السوداني ملتزم باتفاقيات القمم العراقية ـ المصرية ـ الأردنية
لا يريد السوداني الخوض في أي محاور (الأناضول)
كشف مسؤولان عراقيان في العاصمة بغداد، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أبلغ قادة تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد، بالمضي في التفاهمات السابقة لحكومة مصطفى الكاظمي، مع كل من الأردن ومصر ودول أخرى في المنطقة، مرتبطة باتفاقيات تجارية واقتصادية وصناعية مختلفة.
كما أن السوداني يعمل على المحافظة على السياسة الخارجية نفسها المرتبطة بالقيام بدور الوساطة، وعدم الخوض في أي محاور أو استقطاب في المنطقة. ويأتي ذلك قبل أقل من أسبوعين على قمة مقررة في العاصمة الأردنية عمّان، ستجمع قادة ومسؤولي العراق والأردن ومصر، بحسب ما كشف عنه مؤتمر مشترك لوزراء خارجية الدول الثلاث عقد في عمّان أول من أمس الأربعاء.
مسؤول عراقي: السوداني أبلغ قادة الإطار التنسيقي بأهمية الحفاظ على الاتفاقيات الخارجية للعراق
وشهدت العلاقات بين بغداد وعمّان والقاهرة خلال العامين الماضيين، توقيع عدة اتفاقيات مرتبطة بملفات الطاقة والنفط والتبادل التجاري والإعمار. وتم عقد عدة قمم بين رؤساء الدول الثلاث، كان آخرها قمة ثلاثية نهاية يونيو/حزيران 2021 في بغداد، حضرها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى جانب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي. كما أعقبتها قمة مماثلة في أغسطس/آب 2020، بالعاصمة عمان.
وأبلغ مسؤول بارز في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، "العربي الجديد"، بأن اللجنة الوزارية المكلفة بمراجعة الاتفاقيات العراقية الخارجية المبرمة في عهد الحكومة السابقة، أوصت باستمرار العمل بالتفاهمات والاتفاقيات العراقية مع الأردن والسعودية والكويت ومصر ولبنان، والتي تتعلق بالغالب بملفات الطاقة والربط الكهربائي وتوريد النفط، وكذلك التجارة والإعفاء الضريبي، وصولاً إلى ملفات التعاون الأمني في مجال الحرب على الإرهاب.
الحفاظ على الاتفاقيات الخارجية للعراق
وأكد المسؤول العراقي أن السوداني أبلغ قادة تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم، بـ"أهمية الحفاظ على الاتفاقيات الخارجية للعراق، والاستمرار بالسياسة الخارجية نفسها المرتبطة بالقيام بدور الوساطة، وعدم الخوض في أي محاور أو استقطاب داخل المنطقة"، على حد تعبيره.
من جهته، أشار نائب مقرب من السوداني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأخير "سيواصل التنسيق والشراكة مع مصر والأردن، ضمن مخرجات قمة بغداد، على الرغم من تحفظ بعض أطراف الإطار التنسيقي، خصوصاً رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وزعيم جماعة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي".
وأوضح أن "السوداني سيشارك في اللقاء المقرر عقده في العشرين من الشهر الحالي، إلى جانب قادة الأردن ومصر، وأن هناك مساعي لتمثيل تركي وإيراني أيضاً ضمن ملفات دعم العراق. لكن حتى الآن لا يوجد شيء مؤكد حيال مشاركة الجارين إيران وتركيا".
وبحث وزراء خارجية الأردن أيمن الصفدي، والعراق فؤاد حسين، ومصر سامح شكري، يوم الأربعاء الماضي في العاصمة عمّان، آلية التعاون بين البلدان الثلاثة في قطاعات التجارة، والصناعة، والاقتصاد، والنقل البري، والربط الكهربائي والطاقة، وتنسيق المواقف السياسية.
وأكد حسين أن "السياسة الخارجية العراقية تهتم بتقوية العلاقات مع دول الجوار، وآلية العمل المشترك بالنسبة للجانب العراقي تعود إلى حكومة عادل عبد المهدي مروراً بحكومة مصطفى الكاظمي وصولاً إلى حكومة محمد شياع السوداني".
وتابع أن "الآلية استندت إلى العمل المشترك في المجالات المختلفة، منها الاقتصادية والتنسيق السياسي والعمل المشترك في المجال الدولي. ولهذا سيتم عقد اجتماعات مقبلة في بغداد وأماكن أخرى، ونتطلع إلى القمة الثلاثية في القاهرة".
تقوية علاقات العراق الإقليمية
وحول ذلك، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، لـ"العربي الجديد"، إن "التفاهمات الخارجية للعراق ستستمر، والحكومة الحالية عازمة على تقوية علاقات العراق الإقليمية بشكل أكبر، ولهذا سيعمل السوداني على تفعيل التحالف الثلاثي خلال المرحلة المقبلة، وتفعيل عقد القمة الثلاثية ما بين بغداد وعمان والقاهرة".
وبيّن الفايز أن "الإطار التنسيقي داعم لخطوات رئيس الوزراء، ولا توجد أي ضغوط تمارس على السوداني من أي طرف سياسي بشأن التأثير على علاقات العراق مع أي دولة وفق أي أجندة سياسية، خصوصاً أن السوداني أكد لجميع القوى السياسية بأن العراق سيبقى متوازناً في علاقاته الخارجية".
عامر الفايز: الحكومة الحالية عازمة على تقوية علاقات العراق الإقليمية بشكل أكبر
وأضاف أن "حكومة السوداني تعمل منذ فترة طويلة على مراجعة كافة الاتفاقيات التي وقّعتها حكومة الكاظمي مع مختلف الدول، وهذا يأتي لضمان مصلحة العراق بأي اتفاق دولي. لكن هذا الأمر لا يعني أنه سيعمل على إلغاء أي اتفاقية، أو يؤثر ذلك على العلاقات الخارجية، فالعراق ماضٍ بعلاقاته، ولا نيّة لفك أي اتفاقات مع الأردن ومصر".
من جهته، أوضح الخبير في الشأن السياسي العراقي غالب الدعمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "البرنامج الدعائي للأحزاب السياسية في الإطار التنسيقي اختلف تماماً عن برنامجها قبل تشكيل الحكومة، وهذا واضح للجميع، ولعلها أدركت أهمية التفاهمات مع هذه الدول".
وبيّن الدعمي أن "قوى الإطار التنسيقي أدركت جيداً أن عدم التعامل مع هذه الدول، قد يؤدي بهذه الحكومة (حكومة السوداني) لمواجهة عراقيل كثيرة"، مشيراً إلى أن توجّه السوداني إلى الأردن في أول جولة خارجية له "يؤكد أنه ماض بالعلاقات الجيدة والطيبة مع عمّان وكذلك القاهرة وباقي دول الخليج".
السوداني سيسعى لإكمال ما عمل الكاظمي عليه
وأضاف الخبير في الشأن السياسي أن "السوداني سيسعى إلى إكمال ما عمل عليه الكاظمي، ببناء علاقات دولية متوازنة مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية، ولا نعتقد أنه سيكون هناك أي متغير بمسار حكومة السوداني تجاه العلاقات الخارجية مع كافة المحاور الإقليمية أو الدولية".
وعلى الرغم من مرور أكثر من عام ونصف العام على عقد آخر قمة ثلاثية جمعت قادة العراق ومصر والأردن، والإعلان عن التوصل إلى مجموعة من التفاهمات والاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، متعلقة بالطاقة والنقل والاستثمار، ومجالات أخرى، من بينها أمنية، إلا أن أي مخرجات ملموسة على الأرض لم تظهر لغاية الآن، حتى على مستوى تلك المتعلقة بالإجراءات التنظيمية لطرح بغداد عروضاً استثمارية للشركات المصرية والأردنية.