هل تستعيد السياحة السورية خريطتها مع العودة العربية؟
منحت عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية قُبلة سياحية منتظرة لبلد أتت الحرب على الأعمدة الرئيسية لاقتصاده، على مدار 11 عاماً، إذ سجلت عدة مواقع بالبلاد ارتفاعاً في أعداد الزائرين، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي مع 395 ألف زيارة، بعد خسائر فادحة بمليارات الدولارات.
مشهد متوقع ومنتظر لآلاف الزائرين يتجولون في سوريا، يعيد للسياحة سيرتها الأولى عندما ارتفعت نسبة الإقبال 12 في المئة عام 2008، وفقاً لأرقام أعلنتها منظمة السياحة العالمية حينها، واليوم يرتفع مؤشر الأحلام لاستعادة حصة الانتعاش الفندقي مرة أخرى.
فمع بداية 2023، عاد عدد السياح الذين يزورون سوريا إلى الارتفاع، إذ قال وزير السياحة رامي مارتيني، إن البلاد تتوقع زيادة في عدد السياح عامة والعرب خاصة الذين كانت دمشق ومختلف المدن وجهة أساسية لهم، وتحديداً من دول الخليج العربي.
هنا العرب
حين بدأت محادثات عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، لوحظ زيادة عدد المركبات التي تحمل لوحات تعود أغلبها لدول الخليج، ما أعطى الشعب السوري إيحاءً بعودة المياه إلى مجاريها، وبالتالي أملاً في تحسن أوضاعهم التي عانوا فيها ويلات الحرب وما جرته عليهم من مآسٍ وكان الموت اعتيادياً لسنوات، وتدهورت معه الأوضاع الاقتصادية التي أرخت بظلالها على كل مفاصل حياتهم خلال عقد كامل.
خلال السنوات الماضية، اعتاد السوريون رؤية سياح من دول محددة، وأغلبهم من العراقيين والإيرانيين الذين يقصدون بمجملهم مقام السيدة زينب في جنوب دمشق، إضافة لتجولهم في بعض الأماكن في البلاد. وقد بلغ عدد العراقيين القادمين إلى سوريا العام الماضي 100 ألف زائر، إضافة إلى عودة ظهور اللبنانيين في شوارع دمشق التي اعتادوا التبضع وأخذ ما يحتاجونه منها.
ومع الاتفاق السياسي بات متوقعاً أن يتفوق السائح الخليجي على أي سائح آخر، وذلك من خلال تحليل عددهم الكبير في سنوات ما قبل الحرب، واهتماماتهم على وسائل التواصل الاجتماعي وإفصاحهم بالرغبة في العودة لزيارة سوريا والتمتع بأماكنها الأثرية والسياحية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأسهم عدد كبير من صناع المحتوى (يوتيوبرز)، خصوصاً الأجانب، في وضع حجر الأساس لعودة قطاع السياحة السوري للانتعاش، إذ نقلوا عبر قنواتهم الحياة في الأماكن التي توقفت فيها أصوات المعارك وعادت إلى طبيعتها منذ سنوات، مما حث عدداً كبيراً بالعودة إليها، وفي مقدمتهم المولعين بالحضارات القديمة والآثار ممن زاروا سوريا سابقاً إلى تحمل أعباء السفر إليها عبر مطارات البلدان المجاورة.
على رغم العزلة التي عانت منها سوريا لسنوات إلا أن نشاط السياحة الداخلية لم يتوقف يوماً بفضل حرص الأسر على الترفيه داخل الحدود، فزاد عدد المنشآت السياحية وارتفعت معاييرها، وتعددت أنشطتها. كما أسهم المؤثرون السوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في حث بقية المواطنين على القيام بمثل خطواتهم والاتجاه نحو الأماكن التي زاروها لعيش نفس التجربة، لذلك يعد "فيسبوك" وأخواته من العناصر المهمة التي ساعدت سوريا في استعادة مكانتها على خريطة السياحة محلياً وعربياً وأجنبياً.
إحصاءات 2021
وفقاً لإحصاءات وزارة السياحة السورية، تراجعت أعداد الزائرين من خمسة ملايين 2010 إلى أقل من 400 ألف في 2015، وبالتالي تراجعت إيرادات السياحة 98 في المئة منذ اندلاع الحرب، وبلغت خسائر القطاع بين 3 و10 مليارات دولار.
وفي 2021، سجلت الحكومة السورية 11 مليار ليرة (4 ملايين و378 ألف دولار أميركي) عائدات لمنشآتها السياحية، موزعة ما بين 5.6 مليار ليرة (مليون و990 ألف دولار) عائدات مباشرة، و5.5 مليار أخرى (مليون و900 ألف دولار) غير مباشرة كالضرائب والرسوم.
كما أن أرباح الفنادق التابعة لوزارة السياحة السورية سجلت 14 مليار و700 مليون ليرة (5 ملايين و572 ألف دولار) أرباحاً خلال العام قبل الماضي أيضاً. بينما وصلت أرباح الشركة السورية للنقل والسياحة حتى نهاية سبتمبر (أيلول) من العام نفسه إلى حوالى ثلاث مليارات ليرة (مليون و194 ألف دولار)، وأرباح الشركة السورية العربية للفنادق والسياحة إلى نحو 1.5 مليار ليرة سورية (نحو 600 ألف دولار)، ووفقاً للبيان فقد بلغ عدد القادمين إلى سوريا خلال 2021 حوالى 500 ألف شخص، بينما وصل عدد نزلاء الفنادق إلى 900 ألف شخص من السوريين والعرب والأجانب.
بشائر 2023
وخلال الربع الأول من هذا العام، بلغ إجمالي عدد القادمين إلى سوريا 395 ألف زائر، منهم 356 ألفاً من دول عربية و39 ألفاً من الأجانب، مقارنة بـ236 ألف زائر خلال الفترة نفسها العام الماضي بينهم 206 آلاف عربي و30 ألف أجنبي.
وكان رئيس اتحاد غرف السياحة السورية طلال خضير قد قال إن "الربع الأول من العام الجاري شهد زيادة في حركة القدوم إلى البلاد، وفي الصدارة الجنسيات الأجنبية (الروسية والهندية والباكستانية)، ومن أوروبا الغربية (السويد وألمانيا وهولندا وبريطانيا)، إضافة إلى سياح أميركيين.
وعن جنسيات السياح العرب، فقد توزعت بين البحرينية والكويتية والعمانية واللبنانية، مع ملاحظة تزايد واضح في عدد السياح من الجنسية الأردنية بنسبة 44 في المئة، وتزايد بالقدوم من الخليج بنسبة 26 في المئة، وفقاً لخضير.