العراق يدرس طباعة فئات نقدية جديدة... وتحذيرات من المخاطر
مخاوف من موجة تضخمية في حالة طباعة الفئات الجديدة (Getty)
كشف البنك المركزي العراقي عن إمكانية طباعة عملة نقدية جديدة من فئة 20 ألف دينار (ما يقرب من 15 دولاراً)، وأن دائرة الإصدار والخزائن التابعة له تعمل على دراسة الإصدار الجديد استجابة لطلبات السوق وتطوراته والحد من عمليات التزوير والتزييف.
ويأتي ذلك وسط تحذيرات من مخاطر هذه الخطوة التي قد تؤدي إلى تآكل قيمة العملة المحلية. وشهدت العملة العراقية بعد الغزو سنة 2003 تغييرا في شكلها وطبيعتها بالتزامن مع النظام المالي العراقي المتغير والمتذبذب في ظل ظروف متقلبة أفقدتها قيمتها المحلية وتأثيرها السوقي.
كما تعرضت العملة المحلية لانهيار كبير في ديسمبر/كانون الأول من عام 2020 بعدما قرر البنك المركزي تخفيض سعر الصرف بنسبة تصل إلى 22 بالمائة من سعر 1200 إلى 1450 دينارا مقابل الدولار، بسبب العجز المالي والأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد.
وأثار إجراء سعي البنك المركزي لإصدار الفئة النقدية الجديدة حالة من الجدل لدى الأوساط المحلية حول جدوى القرار وانعكاساته الاقتصادية على الأسواق المالية العراقية.
الهيكل النقدي
يمتلك العراق عددا من الفئات النقدية المتداولة التي تشكل هيكل الكتلة النقدية المحلية في السوق، وتشمل هذه الفئات (250، 500، 1000، 5000، 10000، 25000، و50000) دينار، وكان آخر إصدار سنة 2011 حينما أصدر البنك المركزي العراقي ورقة نقدية من فئة خمسين ألف دينار، لتدخل ضمن نظام المدفوعات النقدي العراقي.
وقال مستشار البنك المركزي العراقي، إحسان الياسري، إن إجراء طباعة الورقة النقدية من فئة 20 ألف دينار يدخل في مجال الممارسات النقدية الطبيعية للبنك المركزي، وهو الآن في إطار إعادة النظر بهيكل سلسلة الأوراق النقدية الوطنية، وأن هذه الفئة ستكون وسيطة لهيكل العملات النقدية وستوفر إضافة للفئات الأصغر كالخمسة آلاف وعشرة آلاف دينار.
وأشار الياسري في حديث صحافي، إلى أن حجم الكتلة النقدية المتداولة لدى المصارف والمواطنين يتراوح حالياً بين 83- 84 تريليون دينار عراقي، والسعي للإصدار الجديد من فئة 20 ألفاً لن يغير كثيراً من حجم المتداول لأنها ستدخل ضمن السيولة الموجودة.
كما أكد الياسري أن طباعة الفئة الجديدة لن تؤثر على قيمة العملة العراقية المتداولة، كما لن تؤثر على مستويات وحجم التضخم في السوق، لأن التضخم مرتبط بالسياسات الاقتصادية ولا علاقة له بالتداول النقدي.
وأشار إلى أن دائرة الإصدار والخزائن (إحدى مؤسسات البنك المركزي)، تعمل على دراسة دقيقة حول إمكانية طبع الفئة النقدية 20 ألف دينار، وكيفية التعامل معها وفق التطورات النقدية التي تشهدها السوق المالية العراقية.
مخاطر الإصدار
من جانبه، حذر الباحث الاقتصادي، عمر الحلبوسي، من انعكاسات سلبية قد تواجه قيمة الدينار العراقي إذا ما أصدر البنك المركزي ورقة نقدية من فئة 20 ألف دينار.
وقال الحلبوسي، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق لا يحتاج إلى طبع مزيد من العملة، إنما يحتاج إلى وضع سياسة نقدية تسهم في تحقيق الاستقرار لقيمة الدينار".
وأشار إلى أن خطوة طباعة فئة جديدة تؤدي إلى أضرار عكسية تسهم في تراجع قيمة العملة ورفع التضخم في الأسعار مما يثقل كاهل المواطن، فضلا عن تفاقم المشكلات الاقتصادية والمالية التي يعاني منها العراق جراء القرارات المتخبطة من قبل الحكومة والبنك المركزي والتي جاءت جميعها بنتائج عكسية.
وبين الحلبوسي أن طباعة فئة نقدية جديدة ستنتج نوعين من التضخم الأول نقدي والآخر سعري، وكلاهما يشكلان عوامل خطر على الاقتصاد الوطني من خلال ارتفاع مستويات التضخم وحدوث ركود اقتصادي.
تطوير النظام المالي
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي العراقي، كريم الحلو، أن مشكلة السوق المالية العراقية ليست في حجم التدفق النقدي أو الأوراق النقدية، وأن حجم العملة المحلية المتداولة لا يشكل أي مشكلة، لأن أكثر من 80 بالمائة من الكتلة النقدية متداولة في السوق أو لدى المصارف.
وأوضح الحلو من خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن طباعة أي فئة جديدة لن تحدث أي تغيير إيجابي، إنما ستشكل زيادة في الكتلة النقدية، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل خزن الأموال في ظل نظام مصرفي ضعيف كما هو الحال في العراق، والذي بسببه ازدادت عمليات السطو ومعدلات الجريمة في السنوات الأخيرة نتيجة لخزن الأموال النقدية في المنازل بدلاً من إيداعها لدى البنوك.
وأشار إلى أن هناك تناقضا بين رؤية الحكومة التي أعلنت عن عزمها تطوير النظام المالي وسداد الفواتير والجباية عن طريق نظام رقمي متطور خلال الأشهر القادمة، وبين إجراءات البنك المركزي بالتخطيط لإصدار فئات من عملات ورقية جديدة في السوق.
وطالب الحلو البنك المركزي بأهمية تطوير النظام الرقمي المالي وتحسين الأداء المصرفي بما يتلاءم مع التطور الحاصل في الأنظمة المالية لدى دول الجوار والعالم، بدلاً من إصدار فئات نقدية جديدة وضخها في السوق لتشكل عبئاً إضافياً على الكتل النقدية ونظام المدفوعات الوطني.