التهريج
هناك عدد كبير جداً من الناس من يستهويه وربما يعميه أن يسمع بأنه إنسان “مثقف”، وكأنما هذا اللقب هو ريشة على رأسه يزهو ويتبختر به. تراه يقضي الساعات والأيام في انشغالات ومناسبات وفعاليات ليس له هم من ورائها سوى أن يعرف بأنه من أهل “الثقافة”.
ان مثل هذه “الثقافة” وأصحابها لا تسمن ولا تغني من جوع، لا بل وأنها تستنزف من الوقت والطاقات وتعمل عمل المخدر في النفوس ما تساوي بضررها أو تفوق ما نسميه بالجهل واللا معرفة!
ترى ألسنا مطالبين بفهم وممارسة “الثقافة النافعة” والابتعاد عن ما يخدعنا من “ ثقافة بائرة”؟!
ما هي الثقافة النافعة؟
الثقافة النافعة، وكما يدلل عليها وصفها ، هي ثقافة تجيب على تساؤلات يجهل الإنسان أجوبتها مما يعينه على إحداث فعل مؤثر في اتجاه تقدمه في رفع قدراته على اعمار الحياة. انها ليست ثقافة الثرثرة الفارغة التي تحمل كلماتها الريح الى مزابل اضاعة الزمن.
وما هي الثقافة البائرة؟
هي بالمقابل، وكما انتهى اليه تعريف الثقافة النافعة من وصف في نقيضها، هي الثقافة التي لا تشكل اضافة جديدة في معرفة أو سلوك فاعل مغير نحو الأحسن ومشارك في بناء الحياة.
نتصفح الكثير من الكتب ونقرأ مثلها من مقالات، نستمع الى كثير من المحاضرات ونشارك في كثير من الندوات فلا نجد فيها اضافة ولا نقف معها على فكر أصيل أو إبداع، سوى إجترار واعادة رصف حروف وكلمات في جمل وعبارات جديدة وفي لكنات مختلفة تزينها أسماء مفكرين وكتاب وشعراء، غالباً من الافرنج، نخدع بها القارىء ونسرق وقته أو نخدره ونبهره متبجحين بثقافة بائرة، أو في أحسن الأحوال نحشوا رأسه بمعرفة غير بناءة لا تشكل له سوى مادة للثرثرة!
ان استعراضاً لما نسميهم بالمثقفين في مجتمعاتنا المتخلفة، وما أكثرهم وأكثر ضجيجهم، ليسوا سوى من ممارسي “الثقافة البائرة” وهم بالتالي أشبه بمهرجين على خشبة مسرح قضاء الوقت والتباهي!!
والأخطر في كل ذلك هم من أولئك المثقفين الذين يحملون دروع الشهادات والشهادات العليا ويتحصنون خلفها ويعيشون في ظل امتيازاتها!!
إننا بحاجة الى ثورة وعي، والى حكمة تصرف وجرأة عمل!