الداخلية العراقية تستعين بالعشائر لمحاربة السلاح المنفلت
ورشة عمل مكثفة في قيادة الشرطة الاتحادية العراقية مع عدد من الشيوخ والوجهاء (فيسبوك)
دعت وزارة الداخلية العراقية، العشائر الى توقيع وثيقة شرف لمحاربة السلاح المنفلت والظواهر المجتمعية الدخيلة، فيما أكد وجهاء عشائريون دعمهم للخطوة، معتبرين أن حصر السلاح يحتاج الى قرارات وخطوات حكومية صارمة.
ويعد السلاح المنفلت في العراق واحداً من أخطر مشكلات البلاد، لما له من تأثيرات كبيرة على الأمن المجتمعي. ومنذ عام 2005 وحتى اليوم، رفعت الحكومات العراقية شعار "حصر السلاح بيد الدولة"، فيما لا يبدو أن هناك خطوات فعالة لتنفيذه.
واليوم السبت، نظمت وزارة الداخلية ورشة عمل مكثفة في قيادة الشرطة الاتحادية، مع عدد من الشيوخ والوجهاء، لمناقشة الإجراءات الواجب اتخاذها لمكافحة الظواهر والحالات الدخيلة على المجتمع العراقي خاصة موضوع انتشار الأسلحة غير المرخصة لدى البعض واستخدامها بشكل غير قانوني.
ووفقاً لبيان لوزارة الداخلية، فإن "الوزير عبد الأمير الشمري أكد خلال اجتماعه مع شيوخ العشائر على الدور الكبير الذي بذلته العشائر في محاربة داعش"، مؤكداً أن على الجميع "تسليم الأسلحة غير المرخصة إلى الدولة لكون هذه الأسلحة باتت خطراً على السلم المجتمعي".
ودعا الشمري "جميع الشيوخ والوجهاء إلى توقيع وثيقة شرف لنبذ الحالات والظواهر التي تعطي انطباعاً غير صحيح عن الشعب العراقي، وكذلك الابتعاد عن لغة السلاح خاصة خلال النزاعات العشائرية والمناسبات التي يلجأ خلالها البعض الى إطلاق العيارات النارية، الأمر الذي أدى الى سقوط ضحايا من الأبرياء".
وأكد الوزير "على وضع حلول سريعة للقضاء على السلاح الذي يستخدم خارج نطاق القانون".
والشهر الفائت وكتنفيذ للوعود التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بحصر السلاح المنفلت، باشرت قيادات الشرطة في محافظات وسط وجنوبي العراق، العمل على تشكيل لجان داخل المدن والبلدات في المحافظات المختلفة، للحد من الظاهرة والتي بات مصدراً رئيسياً مهدداً للأمن والاستقرار في تلك المحافظات، خصوصاً مع تكرار النزاعات العشائرية، والارتفاع الواضح بمعدلات الجريمة المنظمة.
ويؤكد زعماء قبليون بالعراق ضرورة تطبيق سلطة الدولة على الجميع، وأهمية إنهاء ظاهرة السلاح المنفلت عند أي جهة كانت، وقال الشيخ ماجد البهادلي، وهو أحد شيوخ محافظة ميسان، أنه "لا يمكن الاستمرار بالتغاضي عن السلاح المنفلت، وعلى الدولة تحمل مسؤوليتها إزاء هذا الملف"، معتبراً خلال حديثه مع "العربي الجديد" أن ملاحقة السلاح غير المرخص هي خجولة جداً، ويجب أن تكون هناك قرارات بتشكيل فرق أمنية خاصة تعمل على إجراء عمليات التفتيش وسحب السلاح من العشائر والمليشيات والأشخاص أياً كان انتماؤهم".
وشدد على "ضرورة أن تفرض عقوبات على كل شخص لا يسلم سلاحه، عدا ذلك فإننا سنبقى تحت رحمة السلاح المنفلت"، معتبراً أن "العشائر من الممكن أن تسهم بهذا الملف، لكن المسؤولية الأهم تقع على عاتق الحكومة وأجهزتها الأمنية. نحتاج قرارات صارمة بإنهاء هذه الظاهرة الخطيرة وإبعادها عن المجاملات".
ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد قطع السلاح الموجود داخل المجتمع العراقي، لكن التقديرات تتحدّث عن أرقام متفاوتة بالعادة بين 13 إلى 15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، أبرزها بنادق الكلاشنكوف، و"بي كي سي"، و"آر بي كي" الروسية، إلى جانب مدافع الهاون وقذائف الـ "آر بي جي" التي باتت تُستخدم أخيراً بكثرة في النزاعات القبلية جنوب ووسط البلاد.
وتملك أغلب هذه الأسلحة المليشيات والجماعات المسلحة، إلى جانب العشائر، بينما يحرص العراقيون على امتلاك قطع سلاح داخل منازلهم كإحدى ثقافات ما بعد الغزو الأميركي للبلاد، وانعدام الأمن واضطرار العراقيين للتفكير بالدفاع عن أنفسهم من اللصوص والاعتداءات المتوقعة.
واستهل السوداني عمله الحكومي بإطلاق الكثير من الوعود، متعهداً بإنجازها خلال مدة أقصاها عام واحد. ومن أبرز ما تضمنه منهاج السوداني الحكومي إنهاء ظاهرة السلاح المتفلّت خارج نطاق المؤسسات الرسمية والشرعية للدولة، وهو التحدي الذي أثيرت شكوك سياسية في قدرته على الوفاء به. وأخيراً شكلت وزارة الداخلية العراقية لجنة وطنية دائمة لتنظيم الأسلحة وحصرها بيد الدولة.