مليار دولار خسائر العراق بسبب رفض تركيا تصدير نفط كردستان
كشف مسؤول في حكومة إقليم كردستان العراق، اليوم الإثنين، لـ"العربي الجديد"، عن زيارة سيقوم بها وفد مشترك من وزارة النفط العراقية ووزارة الثروات الطبيعية في حكومة كردستان إلى العاصمة التركية أنقرة، لبحث مسألة استئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي عقب توقفه منذ أكثر من شهر، إثر قرار قضائي دولي.
وبيّن المسؤول أن "الوفد سيبحث مع المسؤولين الأتراك إمكانية استئناف تصدير النفط مجدداً عبر ميناء جيهان التركي، بعد توقف دام حوالي 40 يوماً".
وأضاف أن "الوفد سيبحث استكمال توقيع العقود النفطية مع 4 شركات عالمية، وتفاصيلها الدقيقة، بما يضمن استئناف تصدير النفط من خلال شركة النفط الوطنية العراقية (سومو)، عبر ميناء جيهان التركي".
وفي 25 مارس/ آذار أوقفت تركيا شحن نفط إقليم كردستان إلى ميناء جيهان، بعد قرار تحكيم دولي ألزم أنقرة بدفع تعويضات إلى بغداد، لانتهاكها اتفاق خط أنابيب عام 1973 بالسماح بتصدير نفط حكومة إقليم كردستان دون موافقة الحكومة العراقية.
ويُعَد خط أنابيب النفط الذي يمتد من منطقة كركوك العراقية إلى ميناء جيهان، هو طريق التصدير الوحيد للخام الذي تنتجه منه حقول النفط في شمال العراق.
شروط أنقرة لاستئناف التصدير
وأكد الخبير المختص بالشأن النفطي بهجت أحمد، أن السبب الرئيسي لعدم استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان، يتمثل في وجود مجموعة شروط لدى تركيا.
ويضيف في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "تركيا ترفض استئناف تصدير النفط في الوقت الحالي، إذا لم تكف الحكومة العراقية وتتنازل عن مبلغ التعويض البالغ ملياراً و471 مليون دولار، الذي فرض عليها من قبل محكمة التحكيم الدولية في باريس، نتيجة قيامها بتصدير نفط الإقليم خلافاً للقانون".
وأوضح أن "الشرط الآخر لتركيا يتمثل في مطالبتها ببيع النفط المصدّر من الإقليم بالسعر السابق البالغ 19 دولاراً للبرميل الواحد، وهو الأمر الذي ترفضه الحكومة العراقية وتحديداً شركة "سومو".
وأشار إلى أن "تركيا لا تزال تستند إلى الاتفاقية الموقعة مع حكومة إقليم كردستان، والتي تتيح لها بيع نفط الإقليم إلى أنقرة بأسعار مخفضة، ولكن هذه الاتفاقية أصبحت باطلة، نتيجة قرار القضاء العراقي الذي ألغى جميع الاتفاقيات النفطية التي وقعها الإقليم".
ووقعت الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان اتفاقًا مؤقتًا في 4 إبريل/ نيسان يمهّد الطريق لاستئناف الصادرات النفطية، لكن ذلك لم يتحقق بعد.
كردستان تشكو نقص الموارد
وأعلن وزير المالية والاقتصاد في حكومة إقليم كردستان آوات شيخ جناب، خلال مقابلة متلفزة مع فضائية روداو الكردية، عن عدم قدرة حكومة الإقليم على تسديد رواتب الموظفين لشهر إبريل/نيسان، بسبب إيقاف تصدير النفط.
وطالب الوزير الكردي، الحكومة العراقية بتحمّل دفع تكاليف رواتب الموظفين في إقليم كردستان، كون حكومة الإقليم غير مسؤولة عن توقف الصادرات النفطية.
بالمقابل، قال المستشار النفطي والخبير المختص كوفند شيرواني، إن شركة النفط الوطنية "سومو" اتفقت ورتبت مع عدة شركات عالمية لاستئناف عملية شراء النفط المصدر من الإقليم، البالغ 400 ألف برميل، بالإضافة إلى 80 ألف برميل من نفط محافظة كركوك.
وأكد في اتصال مع "العربي الجديد" أنه "خلال الأيام المقبلة سيتم استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، ولم يتبقَ سوى بعض الإجراءات الروتينية الطبيعية".
وأضاف أن "خسائر الاقتصاد العراقي جراء توقف تصدير نفط الإقليم خلال الفترة الماضية، بلغت أكثر من مليار دولار، وعودة التصدير ستنعش الموازنة العراقية بسبب العجز الكبير الذي وصل إلى 50 مليار دولار".
وفي حال استمرار توقف التصدير إلى نهاية العام الحالي (وهي فرضية مستبعدة)، حينها سيتجاوز مجوع الخسائر المالية الـ 8 مليارات من الدولارات، وهذا الرقم الصعب سيضاف إلى عجز موازنة العام الحالي، وستكون له تبعات كبيرة، وبالتالي حتى تركيا ستتعرض لخسائر مالية كبيرة، وهذا الأمر سيجعلها ترضخ لعملية استئناف تصدير النفط مجدداً.
وكان وزير النفط العراقي حيان عبد الغني قد أعلن أنه سيتم، في الأيام "القريبة المقبلة"، الإعلان عن استئناف تصدير النفط من إقليم كردستان.
وبيّن عبد الغني في تصريح للوكالة الرسمية "واع" أن "الحكومة العراقية وصلت إلى المراحل الأخيرة من تنفيذ الاتفاق مع أربيل بشأن استئناف تصدير النفط من إقليم كردستان"، لافتاً إلى أن "شركة تسويق النفط التي تكفلت بعملية استلام وتصدير النفط من الإقليم هي الآن بصدد توقيع العقود مع الشركات التي تشتري النفط".
كردستان تطالب بغداد بتحمّل التكاليف
عضو لجنة الثروات الطبيعية في برلمان إقليم كردستان بهجت علي، أوضح أن إقليم كردستان أوفى بجميع التزاماته، ووقع اتفاقاً مع الحكومة العراقية، بحيث تكون هي المسؤولة عن الملف النفطي في الإقليم.
ولفت في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن "الإقليم بالتالي أصبح غير معني بعملية إيقاف الصادرات النفطية، كون القضية أصبحت بيد الحكومة العراقية ونظيرتها التركية حصراً، وبالتالي هناك التزامات عديدة لدى حكومة الإقليم تجاه مواطنيها".
وأضاف أن "حكومة الإقليم مطلوب منها شهريا مبلغ 900 مليار دينار عراقي، وهذا المبلغ هو لتوفير رواتب الموظفين في الإقليم فقط. وبسبب عملية توقف الصادرات النفطية، فإنه من المستحيل توفير هذا المبلغ".
وأوضح أن "الحكومة العراقية هي الملزمة بتوفير المبالغ المخصصة لرواتب الموظفين في الإقليم، لحين إقرار الموازنة المالية للعام الحالي".
وكانت وسائل إعلام كردية قد كشفت عن قيام حكومة إقليم كردستان بإعادة العمل بحقل "خورملة" النفطي الواقع بمدينة أربيل، واستخراج النفط منه، وإرساله إلى المصافي المحلية، بهدف تحويله إلى مشتقات نفطية والاستفادة من النفط الخام، لحين استئناف تصدير النفط عبر تركيا.