علي محسن العلاق.. إخفاقاته السابقة لا تمنع عودته لمنصب محافظ المركزي
أعاد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، تكليف علي محسن العلاق بمنصب محافظ البنك المركزي، بعد أكثر من عامين على إقالته من المنصب ذاته الذي شغله لنحو ست سنوات، منذ 2014 ولغاية 2020.
وشهدت فترة رئاسته للبنك عدداً من الإخفاقات المالية الواضحة، كان أبرزها غرق مبلغ 7 مليارات دينار عراقي في مخزن الأموال داخل بناية المركزي وسط بغداد، والكشف عن تضرر مبالغ أخرى كبيرة نتيجة الرطوبة ومياه الأمطار.
وجاءت قرارات السوداني صباح أمس الإثنين، استباقا لتظاهرات دعا إليها ناشطون عراقيون، ظهر الأربعاء، أمام البنك المركزي العراقي، للتنديد بأزمة تراجع قيمة الدينار أمام الدولار، والتي بلغت ذروتها عند 1660 دينارا للدولار، وهو رقم لم يسبق تسجيله في العراق منذ نحو 19 عاما.
والعلاق، أحد أبرز المحسوبين على رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وشغل بين 2006 و2014 منصب أمين عام مجلس الوزراء، خلال حكومتي المالكي الأولى والثانية، قبل أن تتم تسميته محافظا للبنك المركزي بالوكالة لمدة 6 سنوات بدءا من 2014، إضافة إلى تسميته رئيساً لـ"المجلس المشترك لمكافحة الفساد في العراق".
ويحمل العلاق (62 عاما) شهادة الدبلوم العالي في العلوم المالية، من جامعة بغداد. وخلال فترة توليه منصب محافظ البنك المركزي، شهدت البلاد العديد من الأزمات المتعلقة بإدارة البنك، كان أبرزها فضيحة مستندات الاستيراد الوهمية التي يتم بموجبها الحصول على الدولار من مزاد العملة في البنك المركزي، دون أن تقوم الشركات المعنية باستيراد أي مواد إلى داخل العراق.
ويأتي ذلك إلى جانب فضيحة غرق مبلغ أكثر من 7 مليارات دينار نتيجة مياه الأمطار في مخزن البنك المركزي عام 2018، وتلف مبالغ أخرى بفعل الرطوبة، كما أدت خطوة كتابة العلاق اسمه على الأوراق النقدية من فئة 250 دينارا و1000 دينار، على خلاف القانون العراقي المعتمد بذكر عبارة المحافظ وتوقيعه على العملة، إلى لغط متزايد، إلى جانب ملف تمويل البنك المركزي صفقات حكومية شابها الفساد. كما وجهت إليه انتقادات أخرى تعلقت بتوظيف أفراد من أسرته دون أي مؤهل قانوني أو علمي في مناصب مهمة داخل البنك.
وفي أول تعليق سياسي حول تعيين العلاق محافظا للبنك المركزي قال رئيس حركة "وعي"، صلاح العرباوي، وهي الحركة ذاتها التي ترعى الدعوة للتظاهرات يوم غد الأربعاء، إنه "يجب أن تكون في سيرتك الذاتية علامة فشل واضحة حتى تستحق منصباً سيادياً، مثلاً، أن تغرق في عهدك السابق 7 مليارات دينار"، في إشارة إلى تسمية رئيس الوزراء للعلاق محافظا للبنك المركزي مرة أخرى.
واعتبر في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع "تويتر"، أن العراق البلد الوحيد الذي يتراجع للخلف.
وحتى نهار الأحد، كان المحافظ السابق مصطفى مخيف يمارس مهامه داخل البنك وأجرى سلسلة لقاءات؛ بينها مع وفد مالي بريطاني واجتماع آخر مع جمعية منتجين ومستثمرين عراقيين، ما يعتبر مؤشرا آخر على أن إعلان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني أن إقالته جاءت بناء على طلبه لم يكن دقيقا خاصة وأن عبارة "بناء على طلبه"، جاءت في عدة قرارات للسوداني أعفى فيها مسؤولين كباراً من مهامهم، أبرزهم رئيسة هيئة الاستثمار سهى النجار ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
حتى نهار الأحد، كان المحافظ السابق مصطفى مخيف يمارس مهامه داخل البنك وأجرى سلسلة لقاءات
وأكدت مصادر مطلعة في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن هناك قرارات أخرى سيتم اتخاذها بالساعات القادمة تتعلق بمناصب مالية وإدارية في عدد من البنوك الحكومية العراقية.
وحول إمكانية استمرار العلاق في عمله بالوكالة لحين اختيار محافظ جديد للبنك المركزي العراقي، قال الخبير القانوني العراقي علي الكعبي، لـ"العربي الجديد"، إن منصب المحافظ من المناصب الخاضعة لما يعرف بالدرجات الخاصة، التي توجب على رئيس الحكومة عرض المنصب والمرشح للبرلمان من أجل تمريره، لذلك فإن مسألة بقاء العلاق في المنصب لها جوانب سياسية أيضا".
وتابع الكعبي في اتصال هاتفي أن "العلاق قد يذهب إلى اتخاذ إجراءات جديدة لضبط قيمة الدينار، لكن الأزمة الرئيسة تكمن في فتح حوار أميركي عراقي يتعلق بإجراءات البنك الفيدرالي الأخيرة، والتي سببت الأزمة حيث تضع واشنطن مسألة منع وصول الأموال بالدولار إلى طهران ودمشق تحديدا على لائحة أولوياتها في العراق، وتعتبر أن بنوكا وشركات تتلاعب وتتحايل على العقوبات من أجل إيصالها".