آلاف العراقيين ضحايا احتيال.. هكذا تُبيّض الأموال في السليمانية
تواصل السلطات القضائية في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق التحقيق في حادثة استغلال واحتيال وقع ضحيتها نحو 5 آلاف شخص، عبر شركات ومصارف ومكاتب صرافة، غالبيتها "وهمية" وغير مسجلة لدى السلطات في الإقليم، ويواجه القائمون على هذه المكاتب تهمة "غسل الأموال"، فيما تُشير مصادر مسؤولة إلى أن جهات سياسية متنفذة تقف خلف هذه الحادثة.
وكشف عضو مجلس النواب العراقي سوران عمر، الخميس، عن قيام سماسرة (دلالين) كرد باستغلال 5000 مواطن من إقليم كردستان بتأسيس شركات وهمية لتهريب الدولار عبرهم، مؤكدا تقديم أحد المصارف المعاقبة أميركياً سيارة حديثة رشوةً مقابل التعامل مع أحد المتهمين بشأن تقديم قضايا فساد ضد المصرف في هيئة النزاهة.
وقال عمر، في تصريحات صحافية، إن "ملف تبييض الأموال وتهريب العملة أصبح من الملفات الشائكة والتي أثرت بشكل واضح على اقتصاد البلد"، مشيراً إلى أن هذه "الحادثة هي واحدة من أكبر وأخطر عمليات النصب والاحتيال التي يتعرضّ لها مواطنون كرد من الإقليم، باستخدام وثائقهم الرسمية، عبر البنوك في العاصمة بغداد وتوقيعهم على وكالات رسمية لتأسيس شركات وهمية بأسمائهم من أجل تهريب الدولار إلى خارج البلد ومزاولة عمليات بيع وشراء العملة الخضراء".
وكشف النائب عن آلية عمليات نصب واحتيال حدثت عبر "منح كل شخص 200 دولار شرط السماح بتسليم وثائقه الأصلية وعمل وكالات رسمية لأشخاص معينين لتأسيس شركات وهمية من أجل مزاولة عمليات بيع وشراء العملة الأميركية، وأن هناك عائلات كاملة تورطت في عمليات كهذه، وبعضهم مُسجلة باسمه نحو 6 شركات والآن باتت عليهم ضرائب تقدر بعشرات الملايين، والبعض منهم صدرت بحقهم مذكرات قبض وتحرٍ بعد أن تكدست الضرائب عليهم".
من جهته، كشف النائب المستقيل من برلمان إقليم كردستان علي حمه صالح أن "شخصاً قام بأخذ مبلغ 100 مليون دولار من تجار العملة في سوق البورصة في السليمانية بحجة تداولها والعمل بها، وفي المقابل يعطي أرباحاً لأصحاب رؤوس الأموال، لكنهم فوجئوا بأن الشخص المعني أبلغهم أنه لا يمتلك ما يعطيهم من حقوقهم وأموالهم التي أودعوها له".
وأضاف حمه صالح، في تصريح صحافي، أن "هذا الشخص موجود في كردستان، وضحايا عمليته لن يقدموا شكاوى على ما يبدو كونهم لا يعولون على الإجراءات القانونية، حيث سيحكم باسترجاع أموالهم على مدى طويل جدا"، موضحاً أن "هذه الحالة ليست الأولى من نوعها، حيث حدثت مسبقاً عمليات لسرقة رؤوس أموال المواطنين في أسواق إقليم كردستان".
من جهته، أشار خالد شيركو، وهو صاحب مكتب صيرفة، إلى أن "جهات غير معروفة اقتحمت سوق تداول العملة والصرافة خلال الفترات السابقة في السليمانية، وتمكنت من الاحتيال على آلاف المواطنين الكرد، وأقدمت هذه المكاتب على توريط المواطنين، ولا نعرف إن كانت السلطات تعرف ذلك أم لا، لكن في الحقيقة، هذا الاحتيال يجري منذ أعوام، فكيف للسلطة ألا تعلم".
وأضاف شيركو، لـ"العربي الجديد"، أن "السليمانية باتت تنافس بغداد في عمليات تبيض وغسل الأموال، عبر طرق مختلفة، وأن أنسب الطرق التي يعمل عليها أصحاب الأموال هي تأسيس الشركات، فهم لا يريدون توريط أنفسهم، بل يقومون عبر شركات الصرافة بتوريط المواطنين البسطاء"، مستكملاً حديثه بأن "غالبية المتضررين من عمليات الاحتيال هذه لا يتقدمون بالشكاوى عبر المحاكم، لأنهم مشاركون بالجريمة أيضاً وفق القانون العراقي".
وأشار إلى أن "كل شركة مسجلة بواسطة سماسرة المال تقوم بتحويل عشرات آلاف الدولارات إلى محافظات مثل بغداد والبصرة، إضافة إلى إيران وبعض دول الخليج والأردن".
وعلم "العربي الجديد"، من مصادر كردية مسؤولة، أن "السلطات القضائية في السليمانية تواصل التحقيق في هذه الحادثة، لكنها تتعرض لبعض التأثيرات، لا سيما أن عمليات غسل الأموال تحصل عبر شخصيات متنفذة في المدينة"، مؤكدة أن "جهاز الاستخبارات في السليمانية أقدم على إغلاق عشرات من مكاتب الصيرفة خلال الأسابيع الماضية، بعد الكشف عن عدم امتلاكها أي أوراق رسمية".
وأعلنت مديرية أسايش، غربي محافظة السليمانية، الأحد الماضي، اعتقال 3 متهمين في بلدة جمجمال قاموا بتسجيل حسابات مصرفية وشرائح هاتفية باسم المواطنين من دون علمهم، واستعمالها في عمليات التحويل المالي والحصول على العملة الأجنبية بالسعر الرسمي.