عقوبات موسكو قد تعطل سلاح الجو في العراق
يبدو أن العقوبات المفروضة على روسيا منذ أكثر من عام ستبدأ تأثيراتها السلبية قريباً في طيران الجيش العراقي الذي يضم أكثر من 200 مروحية أميركية وفرنسية وروسية، تمثل الأخيرة منها جزءاً كبيراً.
ويمتلك العراق نحو 60 مروحية روسية هجومية مثل (Mi- Mi-35 Hind و24Mi-28NE Havoc) وتعد العمود الفقري للطيران العراقي حالياً في عملياته العسكرية ضد تنظيم "داعش" والجماعات المسلحة في أنحاء البلاد.
الهجوم العسكري الروسي
وبحسب تقرير المفتش العام في وزارة الدفاع الأميركية ووزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية والمتعلق بعملية "العزم الصلب" نشر قبل أيام وصدر في فبراير (شباط) الماضي، فإن "حرب أوكرانيا أدت إلى الحد من قدرة وحدات سلاح الجوي العراقي على الوصول إلى قطع غيار لمروحيات إم آي-17 الروسية الصنع لأن معظمها موجهة لدعم الجهود العسكرية الروسية في أوكرانيا، فضلاً عن قيود على شراء قطع غيار روسية الصنع".
كما تطرق وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أخيراً في تصريحات له إلى رغبة بغداد في الحصول على استثناءات من العقوبات المفروضة على روسيا لتسديد مستحقات الشركات الروسية العاملة بمجال النفط وشراء معدات معسكرية وأدوات احتياطية للأسلحة العراقية بينها المروحيات الروسية، مما يدل على استمرار أزمة توقف الطائرات المروحية العراقية ذات الصنع الروسي ما لم يتم إيجاد حلول، لا سيما في ظل الأزمة الروسية- الأوكرانية.
وبحسب تقرير المفتش العام ذاته فإن "الخطة الحالية هي الحصول على أربع مروحيات Bell 412EPX و16 مروحية Bell 412M لتحل مكان أسطول إم آي-17 الروسية الصنع".
وتابع التقرير أنه إضافة إلى هذا الطراز من المروحيات الأميركية، فإن الجيش العراقي يسعى إلى الحصول على "15 مروحية هجومية خفيفة جديدة من طراز Bell 407M، بما في ذلك أنظمتها للصواريخ والمدافع وإلكترونيات الطيران لتحل محل الأسطول القديم للقوات العراقية من طراز 407، إلى جانب 15 مروحية تدريب جديدة من طراز Bell 505 لتحل مكان أسطول التدريب القديم من طراز Bell 407 وOH-58".
أوروبا الشرقية
فيما قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كريم أبو سودة إن البلاد تتباحث للحصول على قطع الغيار لطائراتها من دول أوروبا الشرقية وبموافقة واشنطن وأضاف أن "الحرب الروسية- الأوكرانية أحدثت حصاراً على موسكو من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، فيما استوردت طائرات مروحية من روسيا خصوصاً من طراز مي 35، إلا أن الحصار على موسكو من قبل واشنطن وأوروبا حال دون وصول قطع الغيار لتلك الطائرات من روسيا إلى العراق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأردف أن الحكومة ووزارة الدفاع العراقية بحثتا مع موسكو في هذا الشأن و"ننتظر الدول التي تمتلك هذا النوع من الطائرات من أوروبا الشرقية لتزود العراق بقطع الغيار لتلك الطائرات بموافقة أميركية".
مروحيات أوروبية وأميركية
وعن إمكانية البحث عن مروحية أميركية أو أوروبية أوضح أبو سودة أن "القوات الأمنية ولجنة الأمن والدفاع في البرلمان حريصتان على تسليح الجيش العراقي. وبعد توافر الأموال اللازمة سنكون بحاجة إلى عدد كبير من الطائرات للدفاع عن الوطن داخلياً وخارجياً، لا سيما أن ’داعش‘ ما زال يهدد الأمن الداخلي ومن الوارد التفاوض على طائرات مروحية من الولايات المتحدة أو دول الاتحاد الأوروبي".
فيما يرى المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية معن الجبوري أن "هناك بدائل للعراق لتوفير المواد الاحتياطية لطائراته تتمثل في دول المعسكر الاشتراكي السابق أو تجار السلاح الذين بمقدورهم الحصول على هذه الأدوات وقطع الغيار".
وقال إن "العراق يعتمد بشكل كبير على المؤسسة العسكرية الشرقية والمنظومة الاشتراكية إلا أنه بعد 2003 دخل ضمن المؤسسة العسكرية الغربية"، مشيراً إلى أن "البلاد استوردت طائرات إف 16 وأن شركات الصيانة لهذه الطائرات موجودة في العراق".
وأضاف "على العراق أن يسعى إلى الحصول على قطع الغيار لطائراته المروحية خارج إطار الاتفاقات ومن خلال الدول الاشتراكية السابقة التي كانت ضمن حلف وارسو، فهي تمتلك مثل هذا النوع من الطائرات ولديها مواد احتياطية ممكن أن توفرها للعراق على رغم تعقيد هذه الفرضية"، لافتاً إلى أن "هذا الأمر قد لا ينجح ويضعنا أمام المساءلة القانونية من قبل الولايات المتحدة التي تعتبر أكبر شريك دولي للبلاد، لذا فهي بحاجة إلى تنسيق دولي".
وضع صعب
وشرح الجبوري أن عملية تحويل الأموال إلى روسيا أمر صعب بموجب الحظر المفروض عليها من قبل واشنطن، فضلاً عن المراقبة على خروج الدولار من العراق، معتبراً أن أسلم طريقة للبلاد الاستعانة بالسلاح الغربي والذهاب نحو كل من فرنسا والولايات المتحدة في تجهيزه بالأسلحة.
من جانبه يرى الخبير الأمني جمال الطائي أن بإمكان العراق الاستعانة بالطائرات الأميركية المقاتلة لحين حل مسألة قطع الغيار لطائراته وقال إن "البلاد تعتمد في تسليحها على السلاح الشرقي وبعد الحرب العراقية- الإيرانية تنوعت مصادر السلاح وبدأت تستورد من التشيك وألمانيا وبعد 2003 باتت تستورده من الدول الغربية، بالتالي خرجت طائرات مقاتلة روسية كثيرة بينها الميغ والسوخوي من الخدمة".
وتابع أن "العراق ليست لديه معارك واسعة النطاق من أجل أن نجلب قطع غيار لطائراته المروحية بصورة عاجلة، بالتالي ننتظر إلى حين إيجاد حلول للأزمة الروسية ليتم تزويدنا بقطع الغيار ومن ثم نعيد صيانة طائراتنا"، مشيراً إلى أن هذه المشكلة ليست رهناً بالعراق فقط، بل جميع الدول التي تعتمد على الأسلحة الروسية بينها النظام السوري".
فيما يؤكد المستشار العسكري السابق صفاء الأعسم ضرورة اعتماد العراق أسلوب التنوع في مصادر التسليح للتخلص من أي مفاجآت مستقبلية وقال إن "من حق العراق أن يتزود بقطع الغيار لطائراته من روسيا لوجود معاهدات تسليح بين الطرفين، إلا أن القرار الأميركي أدى إلى عرقلة وصول المواد الاحتياطية الخاصة بالأسلحة، لا سيما الطائرات".
واعتبر أن السلاح الأهم للعراق هو أسلحة مكافحة الإرهاب لمطاردة "داعش"، مشدداً على أن عملية تنويع السلاح، لا سيما أسلحة مكافحة الإرهاب ضرورية.