العراق يخصص طائرات مروحية للتدخل في فض النزاعات العشائرية
خطوة تهدف لتسريع تنفيذ أوامر القبض وعدم منح المطلوبين فرصة للهرب (Getty)
أفادت مصادر أمنية عراقية بصدور أوامر بتخصيص طائرات مروحية لتنفيذ أوامر الاعتقال بحق المطلوبين بالنزاعات العشائرية، في خطوة تهدف لتسريع تنفيذ أوامر القبض وعدم منح المطلوبين فرصة للهرب.
جاء ذلك خلال زيارة قام بها، أمس الخميس، وزير الداخلية العراقي الى محافظة ذي قار، جنوبي البلاد، والتي تسجل بشكل شبه مستمر نزاعات عشائرية كبيرة، فضلا عن تسجيل جرائم أخرى وأعمال عنف.
وحاولت الأجهزة الأمنية على مدار السنوات الماضية السيطرة على النزاعات العشائرية، والتي تسجل بشكل مستمر وقوع ضحايا، إلا أن الإجراءات لم تحقق هدفها، والنزاعات تسجل بشكل شبه يومي خاصة بالمحافظات الجنوبية والوسطى من البلاد، التي تمتلك أغلب عشائرها ترسانة أسلحة متوسطة وخفيفة كبيرة.
وترأس الوزير اجتماعاً موسعاً في مقر قيادة شرطة محافظة ذي قار، بحضور المحافظ، ونائب قائد العمليات المشتركة، وقائد عمليات سومر (المسؤولة عن أمن ذي قار والمثنى وميسان)، ووكلاء الوزارة والمديرين العامين في جميع مفاصل وتشكيلات قيادة شرطة ذي قار.
ووفقاً لبيان صدر عن مكتب الوزير، فإنه أكد خلال الاجتماع على "العمل وفق الخطط الهادفة من قبل الجميع، ومكافحة الحالات والظواهر الدخيلة، ومعالجة المشاكل والتحديات ووضع المعالجات لها، فضلا عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق مرتكبي جريمة ما تسمى بالدگة العشائرية (الهجمات العشائرية)، وعدم التهاون بهذا الأمر مطلقاً وتنفيذ أوامر القبض القضائية".
وشدد على "مكافحة المخدرات في المحافظة وتكثيف الجهود في الحواجز الأمنية، لمنع نقل هذه السموم بين الشباب"، داعياً، في الوقت ذاته، إلى "الاعتماد على الجهد الاستخباري الدقيق وجمع المعلومات ومقاطعتها".
ونقلت وكالات أنباء عراقية محلية عن مصادر أمنية بالمحافظة أن الوزير "وجه بتخصيص ثلاث طائرات مروحية عسكرية لاعتقال المطلوبين للقضاء من أفراد العشائر، عن طريق الإنزال الجوي، خاصة ممن يكونون في مناطق نائية يصعب الوصول إليها، خاصة بعدما فشلت غالبية الطلعات العسكرية في اعتقال المطلوبين، وعدم تحقيق أهدافها".
وشدّد على أن "يتم التعامل مع الدكة العشائرية كمعاملة المطلوب بتهمة الإرهاب، وألا يتم انتظار تقديم شكوى من أحد الأطراف لتنفيذ الإجراءات القانونية بحق الجناة، بحسب ما تم الاتفاق مع مجلس القضاء الأعلى".
و"الدكّة العشائرية" هي قيام مسلّحين ينتمون إلى قبيلة معيّنة بتهديد أسرة تنتمي إلى قبيلة ثانية في بيتها عبر إطلاق نار بمختلف الأسلحة، وإلقاء قنابل يدوية أحياناً، كتحذير شديد اللهجة بهدف دفعها إلى التفاوض لتسوية خلاف، وفي حال عدم موافقة الطرف المستهدَف، فإنّ الأمور تتفاقم إلى وقوع ضحايا من الطرفَين.
من جهته، أكد ضابط أمن رفيع في محافظة ذي قار أن "زيارة الوزير ركزت على بحث ملف النزاعات العشائرية ومعالجتها"، مبينا لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "التوجيه بتخصيص الطائرات في حال تطور النزاعات وتطلب تدخل المروحيات أو لضبط المتورطين الفارين".
وأوضح أن "القوات الأمنية تتعثر بتنفيذ عمليات الاعتقال خلال النزاعات العشائرية، بسبب كثافة النيران التي تستخدم فيها، وبعد المسافات في بعض المناطق النائية، فضلا عن الطبيعة الجغرافية المعقدة لبعض منها، وهو ما يتسبب بمنح المطلوبين فرصة الهرب والتخفي من أجهزة الأمن".
وأكد أن "الطائرات ستمنحنا القدرة على ملاحقة المطلوبين بالسرعة المطلوبة، وهو ما سيساهم بالتالي بتحجيم تلك النزاعات إذا ما تم القبض على المطلوبين وإصدار الأحكام القانونية بحقهم".
عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية السابقة علي البياتي أثنى على الخطوة، وقال في تغريدة له: "خطوة مهمة، ولكن المهم التنفيذ وعدم التمييز بين عشيرة وأخرى".
خطوة مهمة ولكن المهم التنفيذ وعدم التمييز بين عشيرة واخرى https://t.co/ACRvAXNyQz
— Dr. Ali Al Bayati | د. علي البياتي (@aliakramalbayat) March 24, 2023
وكانت القوات العراقية قد نفذت في الفترات السابقة عدّة خطط لنزع السلاح، شارك في بعضها الطيران العراقي، لكنّ تلك الخطط لم تحقق أهدافها.
وتعتبر النزاعات العشائرية في مناطق جنوب العراق ووسطه إحدى أبرز المشاكل الأمنية التي تعاني منها تلك المناطق، إذ تحصل من وقت لآخر مواجهات مسلحة تُوقع قتلى وجرحى بين عشائر مختلفة، لأسباب يتعلق أغلبها بمشاكل الأراضي الزراعية والحصص المائية، يُستخدم فيها أحيانا سلاح متوسط وقذائف هاون، والقذائف الصاروخية المحمولة على الكتف.