البراميل المتراكمة تجمد نفط العراق
تكثف بغداد من مساعيها للبحث عن بدائل لتصدير نفط كردستان العراق، بعد تجاهل شركة "بوتاش" التركية لطلب حكومة محمد شياع السوداني بعودة الصادرات عبر ميناء جيهان، ما وضعها في حرج شديد.
واتفق السوداني مع رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، أبريل (نيسان) الماضي، على اتفاق جديد لتصدير النفط، بعد إصدار محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس حكماً لصالح بغداد، مارس (آذار) الماضي، في قضية اتهام العراق لتركيا بانتهاك اتفاقية عبور خط الأنابيب لعام 1973 من خلال السماح بصادرات النفط الخام من إقليم كردستان من دون موافقة بغداد.
ويعود النزاع إلى عام 2014 عندما ربطت حكومة إقليم كردستان العراق حقولها النفطية بالمعبر الحدودي التركي في فيشخابور، والاستفادة من خط الأنابيب الحالي بين البلدين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة وزير النفط حيان عبدالغني، فإن العراق يخسر عوائد 500 ألف برميل يومياً جراء إيقاف الصادرات عبر ميناء جيهان التركي.
ويصدر العراق في حدود 3.3 مليون برميل من النفط الخام عبر موانئ البلاد الجنوبية، فيما كان يصدر إقليم كردستان بحدود 450 ألف برميل عبر ميناء جيهان التركي من حقول الإقليم وكركوك إلا أن هذه الكميات توقفت منذ 25 مارس الماضي. وعلى رغم تلقي الجانب التركي طلباً عراقياً رسمياً باستئناف عملية تصدير النفط عبر الأنبوب العراقي لا تزال عملية ضخ النفط متوقفة وسط مزاعم تركية عن إجراء عمليات فحص وصيانة للأنابيب.
بدائل ملحة
متخصصون اقتصاديون عراقيون اعتبروا أن البحث عن بدائل للأنبوب التركي أصبح أمراً ضرورياً لتلافي خسائر كبيرة قد يتكبدها اقتصاد بلادهم، حال عدم تصدير النفط من حقول إقليم كردستان، خصوصاً بعد أن تم ربطه بالموازنة العراقية العامة.
وقال الأخصائي الاقتصادي بجامعة المعقل العراقية نبيل المرسومي، في تدوينة عبر "فيسبوك"، إن تجاهل شركة "بوتاش" التركية طلب بغداد باستئناف تصدير نفط كردستان وكركوك عبر الخط الواصل بين البلدين يقف خلفه تذرع أنقرة بحجج واهية تتعلق بتعرض الخط لأضرار بفعل الزلزال وحاجته إلى أعمال صيانة تمتد إلى أشهر، مبيناً أن هذا الأمر سيلحق ضرراً فادحاً بالإيرادات النفطية لمنعه تصدير نصف مليون برميل.
وأوضح أن هناك مجموعة من الخيارات المتاحة لمواجهة انقطاع صادرات نفط كردستان العراق، من بينها توجيه أكبر كمية ممكنة منه إلى الاستهلاك المحلي من خلال تكريره في عدة مصاف عراقية هي الصمود (بيجي) بطاقة 140 ألف برميل يومياً، وكركوك بطاقة تكريرية 56 ألف برميل يومياً، والصينية بسعة 30 ألف برميل يومياً، والكسك بقدرة 20 ألفاً، وحديثة بطاقة 16 ألفاً، والقيارة بقدرة 30 ألفاً.
المرسومي أضاف أنه من الممكن تعزيز صادرات إقليم كردستان العراق من النفط الخام إلى تركيا من خلال الصهاريج، لكون شركة "كار" الكردية تصدر حالياً أكثر من 40 ألف برميل يومياً من حقل خورمالة، مشيراً إلى أن هذه الكمية يمكن زيادتها على أن تدخل في الحسابات المالية لموازنة 2023/ 2024.
وتحدث عن إمكانية الاتفاق مع الأردن على زيادة الكميات المصدرة إليه من النفط الخام، خصوصاً أنه يستورد حالياً نحو 150 ألف برميل يومياً في حين لا تزيد صادرات بغداد إلى عمان حالياً على 10 آلاف برميل يومياً.
واعتبر أن انخفاض كلفة تصدير النفط من مدينة البصرة العراقية بحراً إلى 1.35 دولار للبرميل يمثل دافعاً مهماً لتطوير الطاقة التصديرية للنفط العراقي جنوباً عبر البحر إلى ستة ملايين برميل من خلال مد أنبوبين بحريين بسعة 48 بوصة، وتأهيل ميناءي البصرة والعمية، وبناء منصة بحرية، وعمل أجهزة قياس.
طاقة جنوبية
فيما يرى المتخصص النفطي حمزة الجواهري أن الطاقة التصديرية في موانئ جنوب العراق تزيد على خمسة ملايين برميل، وهي قادرة على استيعاب تلك الكميات التي تعذر تصديرها من حقول الإقليم وكركوك عبر ميناء جيهان التركي.
وقال الجواهري، إن العراق لديه كميات كبيرة من النفط الفائض عن التصدير في الجنوب تقدر بنصف مليون برميل يمكن تصديرها عبر الموانئ الجنوبية وتحقيق أرباح لكون كلفة التصدير منخفضة، مبيناً أن هناك حلولاً أخرى تتمثل في إرسال الكميات المنتجة إلى المصافي الموجودة شمال البلاد.
ونبه إلى مساعي العراق إلى زيادة القدرة التصديرية لنفطه لتصل إلى 7.5 مليون برميل يومياً ليكون قادراً على استيعاب أي كميات أخرى لا يمكن تصديرها من الشمال.
اقتراحات مختلفة
المتخصص العراقي في الشأن الاقتصادي صفوان قصي حدد مجموعة من الحلول التي ستعوض توقف صادرات النفط عبر ميناء جيهان التركي، داعياً إلى التفاهم مع أنقرة للتوصل إلى صيغ اتفاق.
وقال قصي، إنه من الممكن تعويض الصادرات النفطية العراقية من إقليم كردستان باتجاه ميناء جيهان التركي عبر إمداد لبنان بحاجاته من المشتقات النفطية وإيجاد نوع من التفاهم مع بيروت في ما يتعلق ببدائل المشتقات النفطية.
وأكد أن العراق لديه طاقة تصديرية تسمح له بتصدير كميات عبر ميناء جيهان التركي، داعياً إلى إدامة العلاقة مع أنقرة لاستئناف الصادرات وإيجاد صيغ تفاهم في شأن الديون وتحويلها إلى استثمارات تسهم في عدم فقدان السوق التركية.