العراق يستهدف زيادة إنتاجه النفطي 25 في المئة خلال 5 سنوات
قال محللون إن إنتاج العراق من النفط قد يصل إلى ذروته بعد نمو بنحو 25 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو ما يقل عن أهداف عام 2027.
وكلف التناحر السياسي العراق فرصة للاستثمار في زيادة الإنتاج بسرعة أكبر، ومع تسارع وتيرة التحول إلى الطاقة المتجددة فإن هذا يعني أن بغداد قد لا تكون قادرة على الاستفادة من مئات مليارات البراميل الموجودة في الأرض، حتى مع جهود وزير النفط الجديد لجذب الاستثمار، ومنذ عام 2016 ظل إنتاج العراق عند حوالى 4.5 مليون برميل يومياً.
وقبل ذلك الحين نمت الطاقة الإنتاجية بسرعة، إذ فتحت الحكومة القطاع في عام 2009، وطورت شركات النفط الدولية أكبر حقول النفط في البلاد. وتباطأ النمو لأسباب منها موافقة العراق على تحديد حد أقصى للإنتاج بموجب سياسة الإمداد المتفق عليها بين "أوبك" وحلفائها أو المجموعة المعروفة باسم "أوبك+".
وقال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد إن وزير النفط العراقي حيان عبدالغني الذي تولى منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) يعتزم تحديث إستراتيجيات إنتاج النفط العراقي لتلبية الحاجات المحلية مع الامتثال لاتفاق "أوبك+"، مضيفاً "من الباكر جداً للحكومة الجديدة الحديث حول السعي إلى تحقيق أية زيادات جوهرية في إنتاج النفط العراقي بعيداً من اتفاق ’أوبك+‘". وبموجب الاتفاق يبلغ إنتاج العراق المستهدف 4.43 مليون برميل يومياً حتى ديسمبر (كانون الأول)، ونتيجة لذلك حوّل العراق تركيزه إلى قطاعي التكرير والغاز وخفض الإنفاق الرأسمالي في قطاع النفط، بحسب ما قال محللون في "إف جي إي" للاستشارات و"ريستاد إنرجي" لـ "رويترز".
صعب إن لم يكن مستحيلاً
وبالنسبة إلى قطاع النفط فقد أرجأت البلاد مراراً هدف الوصول إلى طاقة تتراوح بين 7 و 8 ملايين برميل يومياً من 5 ملايين برميل يومياً، وقالت الحكومة السابقة في تصريحات خلال العام الماضي إنها تأمل في الوصول إلى المستويات الأعلى بحلول عام 2027، وتوقعت بعض شركات الاستشارات في قطاع الطاقة أن العراق قد لا يصل إليها أبداً.
وقال العضو المنتدب لمنطقة الشرق الأوسط في "إف جي إي" للاستشارات إيمان ناصري، إن "الطاقة الإنتاجية ستصل إلى ذروتها وستبلغ 6.3 مليون برميل يومياً بحلول 2028 قبل أن تتراجع"، مشيراً إلى أن البيئة السياسية والأمنية والاستثمارية أسهمت جميعها في منع العراق من دفع الإنتاج إلى مستوى أعلى من ذلك.
وأضاف، "نعتقد أن هدف العراق الحالي يبدو صعباً إن لم يكن مستحيلاً".
وتوقعت شركة "ريستاد إنرجي" أن يقتصر الإنتاج على 5.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2027 نتيجة لقيود النمو في الأنشطة الوسطى، ولأن المشاريع التي تعتبر حاسمة لتعزيز الإنتاج متوقفة.
وبعد عقدين من بدء الحرب فإن الأهداف الحالية وحتى التوقعات الأقل بعيدة من هدف العراق بعد الحرب لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 12 مليون برميل يومياً،
وقال محللون إن الطموح تراجع عام 2012 بعد أن تفاوضت شركات النفط الدولية العاملة في العراق على أهداف إنتاج أقل لحقولها بسبب انخفاض عوامل الاستخلاص وارتفاع معدلات التراجع الطبيعي، وكذلك لأن العراق لا يستثمر بما فيه الكفاية في البنية التحتية.
كما كانت شركات النفط الكبرى تأمل في أن تقوم بغداد بتحسين شروط عقود الخدمات الفنية لكن هذا لم يحدث، وغادرت شركات منها "إكسون موبيل" و"رويال داتش شل".
مشكلات على سطح الأرض
وتقول مصادر مطلعة في القطاع إن المشكلات على الأرض وليست في باطنها، إذ إن بها طاقة ضخمة غير مكتشفة، كما تشمل تغييرات متكررة في الحكومة والنزاعات السياسية والبيروقراطية.
وفشلت الحكومات المتعاقبة في التوقيع على جولة التراخيص الخامسة في العراق عام 2018، وفي نهاية فبراير (شباط) وُقعت ستة اتفاقات من أصل 11 منطقة امتياز للنفط والغاز، مما يمثل إصلاحات طال انتظارها لشروط التشغيل في البلاد، ولم تكن شركات النفط العالمية هي المستفيدة بل شركة "نفط الهلال الإماراتية" فضلاً عن شركتين صينيتين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مصدر مقرب من قطاع الطاقة العراقي، لم يكشف عن اسمه، إن العقود الممنوحة تدفع الرسوم مقدماً وتربط الإيرادات بأسعار النفط، موضحاً أن "قرار عبدالغني التوقيع على الصفقات بعد أربعة أشهر من تعيينه يظهر عزماً جديداً في الحكومة لإبرام صفقات أكثر جاذبية لشركات الطاقة العالمية.
لكن لا تزال هناك مشكلات أخرى، إذ توقف مشروع كبير لمعالجة مياه البحر كان ضرورياً لزيادة الإنتاج في حقول النفط الجنوبية من خلال حقن المياه لأكثر من عقد، بسبب الخلاف على الشروط، وتعد شركة النفط الفرنسية الكبيرة "توتال إنرجيز" الأحدث في تنفيذ المشروع في إطار صفقة بقيمة 27 مليار دولار لبناء أربعة مشاريع للنفط والغاز والطاقة المتجددة على مدى 25 عاماً. وقال الرئيس التنفيذي للشركة باتريك بويان هذا الشهر إن "الخلافات التعاقدية لم يتم حلها"، مضيفاً "العراق ليس أسهل مكان للاستثمار في ظل كل هذه الأخطار".
وبحسب بيانات "ريستاد" وأبحاث وكالة "رويترز" فإن مشروع المياه سيعزز الإنتاج في الحقول العراقية الخمسة بمقدار مليوني برميل يومياً من النمو البالغ 2.4 مليون برميل يومياً اللازم لبلوغ أهداف العراق لعام 2027.
وقال نائب رئيس شركة "ريستاد" لأبحاث أنشطة المنبع في الشرق الأوسط أديتيا ساراسوات إن "الانتهاء قبل عام 2027 غير مرجح".
وفيما جدد وزير النفط العراقي هذا الشهر سبع فرص استثمارية في قطاع التكرير، قال ساراسوات إن عبدالغني حتى لو تمكن من العثور على شركات مهتمة بهذه المشاريع فإن إمكانات التكرير في العراق تسمح فقط بزيادة الإنتاج 500 ألف برميل يومياً من الخام وسيستغرق ذلك وقتاً.
وقف 450 ألف برميل من صادرات كردستان
في غضون ذلك أظهرت بيانات من شركة تسويق النفط العراقية "سومو" أن الطاقة التصديرية من جنوب العراق توقفت عند حوالى 3.2 إلى 3.3 مليون برميل يومياً في العام الماضي، بعد تعطل تطوير البنية التحتية في موانئ المنطقة المطلة على الخليج، وأن إنتاج النفط في كردستان العراق مهدد بعد وقف تركيا الصادرات عبر خط أنابيب،
وبات إنتاج النفط في إقليم كردستان العراق، المتمتع بحكم شبه ذاتي، مهدداً بعد أن أجبر توقف الصادرات من المنطقة الواقعة شمال العراق الشركات العاملة هناك على ضخ الخام إلى منشآت التخزين ذات السعة المحدودة.
واضطر العراق إلى وقف نحو 450 ألف برميل يومياً من صادرات الخام من إقليم كردستان العراق يوم السبت عبر خط أنابيب تصدير يمتد من حقول نفط في كركوك شمال البلاد إلى ميناء جيهان التركي، كما أوقفت أنقرة ضخ النفط الخام العراقي من خط الأنابيب بعد فوز العراق بقضية تحكيم قال فيها إن تركيا انتهكت اتفاقاً مشتركاً بالسماح لحكومة إقليم كردستان بتصدير النفط إلى ميناء جيهان من دون موافقة بغداد.
وتركت شركات النفط العاملة في المنطقة في حال من عدم اليقين انتظاراً لنتيجة المناقشات الجارية بين أنقرة وبغداد وحكومة إقليم كردستان لإيجاد طريقة لاستئناف الصادرات.
وقالت شركة "جلف كيستون بتروليوم" التي تشغل حقل شيخان بطاقة إنتاجية تبلغ 55 ألف برميل يومياً في إقليم كردستان العراق في بيان اليوم الإثنين، إن "منشآتها لديها سعة تخزين تسمح بمواصلة الإنتاج بمعدل مخفض خلال الأيام المقبلة، وبعد ذلك ستوقف الشركة الإنتاج".
كما قالت شركتا "دي إن أو" و"جينيل إنرجي" اللتان تعملان أيضاً في المنطقة إنهما تقومان حالياً بتخزين النفط في مستودعات يمكنها أن تستوعب إنتاج أيام عدة.
وقالت "شامران بتروليوم"، وهي شركة أخرى عاملة في المنطقة إنها "ستبقى على اتصال وثيق مع منتجي النفط الآخرين في إقليم كردستان ومع المسؤولين الحكوميين المعنيين وستواصل مراقبة هذا الوضع عن كثب".