حسابات امانات الضرائب العراقية التي تعرضت للسرقة، تعود في الأصل الى "ضرائب" دفعتها شركات صينية وروسية، أهمها "شركة تشاينا بتروليوم الصينية، ولوك اويل الروسية".
الميدل ايست أي قالت ان الأموال المودعة من قبل الشركات هي "أموال امانات" يتحتم على السلطات العراقية اعادتها الى الشركات بعد نهاية فترات عقودها داخل العراق، مبينة، ان عملية السرقة تمت من خلال ارسال "منتحلي صفة" يدعون انتمائهم الى الشركات الصينية والروسية" وبعد فشل ذلك "تعلموا طريقة أفضل، وهي تأسيس شركات وهمية مرتبطة بعقود مزورة مع الشركات الصينية والروسية، بهدف سحب الأموال من السلطات العراقية"، بحسب وصفها.
الأموال التي سرقت، وبحسب تصريحات لمسؤول عراقي ضمن وزارة المالية أوردتها الصحيفة دون ذكر اسمه، تمت بالتعاون مع "جهات وشخصيات متنفذة حرصت وبشكل فاعل على تسريع إجراءات صرف الشيكات وسحب الأموال دون مراجعة"، الامر الذي قالت انه ما يزال يخضع لتحقيق السلطات العراقية.
الشبكة قالت أيضًا أن أحد المسؤولين العراقيين، أكد لها بأن أموال الشركات الصينية والروسية "لم تتعرض للسرقة بشكل فعلي"، كاشفا عن "محاولات الحصول على أموال بقيمة هائلة وصل بعضها الى 44 مليار دينار عراقي، منعت من قبل بعض الموظفين"، على حد وصفه، فيما اكدت الشبكة أن الطريقة التي سرقت بها الأموال تشير الى "نجاح" مدبري عمليات الفساد بالتلاعب بالنظام العراقي من خلال استهداف الشركات الصينية والروسية المذكورة.
عمليات السرقة تضمنت بحسب الشبكة، تقديم "وثائق مزورة رسمية"، موضحة "الأوراق الرسمية التي سهلت الحصول على الأموال، كانت مزورة لكنها صادرة عن جهات رسمية"، متهمة من قالت انهم "مسؤولين رفيعي المستوى"، بعملية تزوير الوثائق التي لا يمكن الحصول عليها خارج مؤسسة الدولة، بحسب الشبكة.
احد الوثائق المؤرخة في الثامن من تموز العام الماضي، والتي تحققت منها الشبكة، قدمت "شخصية باسم علي محمد عيسى الجاف" على انها ممثلة عن شركة تشينا اويل النفطية، مبينة، ان الوثيقة اطلع عليها مختص قانوني وثبت لديه انها صادرة عن "وزارة العدل" ولها صحة صدور من دائرة الضريبة العراقية، ليتبين لاحقا انها "مزورة"، مشددة على ان تلك الوثائق صدرت من داخل مؤسسات الدولة العراقية نفسها "ولم يتم تزويرها خارجا".
كما وبنيت الشبكة "ان وثيقة أخرى صدرت بذات الأسلوب عن شركة لوك اويل الروسية، وبعد التواصل مع وزارة العدل العراقية والتحقق من ارقام وتواريخ الوثائق، تبين ان الوزارة لا تملك ادنى فكرة عن كيفية صدور تلك الوثائق، ولم تسجل لديها رسميا".
وتابعت "من خلال الكشف عن تواصل قامت به شركة نفط البصرة مع شركة تشينا اويل، أعلنت الأخيرة، انها لم تخول أي شخصية سحب او إيداع أموال باسمها في العراق، معلنة بانها لم تتسلم العوائد الضريبة من الحكومة العراقية للعامين 2021 و 2022".
اتصالات الشبكة مع الشركات المعنية اثبت انها "لا تعلم بوجود عمليات سرقة تمت باسمها من خلال تزوير وثائق رسمية صادرة عن مؤسسات عراقية"، متابعة "عمليات التحقيق التي قامت بها الشبكة اوضحت ان اول تلك الوثائق المزورة صدرت عن هيئة الضراب العراقية وتحمل توقيع مديرها سمير عبد الهادي قاسم، فيما كانت الثانية تحمل توقيع نائبه أسامة حسام".
واستمرار لتحقيق الشبكة أشارت إلى أن "أسامة حسام رفض تمرير الشيك الثاني ووثائق الشركة المزورة، لكن قراره الغي وتم تمريرها من قبل مديره المباشر سمير عبد الهادي قاسم"، مؤكدة ان "الرسائل التي أرسلت بين الشخصيات المذكورة، وأخرى باسم كريم بدر الغزالي، ووجهت الى الشركات، منحت الضوء الأخضر لما اصبح يعرف بسرقة القرن لاحقا".
هادي، المسؤول عن اطلاق "الضوء الأخضر للسرقة بحسب الشبكة"، قدم طلبا للحصول على إجازة دون راتب لمدة خمس سنوات، وغادر العراق في أواخر عام 2021 قبل صدور مذكرة اعتقال بحقه، متابعة، ان مسؤول اخر ضمن هيئة النزاهة باسم علاء السعدي "متورط أيضا" في قضية السرقة، معلنة انه استقال في الثالث عشر من نوفمبر الحالي، مبينة، ان محاولات الاتصال بهيئة النزاهة لم تفض الى نتيجة، حيث "رفضت التعليق تحت ادعاء ان القضية ما تزال تحت التحقيق الرسمي ولا يمكن التصريح بشأنها"، على حد قولها.
تحقيق الشبكة اختتم بالإشارة الى احد المحاولات التي قادت الى "سرقة القرن"، تمت من خلال مرور شخص يدعي تمثيله الشركات المذكورة بالإجراءات القانونية لمصرف الرافدين، حيث رفضت مديرة المصرف منحه الأموال بشكل مباشر، مؤكدة انها "يجب ان تذهب الى حساب شركة ولا تسلم لشخص"، الامر الذي قالت انه وضع الحجر الأخير في خطة سرقة القرن، التي أتت لاحقا.
عمليات السرقة التي ما تزال تحت التحقيق، لم تتبين ان كانت طالت حسابات الشركات الصينية والروسية بشكل فعلي او كامل، لكنها بالتأكيد، مثلت الجزء الأساس من عملية سرقة القرن ومكنت الشخصيات الفاسدة ضمن السلطات العراقية من التلاعب على النظام، وسحب الأموال، بحسب وصف الشبكة.