اهتمام عراقي بتأهيل المدمنين لاحتواء سوق المخدرات
يستقبل مستشفى لإعادة تأهيل المدمنين افتتحته وزارة الصحة العراقية في محافظة الأنبار (غرب) إبريل/ نيسان الماضي حوالى 40 مريضاً جاؤوا بأنفسهم إليه، وأحدهم محمد (اسم مستعار) الذي كان يتعاطى منذ أن كان بعمر 16 عاماً، بين 10 حبات و12 حبة كبتاغون يومياً.
وإلى مركز الأنبار، افتتحت زارة الصحة أخيراً مركزين إضافيين لإعادة التأهيل في كركوك (شمال) والنجف (جنوب)، واللذين أضيفا إلى آخر في بغداد، بعدما تحوّل العراق المحاذي للحدود مع إيران وسورية والسعودية إلى ممر لتجارة المخدرات، ثم زاد استهلاك المواد المخدرة في السنوات الأخيرة.
وأكثر المخدرات انتشاراً في العراق هما "الميثامفيتامين" أو "الكريستال" اللذان يأتيان من أفغانستان أو إيران. كما ينتشر "الكبتاغون"، وهو من نوع من "الأمفيتامين" ويُنتج في سورية، ثم يعبر الحدود إلى العراق، ويُغرق أسواق دول الخليج، خصوصاً السعودية التي تعدّ سوق الاستهلاك الرئيسي في الشرق الأوسط.
يُخبر محمد الذي يعمل في متجر للمواد الغذائية، أن زملاءه دفعوه لتعاطي "الكبتاغون" من نوع "صفر واحد". ويتابع الشاب المتحدّر من محافظة الأنبار (غرب) المحاذية للحدود مع سورية والسعودية: "يتعاطون الكبتاغون في المتجر. تعطي نشاطاً وقوة، وتمنع الشخص من النوم. ثمنها دولاران، وتنتشر بسهولة في كل مكان".
وفي عيادة إعادة التأهيل التي تضم أيضاً قسماً للنساء، يقضي الشخص شهراً وأحياناً شهرين أو ثلاثة، بحسب حالته. ويتلقى المرضى دعماً نفسياً أيضاً خلال جلسات فردية يومية أو جماعية أسبوعياً.
وبعد خروجهم من العيادة، يواظب المرضى على تنفيذ زيارات أسبوعية لمدة ستة أشهر.
يقول مدير المركز عبد الكريم صادق كريم: "تستقبل العيادة المرضى من مختلف الأعمار بدءاً من 14، لكن معظم روادها في العشرينات. ونوع المخدر الأكثر انتشاراً هو الكريستال الذي يتسبب في الإدمان من تناول أول جرعة".
ويرى علي عبد الله، المعاون الإداري في المركز، أن التعاطي "آفة تدمّر البشر نهائياً، وقد تصاعد استهلاك المخدرات في العراق عام 2016".
وتعلن قوات الأمن حالياً يومياً تنفيذ عمليات دهم وتوقيفات مرتبطة بالمخدرات. وبين أكتوبر/ تشرين الأول 2022 ويونيو/ حزيران 2023، أوقف 10 آلاف شخص بتهم مرتبطة بجرائم مخدرات، بينهم تجار وناقلون ومهربون ومروجون ومتعاطون، كما يكشف حسين التميمي، المتحدث باسم المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية.
كذلك ضُبطت 10 ملايين حبة "كبتاغون" و500 كيلوغرام من المخدرات بينها 385 كيلوغراماً من "الكريستال"، بحسب أرقام كشفها مسؤولون من مديرية شؤون المخدرات. وتلقى هذه العمليات نجاحاً غالباً بفعل تعاون إقليمي متزايد وعمل استخباراتي مشترك لجمع المعلومات.
ويقول التميمي إن "ملف المخدرات شأن دولي، لذا استقبلت بغداد في مايو/ أيار الماضي مؤتمراً جمع دولاً مجاورة، وأوصى بإنشاء قاعدة بيانات لتبادل المعلومات في ملف المخدرات والمؤثرات العقلية، وإعداد نقاط تواصل بشكل أسبوعي بين المديرية العامة والأجهزة المختصة في الدول العربية والإقليمية".
وتفيد أرقام رسمية بأن 110 ملايين حبة "كبتاغون" على الأقل ضُبطت في الشرق الأوسط هذا العام.
ومنتصف يوليو/ تموز، أعلنت وزارة الداخلية اكتشاف موقع لصنع "الكبتاغون" جنوب العراق حيث لا يزال تصنيع المخدرات ضعيفاً.
ويقول ديبلوماسي غربي إن "العراق بات ممراً مهماً لتجارة الكبتاغون لأن جاره الأردن، وهو بلد ممر آخر لهذه التجارة، عزز حدوده، ولا يتردد في إطلاق النار على المهربين".
يضيف: "يمكن أن يشكل العراق سوقاً حقيقياً في حال حصول نمو اقتصادي وارتفاع القدرة الشرائية".
(فرانس برس)