اخبار العراق الان

سيادة الكهرباء

سيادة الكهرباء
علاء هادي الحطاب

كثيرة هي تعريفات السيادة، اذ لا تتعلق فقط بعلاقات الدولة مع محيطها الخارجي، بل هي مفهوم اعم واشمل يمكن السلطة الحاكمة على تسيير شؤون البلاد بشكل يمنع تدخل اي مؤثر خارجي بسلطتها في حكم البلاد هذا الحكم إن كان ملكيا من خلال مؤسسة الملك او الامير او جمهوريا من خلال سلطة حاكمة وصلت للسلطة بأنتخابات ديمقراطية يكون للشعب اثرا واضحا في اداء تلك السلطة وحتى سلوكها السياسي او حتى انتخابات شكلية تكون فيها السلطة دكتاتورية وصلت بالانقلاب او او غيرها، فكل انواع السلطات تسعى لتحقيق سيادتها الحاكمة بطريقة او بأخرى ويبقى المستهدف بحكم هذه السلطة وهو الشعب من يقرر صلاح او فساد تلك السلطة، لذلك السيادة لا تنفك عن حاكمية السلطة، وهنا باتت الدول الديمقراطية وغير الديمقراطية تحرص على ضمانة تلك السيادة.

كما ان الدول وسلطاتها الحاكمة تسعى لتأمين “ الامن الغذائي” لشعوبها، فانها باتت تسعى اليوم لتأمين “ سيادة الطاقة” كونها المحرك الاساس للامن الغذائي اذ ان غياب الطاقة من شأن ان يعرض ذلك الامن الى تصدع فتلجأ الدول الى دول اخرى لاسعافها في تأمين امنها من الطاقة الذي بدوره يحرك عجلة الزراعة والصناعة والعمل ومن ثم تأمين “ الامن الغذائي” ولو بحده الادنى لمواطنيها.

ما يجري في العراق ومنذ سنوات طويلة ام السلطة الحاكمة في العراق فشلت في تأمين “ سيادة الطاقة “ لاسباب كثيرة اهمها الفساد الذي وجد في هذا الملف الينبوع الذي لا ينضب ابدا فضلا عن غياب التخطيط والتنفيذ السليم لانجاز مهمة التأمين بسبب غياب السياسات العامة اصلا في ادارة هذا الملف اذ تعرف السياسات العامة بالمحصلة انها معالجة لازمة معينة تعاني منها مجموعة كبيرة من الناس في دولة معينة.

اعتماد ذات الاساليب وتكرارها من قبيل استيراد الغاز وتأخر الصيانة وتعثر الجباية وسوء الاستثمار في هذا الملف سياسات اثبتت فشلها يكررها الحاكمون ويقع ضحيتها المواطن الفقير مع صيف لاهب ساخن وتصحر بيئي مخيف يضرب اطناب العالم اجمع فكيف ببلد تحول فيه المساحات الخضراء وسط المدن الى مجمعات سكنية ومولات؟

سيادة الكهرباء لا تنفصل عن سيادة البلد من اخطار التدخلات الخارجية اذ ان كل دولة تبحث عن مصالحها وهي بالنتيجة ليست منظمات خيرية تدفع دون مقابل فالطاقة اليوم باتت سلعة مهمة تُباع وتُشترى بل وانها تجارة رابحة لمن يمتلكها، فعلى راسم السياسيات العامة ان يجد حلولا خارج ذروة الازمة والتفكير خارج الصندوق في تأمين “ سيادة الطاقة” كما يؤمن حدوده الخارجية من الاعتداءات المتوقعة، وهناك حلول كثيرة انجزتها دول كثيرة لتجاوز هذه الازمة، لاسيما واننا بلد يمتاز بوفرة مشغلات الطاقة كالنفط والغاز، بل ان الغاز لدينا يُحرق في الهواء منذ سنوات وبالمقابل نستورد غاز دول الجوار.

الحلول تكمن في استغلال موارد الطاقة لدينا بشكل امثل كالغاز والنفط وبناء محطات تنسجم مع طبيعة مناخنا وسياسة صحيحة لادارة هذا الملف في الاستثمار والجباية يكون للفقير الهدف الاكيد في تحقيقه.

الكهرباء ليست معضلة لا يمكن حلها مع توفر مشغلاته كالنفط والغاز وحتى الرياح والشمس فكلها متوفرة في العراق، ما نحتاجه اليوم ارادة سياسية حقيقية لوضع تلك السياسات والعمل على تنفيذها بلا اوامر خارجية ولا فساد داخلي.