العراق: "العمال الكردستاني" يعرقل عودة أهالي سنجار إلى مدينتهم
مخيم للنازحين من أهالي سنجار في مدينة زاخو شمالي العراق (صافين حامد/فرانس برس)
ما زال عشرات الآلاف من أهالي مدينة سنجار، شمالي العراق، يعيشون في مخيمات متناثرة في مدن إقليم كردستان ومحافظة نينوى رغم استعادة السيطرة على المدينة من تنظيم "داعش" قبل نحو ثماني سنوات.
وتتفرد سنجار، 115 كيلومتراً غربي مدينة الموصل، إلى جانب مدن عراقية مثل جرف الصخر والعوجة والعويسات ومناطق أخرى، بسيطرة مليشيات مسلحة عليها وعرقلة عودة الأهالي إليها لأسباب سياسية وطائفية مختلفة.
وتعثر تنفيذ اتفاق تطبيع أوضاع المدينة وإعادة أهلها إليها الموقع بين الحكومة العراقية والسلطة المحلية في إقليم كردستان بإشراف بعثة الأمم المتحدة مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2020، ويقضي الاتفاق بإخراج عناصر حزب العمال الكردستاني وفصائل "الحشد الشعبي" من مدينة سنجار وإعادة النازحين، والبدء بخطوات إعادة إعمار المدينة بدعم واضح من بعثة الأمم المتحدة في بغداد، التي رعت جانباً من مفاوضات التوصل إلى تفاهم حول الأوضاع في المدينة المضطربة منذ تحريرها نهاية عام 2015 من سيطرة تنظيم "داعش".
واتهم، اليوم الثلاثاء، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، قادر قاجاغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، عناصر "العمال الكردستاني" بمواصلة "منع أهالي سنجار من العودة لمناطقهم، والعودة إلى حياتهم الطبيعية".
وقال قاجاغ إنّ "حزب العمال الكردستاني والفصائل الموالية له، يريدون من جميع أهالي سنجار تأدية الولاء والطاعة المطلقة، فضلاً عن أنّ عناصر الحزب يفرضون الإتاوات ويقومون بأفعال إجرامية داخل سنجار".
وأضاف قاجاغ أنّ مسلحي حزب العمال "يقومون بتجنيد الشباب والفتيات ومن يخالف تعليماته يتعرض للقتل والاختطاف، وبالتالي فإنّ النازحين من أهالي سنجار يفضلون البقاء في المخيمات على العودة في الوقت الحالي".
وتقع سنجار ضمن مثلث جغرافي يربط العراق بسورية وتقابلها مدينة الحسكة بالطرف السوري، وتخضع مساحات واسعة منها لنفوذ مسلحي حزب "العمال الكردستاني" المعارض لأنقرة، الذي شكّل أجنحة وأذرعاً مسلحة محلية إلى جانب تكثيف مقراته وتشييد أنفاق تحت المناطق الجبلية لتأمين الحماية من الغارات الجوية التركية، فضلاً عن وجود فصائل مسلحة أخرى فيها.
وعادت مدينة سنجار إلى واجهة الأحداث مجدداً، بعد تحرّك مليشيات مرتبطة بحزب العمال الكردستاني لمنع عودة عائلات عربية نازحة إلى منازلها في المدينة ومهاجمتهم مسجداً وعدداً من المنازل، ما استدعى انتشار الجيش العراقي في المنطقة.
اتفاق سنجار هو الحل
يؤكد مسؤول مكتب المختطفين الإيزيديين التابع لحكومة إقليم كردستان، حسين قائدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ السبب الرئيسي لمنع عودة النازحين الأيزيديين إلى سنجار، هو وجود الجماعات المسلحة في المدينة.
وأضاف قائدي أنّ "عدم تطبيق اتفاقية سنجار الموقعة بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، التي تنص على إخراج الفصائل المسلحة من المدينة وإعادة إعمارها ونشر القوات النظامية فيها، يؤدي إلى استمرار معاناة السكان".
وأشار إلى أنّ "عدد المخيمات المنتشرة في إقليم كردستان 21 مخيماً، أغلبها تقع في محافظة دهوك، وتضم جميعها أهالي سنجار من الأيزيديين وباقي المكونات الدينية".
وبرزت أزمة مدينة سنجار منذ نحو 7 سنوات عقب انتزاع القوات العراقية والبشمركة السيطرة عليها من تنظيم "داعش"، لكن "حزب العمال الكردستاني" تمكّن من التغلغل داخل المدينة وإنشاء أجنحة مسلحة محلية له والسيطرة على ضواحي المدينة وإنشاء مقرات ومعسكرات تابعة لهم.
وتوجه اتهامات لحكومة إقليم كردستان، وتحديداً الحزب الديمقراطي الكردستاني بمنع عودة النازحين إلى سنجار بهدف الاستفادة من أصواتهم في الانتخابات البرلمانية والانتخابات المحلية الخاصة بمحافظة نينوى، التي يقع فيها قضاء سنجار.
إتاوات على الأهالي
ويقول الناشط الأيزيدي، خدر حسين، لـ "العربي الجديد" إنّ "حزب العمال الكردستاني" يعتبر جميع العوائل النازحة في إقليم كردستان من المعارضين له والموالين للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني".
ويضيف حسين أنّ "أغلب العوائل التي ما تزال تسكن في مخيمات النزوح بإقليم كردستان هم من الطبقة الفقيرة، ومن لا يستطيعون دفع الإتاوات والضرائب التي يفرضها حزب العمال والفصائل الموالية له"، مشيراً إلى أنّ "حزب العمال قام مراراً بعمليات خطف واعتداء على شباب وعوائل رفضوا الانصياع لتعليماته في سنجار، وبالتالي الحزب والفصائل الموالية له هم السبب الرئيسي بمنع عودة العوائل النازحة"، وفق قوله.
وتابع حسين أنّ "سنجار خارجة عن سيطرة الحكومة العراقية، والفصائل المسلحة هي من تفرض سطوتها وسيطرتها، وعناصر العمال الكردستاني يتحكمون بإدارة الدوائر الرسمية وحتى المدارس والامتحانات والنظام التربوي"، لافتاً إلى أنّ "أكثر من 20 شاباً تعرض في عام 2023 للاختطاف والتعذيب لرفضهم الانتماء لما يعرف بـ(قوات وحدات حماية سنجار) الموالية لحزب العمال الكردستاني".
ومنذ انسحاب قوات البشمركة من قضاء سنجار عام 2017، على خلفية عمليات فرض القانون التي قادها رئيس الحكومة العراقية الأسبق، حيدر العبادي، لاتزال أوضاع سنجار غير مستقرة، ولم تعد إليها العوائل النازحة.