عودة الحياة جزئياً لأهوار العراق بفضل مياه الأمطار
تعرضت أهوار العراق لأزمة جفاف غير مسبوقة وأدت إلى موجة نزوح (أحمد الربيعي/فرانس برس)
قالت وزارة الموارد المائية العراقية، اليوم الثلاثاء، إنّ الحياة تعود تدريجياً إلى "هور الحويزة" بمحافظة ميسان، جنوبي البلاد، نتيجة استثمار مياه الأمطار، فيما تداول ناشطون وصحافيون عراقيون صوراً جديدة أظهرت مسطحات "الأهوار" المائية في مدن جنوب العراق بحالة جيدة بعد الجفاف الذي ضربها خلال الأشهر الماضية وأدى إلى نزوح الأهالي منها ونفوق الحيوانات. وأشار مراقبون ومتخصصون بالبيئة إلى أنّ الأمطار تسببت بعودة الحياة جزئياً لهذه المناطق.
وأوضحت الوزارة في بيان، أنها "استثمرت سقوط مياه الأمطار وحولتها إلى هور الحويزة عن طريق مغذياته الثلاثة (الحسيجي وأم الطوس والزبير) ما أدى إلى نسب إغمار مقبولة مقارنة بالأعوام السابقة". وأضافت أنّ "مياه الأمطار ساهمت بتحسن الواقع الاقتصادي لسكان الأهوار الذي يعتمد على مصادر الصيد واستخدام العلف الخضري للمواشي، وأنّ التحسن في الواقع البيئي في جنوب العراق، يعود إلى هطول الأمطار والسيول".
والأهوار التي تتفرّد بها طبيعة العراق، مسطّحات مائية ضخمة تستمدّ مياهها من نهرَي دجلة والفرات بشكل رئيس، وتمتد في محافظات ذي قار وميسان والبصرة والمثنّى ومناطق حدودية مع إيران جنوبي وجنوب شرقي البلاد.
وقد سجّل العام الحالي نزوح عدد من العائلات من مناطق الأهوار بسبب الجفاف، إذ إنّها تعتمد على تربية الجواميس والمواشي وصيد السمك اللذين تأثّرا بالجفاف، فيما تأثّرت الزراعة بذلك أيضاً.
ونشر ناشطون صوراً أظهرت عودة بعض المزارعين ومربي الحيوانات والذين يعتمدون على صيد الأسماك، بعد أقل من عام على تحول المسطحات المائية الأكبر في العراق إلى أرض جرداء يابسة.
لكن عضو جمعية "حماة دجلة" المتخصصة في البيئة، أحمد الشمري، بيَّن أن "الأمطار هي السبب في ظهور المشاهد الجديدة داخل الأهوار، لكن مع انتهاء الموسم المطري، قد تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه، لا سيما وأن العراق لم يخض لحد الآن حوارات جادة مع إيران وتركيا بشأن حصصه المائية".
وأوضح الشمري خلال حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "هذه العودة وقتية، وقد تنتهي خلال الأشهر الأربعة المقبلة، بالتالي فإن هناك حاجة ماسة إلى إيجاد حلول عاجلة وطويلة الأمد، وليس الاعتماد على الأمطار واعتبار ذلك إنجازاً حكومياً".
وأدرجت أهوار العراق عام 2016 ضمن لائحة التراث العالمي كمحمية طبيعية دولية، بالإضافة إلى المدن الأثرية القديمة الموجودة بالقرب، منها مثل أور وأريدو والوركاء، إلا أن أزمة المياه التي تعاني منها البلاد أثارت مخاوف من شطب الأهوار من لائحة التراث العالمي، وإدراجها ضمن القائمة الحمراء.
وعرفت أهوار العراق سابقاً بجمال طبيعتها وغزارة مياهها وتنوّعها البيئي، ومن أهم الأهوار في ذي قار أهوار الجبايش شرق مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار (350 كيلومتراً جنوبي العراق)، وتعد امتداداً لهور أبو زرك وهور الحمّار وتتغذى أهوار من نهري الفرات ودجلة، وتوجد فيها أنواع عديدة من الطيور والأسماك، والنباتات المائية، ونبات القصب، والبردي.
يشار إلى أن مساحة الأهوار تفوق 16 ألف كيلومتر مربع، وتمتد بين حدود العراق وإيران. إلا أن الجزء الأكبر منها داخل العراق، وتشكّل حواجز جغرافية على تخوم مدن جنوبية كالناصرية والعمارة والبصرة. ووفقاً لبعض التقديرات فإن مساحة المناطق، التي ما زالت مغمورة بالماء، تقل عن 30% من مساحة المنطقة على أحسن تقدير.