تفاهمات عراقية وأميركية قد تسعف الدينار: حماية النظام المصرفي
بعد أسبوع من الحوارات التي يجريها الوفد العراقي برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين، في واشنطن، لبحث جملة من الملفات أبرزها أزمة تراجع قيمة الدينار العراقي، إثر الإجراءات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية أخيراً على البنك المركزي العراقي للحد من تسلل الدولار إلى إيران والنظام السوري، أصدرت لجنة التنسيق العليا الأميركية – العراقية بشأن اتفاقية الإطار التنسيقي بياناً مشتركاً، أكدت فيه العزم على مواصلة العمل معاً لتحديث النظام المالي في العراق، ودعم جهود العراق لحماية النظام المصرفي.
وأمس الأربعاء، ترأس وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اجتماعاً للجنة التنسيق العليا، وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي لعام 2008 لعلاقة الصداقة والتعاون بين البلدين.
ويُعد هذا الاجتماع بمثابة أول اجتماع للجنة التنسيق العليا يركز على التعاون الاقتصادي، وتنمية قطاع الطاقة، وتغير المناخ، وضم الوفد العراقي ممثلين رفيعي المستوى من مجلس النواب والبنك المركزي، ووزارة الخارجية، ووزارة النفط، ووزارة التخطيط وزارة المالية ووزارة الكهرباء، ومكتب رئيس الوزراء، ومبعوث العراق للمناخ، وحكومة إقليم كردستان.
إضافة إلى وزارة الخارجية الأميركية ضم الوفد الأميركي رئيسة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور، والمبعوث الرئاسي الخاص لتغير المناخ السيد جون كيري، ونائب وزير الخزانة والي أدييمو، والمنسق الرئاسي الخاص للطاقة العالمية والبنية التحتية عاموس هوكشتاين، والمنسق لمكافحة الفساد العالمي ريتشارد نيفيو، ومنسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط بريت ماكغورك، وكبار المسؤولين من وزارة الخارجية والخزانة، والطاقة، والتجارة.
وناقش الجانبان التحديات التي يواجهها الاقتصاد العراقي، بما في ذلك أسواق سعر الصرف الموازية، ووفقا للبيان المشترك فقد "رحبت الولايات المتحدة بجهود الحكومة العراقية في سن الإصلاحات الاقتصادية، والإصلاحات في السياسة النقدية، وتحديث القطاع المصرفي والمالي، ومكافحة الفساد، ومنع التلاعب بالنظام المالي- الإجراءات التي من شأنها أن تساعد في تعزيز الآفاق الاقتصادية للعراق، بما في ذلك تعزيز الأسواق المالية وأسواق الصرف".
وجدد الوفد الأميركي دعمه لـ"جهود العراق المستمرة لبناء القدرات الفنية وتنفيذ المعايير الدولية لحماية النظام المصرفي من الجرائم المالية وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب".
وأكد الجانبان العزم على "مواصلة العمل معاً لتحديث النظام المالي في العراق من أجل تحسين أوضاع الشعب العراقي"، كما أكدا "تطابق وجهات النظر بالسعي لأجندة طموحة لاستقلال الطاقة لتحقيق أقصى قدر من الازدهار الاقتصادي للعراق وحماية سيادته"، وأبدى الجانبان موافقتهما على أن "للعراق فرصة تاريخية للاستثمار في مبادرات البنية التحتية للطاقة المصممة لتحسين خدمات الكهرباء للشعب العراقي، وتأمين الاكتفاء الذاتي من الطاقة للعراق، وتخفيف الضرر البيئي لكل من المناخ العالمي والصحة العامة العراقية تحقيقا لهذه الغاية".
وقرر الجانبان "تسريع الجهود للربط الإقليمي لشبكة الكهرباء العراقية وتحديث البنية التحتية للكهرباء واستكشاف فرص الطاقة المتجددة"، وأشاد الوفد الأميركي بـ"التزام العراق بمشاريع الربط الكهربائي الإقليمي مع الأردن والمملكة العربية السعودية وهيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي".
كما أكد البلدان "أهمية مكافحة تغير المناخ والتكيف معه، واستعرض الوفد العراقي أن العراق سيقوم قريبا بنشر استراتيجية حكومية شاملة لمواجهة التغير المناخي"، مؤكدين أيضا التزامهما بـ"تسريع التنفيذ لمشاريع احتجاز الغاز المشتعل لتحقيق التخلص من الحرق التقليدي للغاز بحلول عام 2030 لتحقيق التعهد العالمي بشأن الميثان".
واستعرضت الولايات المتحدة خطتها لتوسيع برامج تغير المناخ في العراق، بعدما قدمت للعراق أكثر من 1.2 مليار دولار كمساعدات إنمائية على مدى السنوات الخمس الماضية، كما أكدت المناقشات على أهمية الحاجة إلى مشاريع طموحة خاصة بمزارع الطاقة الشمسية، وإنشاء إطار تنظيمي لجذب الاستثمار في الطاقة المتجددة.
كما ناقش الجانبان أزمة المياه في العراق، وأعربت الولايات المتحدة عن نيتها مواصلة مساعدتها الفنية لتحسين ممارسات إدارة المياه في العراق. ودعت الولايات المتحدة العراق لترشيح خبراء في إدارة المياه للمشاركة في برامج التبادل مع قادة الولايات المتحدة في هذا المجال، وأكد الوفدان "أهمية الاستفادة من التقنيات الحديثة في إدارة المياه الجوفية وكفاءة الري".
ورحبت الولايات المتحدة بالتطورات الإيجابية في العلاقات بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان والمفاوضات الجارية بشأن الميزانية الفيدرالية لعام 2023 وقانون الهيدروكربونات.
وأكدت الولايات المتحدة للوفد العراقي، أن "القطاع الخاص الأميركي هو الأفضـل فـي مجـال التكنولوجيا وقدرته الفريدة على مواجهة تحديات الطاقة في العراق".
كما استضاف مجلس الأعمال العراقي - الأميركي في غرفة التجارة الأميركية، مائدة مستديرة للوفد العراقي مع 40 شركة أميركية، ورواد الصناعة من الخبراء في مجال التقاط الغاز، وتحديث البنية التحتية للكهرباء، ومصادر الطاقة المتجددة.
وبعد هذه الفعالية أعلنت غرفة التجارة أنها "ستقود بعثتين تجاريتين أميركيتين إلى العراق في شهر يوليو/حزيران لاستكشاف فرص الاستثمار". بالإضافة إلى ذلك، أشار الوفدان إلى "نية مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، ووزارة التجارة العراقية لبدء التخطيط لاجتماع مجلس اتفاقية إطار التجارة والاستثمار في عام 2023".
وتعد هذه الاتفاقية بين الولايات المتحدة والعراق، بمثابة منتدى لحل العقبات التجارية، وتعزيز الاستثمار وفرص التجارة الثنائية بين البلدين. وأعلن الوفد الأميركي أن سفارة الولايات المتحدة في بغداد بدأت بالتدريج في تقديم خدمات منح التأشيرات لغير المهاجرين.
وأكد الجانبان أنهما "يخططان لعقد اجتماعات للجان التنسيق المشتركة تحت اتفاقية الإطار الاستراتيجي، واجتماعات إضافية للجنة التنسيق العليا، لمتابعة الاستثمارات في مجال الطاقة والاقتصاد والمناقشات المتعلقة بالمناخ التي عقدت خلال اجتماعات لجنة التنسيق العليا هذه. وأكد الوفدان الأميركي والعراقي تصميمهما على تعزيز العلاقة الاستراتيجية بين البلدين".
وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) قد فرض إجراءات على الحوالات المالية الخارجية من العراق، لضمان عدم وصولها إلى طهران ودمشق.
ويعول العراق كثيرا على نتائج زيارة وفده لواشنطن، في إعادة إنعاش الدينار العراقي مجددا، والذي وضع تهاويه السريع خلال الأيام الأخيرة اقتصاد البلد على الهاوية، وتسبب بموجة غلاء غير مسبوقة في السوق العراقية.