مخاوف عراقية من انعكاسات إفلاس بنوك عالمية
الأزمات المالية قد تدفع للكساد وهبوط أسعار النفط (فرانس برس)
أثارت قضية إفلاس 3 بنوك أميركية منها "سيليكون فالي"، والمخاطر الكبيرة التي تعرض لها بنك "كريدي سويس" السويسري وأدت لاختفائه مخاوف كبيرة بشأن إمكانية حدوث انهيارات اقتصادية وإفلاسات لمصارف في عدد من البلدان في المنطقة، ولا سيما في العراق الذي يمتلك نظاماً مالياً سرعان ما يتأثر بالتحولات العالمية، وخاصة في ما يتعلق بأسعار النفط التي تعتمد عليها بغداد بشكل كبير، حسب مختصين.
بينما قللت الحكومة العراقية من تأثيرات أزمة المصارف العالمية باعتبار أن الأموال العراقية مودعة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وليس في بنوك تجارية أو استثمارية.
وعلقت حكومة بغداد على لسان المستشار المالي لرئاسة الوزراء مظهر محمد صالح على قضية إعلان إفلاس بنك سيليكون فالي ليشير إلى أن بلاده لا تمتلك أي ودائع مالية لدى البنك الأميركي الذي أعلن إفلاسه. كما لا تمتلك أموال في بنوك أميركية أخرى تعرضت للإفلاس أو هزات عنيفة في الفترة الأخيرة.
وأوضح أن الودائع العراقية مستثمرة بشكل دقيق ضمن محفظة استثمارية محكمة قصيرة الأجل من جانب البنك المركزي ووفق أدلة الاستثمار القياسية التي تتجنب المخاطر المختلفة التي يمكن أن تتعرض لها البنوك العالمية.
مخاوف محتملة
يرى مختصون بالاقتصاد أن أي تأثير مالي عالمي سيؤدي إلى انخفاض مستويات أسعار النفط، وهو ما ينعكس سلباً وبشكل مباشر على البلدان المنتجة للنفط ومنها العراق.
وقال الخبير الاقتصادي العراقي ضرغام محمد إن إفلاس بنوك أميركية ينعكس على الاقتصاد العالمي بشكل عام، لأن النظام المالي الأميركي حاكم وترتبط به أنظمة اقتصادية عالمية.
وأضاف محمد متحدثا لـ"العربي الجديد"، أن حدوث أي خلل في النظام المصرفي الأميركي يمكن أن يتسبب بحدوث أزمة اقتصادية عالمية تنعكس على مستويات أسعار النفط التي سيتضرر من خلالها العراق بشكل مباشر لاعتماده الكبير على الإيرادات النفطية.
وأشار إلى أن النظام المصرفي العراقي يعد من أضعف الأنظمة لعدم وجود الحماية، مؤكداً أن وجود مصارف عديدة مرتبطة بأحزاب وجهات متنفذة، جعل الودائع بيد مجالس الإدارات التي تتصرف بالودائع، ما أدى إلى إفلاس عدة مصارف أهلية عراقية.
ورغم ذلك قلل من المخاطر على أموال المودعين، قائلا إن الودائع في المصارف الحكومية مضمونة باستثناء المصرف العراقي للتجارة الذي تم التصرف بالودائع فيه عن طريق مجالس إدارات سابقة وهناك مخالفات مالية كبيرة شهدها تسببت بإحالة إدارته إلى المحاكم المختصة.
وأكد أن المصارف الأهلية في العراق تشكل مخاوف كبيرة بالنسبة للإيداعات وضمان حقوق المودعين لأنها ما زالت مهددة بالإفلاس أو سحب اليد من قبل البنك المركزي العراقي في أي وقت.
فيما يرى أستاذ الاقتصاد همام الشماع أن البنوك في الدول المتقدمة مترابطة بعضها ببعض وتتشارك في الاستثمارات العقارية والتكنولوجية وغيرها، لذلك عندما يتعرض أي بنك منها للإفلاس فإن المصارف المشتركة معه في استثمارات محددة وفق سندات تصاب هي الأخرى بأزمة كما حصل في أزمة وول ستريت سنة 2008.
وأضاف الشماع في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه رغم تطمينات الرئاسة الأميركية للمودعين بإمكانية الوصول إلى ودائعهم بشكل آمن، لكن هناك مشكلات أخرى قد تظهر إذا وقع كساد عالمي وانخفضت أسعار النفط، إذ حينها ستكون هناك انعكاسات خطيرة على الاقتصاد العراقي.
ضمان الودائع
بعد الإفلاس الذي شهدته عدة مصارف خاصة في العراق بعد سنة 2003، مثل مصارف الوركاء والبصرة ودار السلام والاقتصاد والشمال وغيرها، والتي ما زال المودعون فيها يطالبون بأموالهم بعد إفلاسها، أخذ البنك المركزي العراقي على عاتقه الإشراف على تأسيس الشركة العراقية لضمان الودائع، بمساهمة المصارف الحكومية والتجارية والفروع الأجنبية وصندوق تقاعد موظفي الدولة وشركات التأمين الوطنية.
وفي بيان نشر على الموقع الرسمي للشركة العراقية لضمان الودائع أكدت من خلاله أنها تعمل على توفير غطاء لضمان ودائع الجمهور لدى المصارف العراقية المجازة من البنك المركزي العراقي داخل العراق.
والشركة العراقية لضمان الودائع لم تتم تجربتها لغاية الآن، ومن الصعب التكهن بضمان توفير الودائع وإعادة حقوق المودعين ما لم يتم اختبار عملها فعلياً مع أول أزمة قد يشهدها البلد.