اختطاف الناشط العراقي البيئي جاسم الأسدي.. حامل لواء الأهوار
فُقِد أثر الناشط البيئي جاسم الأسدي قبل أربعة أيام (فيسبوك)
أُعلن أخيراً اختطاف الناشط العراقي البيئي جاسم الأسدي، المناضل من أجل الحفاظ على الأهوار العراقية الواقعة جنوبيّ البلاد. وقد نقلت وكالة فرانس برس، عن عائلته، أنّ مسلحين اعترضوا طريقه بالقرب من العاصمة بغداد، يوم الأربعاء الماضي في الأوّل من فبراير/ شباط الجاري، واقتادوه إلى مكان مجهول، وقد قُطِعت أخباره منذ ذلك الحين.
ويدير الناشط البارز جاسم الأسدي جمعية "طبيعة العراق" التي تُعنى بالدفاع عن البيئة، وهو يظهر بصورة دائمة عبر وسائل الإعلام المحلية والأجنبية لرفع مستوى الوعي حول الأهوار العراقية المُدرجة على لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) للتراث العالمي، ويهدّدها في الفترة الأخيرة شحّ المياه والجفاف.
وفي اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس، أخبر ناظم الأسدي أنّ شقيقه الناشط البيئي "كان يقود سيارته على الطريق السريع آتياً من مدينة الحلة (جنوب) في اتّجاه بغداد"، عندما "أوقفته سيارتان وقام مسلحون بملابس مدنية (...) بتقييد يدَيه ووضعه في إحدى المركبات ونقله إلى مكان مجهول". وأوضح أنّ الحادثة وقعت "على بعد نحو خمسة كيلومترات عن العاصمة" بغداد.
أضاف شقيق الأسدي أنّ "أبن عمي كان يرافقه وتركوه في اللحظة نفسها على الطريق"، مؤكداً أنّ الخاطفين لم يتّصلوا بالعائلة، في حين أنّ الشرطة تواصل البحث عن الناشط البيئي. ورداً على سؤال عن دوافع الخطف، قال الأسدي: "نحن في حاجة إلى وقت لفهم الأسباب".
من جهته، أفاد مسؤول أمني لوكالة فرانس برس، طالباً عدم الكشف عن هويته، بأنّ عائلة الأسدي قدّمت بلاغاً إلى القوات الأمنية يفيد بأنّهم فقدوا الاتصال مع جاسم الأسدي في أثناء توجّهه إلى بغداد.
وجاسم الأسدي مهندس هيدروليك وُلد في عام 1957 في أهوار العراق، وقد شارك منذ عام 2006 في مبادرات تهدف إلى إنعاش هذه المنطقة الواقعة في جنوب العراق، وتعرّضت لتجفيف شبه كامل في تسعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وعمل في مجالات الأبحاث الخاصة بالمسطحات المائية العراقية، وأسهم بشكل فاعل في الحوارات التي سبقت إدراج الأهوار على لائحة التراث العالمي.
وعلى الرغم من عودة مظاهر الحياة إلى طبيعتها واستقرار الأوضاع الأمنية نسبياً، بعد عقود من الصراع في العراق، ما زالت حوادث خطف واغتيال ناشطين أو مسؤولين تتكرّر في هذا البلد الذي يعيش نزاعات قبلية، فيما يدين المجتمع المدني انتشار الأسلحة والفصائل المسلحة في عموم العراق.
وفي الإطار نفسه، أفاد مقرّبون من الناشط المختطف "العربي الجديد" بأنّ عملية الاختطاف جرت في منطقة اللطيفية التابعة لمحافظة بابل (وسط العراق)، في أثناء توجّهه إلى بغداد للمشاركة في مؤتمر خاص بالبيئة، ثم الانطلاق إلى محافظة ذي قار (جنوب) لاستكمال أعماله ونشاطاته المرتبطة بالأهوار.
وتفاعل ناشطون وصحافيون عراقيون كثر مع خبر اختطاف جاسم الأسدي، وقد عدّوه خرقاً للقانون وتضييقاً على الناشطين ومحاولة قمعهم في سبيل قطع الطريق على فضح السياسات الخاصة بالموارد المائية والقضايا البيئية.
في تغريدة له على موقع تويتر، سأل الصحافي مرتضى اليوسف: "لماذا اختفى الناشط البيئي جاسم الأسدي؟"، لافتاً إلى أنّ أثره فُقِد قبل أربعة أيام في محيط بغداد. أضاف في ما يشبه البلاغ أنّ خمسة أشخاص "يستقلّون سيارتَين، إحداهما لاند كروزر (تويوتا)" اقتادوه إلى مكان مجهول. وتابع قائلاً إنّه أُفرِج عن ابن عمه الذي كان يرافقه "في ظروف غامضة"، في حين أنّ مصيره ما زال "مجهولاً". وعاد ليسأل: "هل خُطف أم اعتُقل؟".
لماذا اختفى الناشط البيئي جاسم الأسدي؟
— Murtadha al-Yusuf (@MurtadhaAlyusuf) February 5, 2023
- اختفى قبل أربعة أيام على الطريق الدولي في محيط بغداد مع ابن عمه.
- يبلغ عدد من اقتاده إلى مكان غير معلوم، خمسة أفراد يستقلون سيارتين إحداهما لاندكروزر.
- أفرج عن ابن عمه في ظروف غامضة.
- لا يزال مصير الأسدي مجهولاً.
هل خُطف ام اُعتقل؟ pic.twitter.com/plC7Wl18mT
وتعاني الأهوار من موجة جفاف ضربت العراق في الأعوام الماضية، بما في ذلك نقص الأمطار وانخفاض منسوب نهرَي دجلة والفرات بسبب السدود التي أُقيمت في المنبع في تركيا وإيران المجاورتَين.
ويواجه العراق عموماً مشكلات بيئية خطرة، من بينها التصحّر، نتيجة عمليات جرف الغطاء الأخضر، وسوء إدارة أزمة المياه التي سبّبت موجة جفاف حادة، إلى جانب الاعتداء على الغطاء النباتي، وتعمّد تدمير البيئة الذي نتج من عمليات جرف آلاف الهكتارات من البساتين والأراضي الزراعية في مناطق عدّة حول البلاد، الأمر الذي حوّلها إلى أراضٍ قاحلة.