رحيل عبد الرحمن مجيد الربيعي.. في تجديد القصّة العراقية
ينتمي القاص والروائي العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي (1939 – 2023)، الذي رحل اليوم الإثنين في بغداد، إلى جيل الستينيات من كتّاب السرد في بلاده، الذين عُرفوا باتجاهاتهم المتعدّدة في التجديد، خاصّة على مستوى القصة القصيرة.
وُلد الراحل في الناصرية (345 جنوب بغداد)، حيث التحق بـ"مدرسة الملك فيصل" في المدينة، ثم المدرسة المتوسّطة فيها، لينتقل بعد ذلك إلى العاصمة العراقية ويتخرّج من "أكاديمية الفنون الجميلة"، ويبدأ في تلك الفترة بنشر نصوصه الأولى في الصحف العراقية والعربية.
أصدر أوّل مجموعة قصصية بعنوان "السيف والسفينة" عام 1966، والتي كتبها تحت تأثير الفن التشكيلي وتقنياته، كما أشار في شهادة قدّمها حول تجربته، إذا يقول: "يمكن إرجاع كل قصّةٍ إلى انبهاري أو اهتمامي بهذا الفنان أو تلك التقنية"، مشبّهاً نصوصها بمجموعة من البذور المختلفة التي غرسها في حقل واحد ليرى إذا كان من الممكن أن يشتغل عليها وتحمل إمكانات التطوير.
أصدر أول مجموعة قصصية بعنوان "السيف والسفينة" عام 1966، وكتبها تحت تأثير الفن التشكيلي وتقنياته
لاقت المجموعة استحساناً نقدياً آنذاك، ما دفع الربيعي إلى نشر مجموعته الثانية، "الظلّ في الرأس"، التي صدرت عن "المكتبة العصرية" في صيدا عام 1968، والتي شكّلت مع مجموعته الثالثة، "وجوه من رحلة التعب" (1969)، بداياته التي تقترب من الواقعية في تصوير هموم المجتمع وتمثيل الحياة في مواجهة الاستبداد والقهر وإدانة الاستغلال والظلم الذي يلحق بأفراده.
تأثّر الكاتب بالفلسفة الوجودية في مجالَي النقد والكتابة، مثل العديد من مجايليه في أعمالهم التي ظهرت بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967، مركّزاً في رواياته وقصصه على القمع السياسي الذي عايشه مبكراً عندما اعتُقل سنة 1963، وتعامل معه كظاهرة عربية في مرحلة ما بعد الاستقلال حيث قامت أنظمة عسكرية هيمنت على الفرد وألغت حريته.
زاوج الربيعي بين التدريس والصحافة، وأشرف على تحرير الصفحة الثقافية في "جريدة الأنبار الجديدة"، و"الفجر الجديد" العراقيتين، قبل أن ينتقل للإقامة بيروت بين 1983 و1985 من خلال عمله في وزارة الإعلام العراقي، حيث تقاعد منه في منتصف الثمانينيات، واستقرّ في تونس بعد ذلك.
يمثّل الإنتاج القصصي أساس تجربته الإبداعية، إذ ترك ضمنه العديد من المجموعات، مثل "المواسم الأخرى" (1970)، و"عيون في الحلم" (1970)، و"ذاكرة المدينة" (1975)، و"الخيول" (1976)، و"الأفواه" (1979)، و"سرّ الماء" (1983)، و"صولة في ميدان قاحل" (1984)، و"امرأة من هنا.. رجل من هناك (1998)، وغيرها.
كما أصدر روايات "الوشم" (1972)، و"الأنهار" (1974)، و"القمر والأسرار" (1976)، و"خطوط الطول.. خطوط العرض" (1984)، ونحيب الرافدين" (2009)، وترصد جميعها تحوّلات الواقع العراقي المعاصرة، إلى جانب كتابين في السيرة، هما: "من ذكرة تلك الأيام: جوانب من سيرة أدبية"، و"أية حياة هي؟ سيرة البدايات"، ودراسات نقدية، منها "الشاطئ الجديد"، و"أصوات وخطوات"، و"رؤى وظلال"، و"من النافذة إلى الأفق"، و"من سومر إلى قرطاج"، و"الخروج من بيت الطاعة"، و"كتابات مسمارية على جدارية مغربية".