جدل في العراق بشأن دواء هندي "خطير" يٌهدّد حياة الأطفال
يُثار في العراق جدل بشأن استعمال دواء هندي وُصف بالخطير مُخصّص لعلاج نزلات البرد لدى الأطفال، انتشر في صيدليات البلاد، بعد تقارير تحدثت عن تأثيراته السلبية واحتوائه على "ملوثات ومواد كيميائية سامة"، وفيما انتقد مراقبون حالة الانفلات في استيراد وتهريب الأدوية والعلاجات في العراق، توعّدت وزارة الصحة العراقية بإجراءات عقابية بحق كل من يتداوله.
وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أكدت، الجمعة الماضية، أن اختباراً أجرته أخيراً أظهر وجود دواء هندي لعلاج نزلات البرد لدى الأطفال يباع في العراق "ملوث بمواد كيميائية سامة، مبينة أن "الكشف يعد الأحدث في سلسلة من الاكتشافات المثيرة للقلق حول الأدوية التي يستخدمها الأطفال في جميع أنحاء العالم، وأن زجاجة واحدة من الدواء المسمى "كولد آوت" تم شراؤها من صيدلية في بغداد في مارس/آذار الماضي كانت تحتوي على 2.1 في المائة من مادة غلايكول الإثيلين، بحسب نتائج فحص أجراها مختبر "Valisure" الأميركي المستقل".
وأشارت الوكالة إلى أن "هذه النسبة تعادل حوالي 21 ضعفا للحدّ المقبول من مادة غلايكول الإثيلين، وأن كمية صغيرة من هذه المادة تعد قاتلة للبشر"، مؤكدة أنها "أطلعت منظمة الصحة العالمية ومسؤولين عراقيين وهنودا على نتائج الاختبار في 8 يوليو/تموز الجاري، وقد وجدت أن النتائج التي توصل إليها مختبر "Valisure" كانت مقبولة".
وأوضحت أنها "ستصدر تنبيها في حال أكدت الحكومة العراقية أن هذا المنتج يباع في الصيدليات، كما أنها زودت منظمة الصحة العالمية والسلطات العراقية بنتائج الاختبار واسم وموقع صيدلية بغداد تم شراء الدواء منها".
كما نقل التقرير عن أن المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، سارة شيبارد، بعثت رسالة بالبريد الإلكتروني، جاء فيها أن "العراق يواصل محاولة الحصول على عينات لتأكيد أو نفي ما إذا كان هذا المنتج موجود أو معروض للبيع، وأنه من أجل إصدار تنبيه يجب أن تقتنع منظمة الصحة العالمية والدولة العضو فيها (العراق) بأن المنتج كان بالفعل معروضا للبيع في مكان محدد، وأن عبوات (كولد آوت) التي تم العثور عليها في العراق تشير إلى أنها صنعت في يناير/كانون الثاني 2022".
وزارة الصحة العراقية لم تعلن موقفاً واضحاً تجاه كيفية دخول العلاج والجهات المسؤولة عن ذلك، إلا أنها توعدت كل من يتداول العلاج بـ"إجراءات عقابية"، وقال المتحدث باسم الوزارة سيف البدر، في تصريحات سابقة، إن "علاج كولد آوت غير مسجل بشكل رسمي في وزارة الصحة، وأن تداوله يعتبر مخالفة للقانون"، مشددا أن "فرق الرقابة الصحية مستمرة بمتابعة المخالفين سواء حول هذا العلاج أو غيره من العلاجات المخالفة، وفي حال ضبط مخالفة ستكون هناك إجراءات عقابية وفقا للقانون".
وشدد "لا يمكن تداول أو تصنيع أي علاج أو مستلزم طبي من دون أن يكون مسجلا وفق السياقات والضوابط القانونية والعلمية المعتمدة من قبل وزارة الصحة".
من جانبها، بيَّنت عضو لجنة الصحة في البرلمان العراقي سهام الموسوي، أن "التقارير الأخيرة التي تتحدث عن الأدوية الخاصة بالأطفال، تستدعي التوقف بشكلٍ جاد من قبل نقابات الأطباء والصيدليات والمختبرات الصحية، ووزارة الصحة والحكومة العراقية، إلى جانب لجنة الأمن والدفاع البرلمانية"، موضحة لـ"العربي الجديد"، أن "هذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها تقارير تشير إلى أدوية خطيرة على العراقيين".
وأضافت الموسوي، أن "لجنة الصحة ناقشت موضوع دواء (كولد آوت)، وخلال الفترة المقبلة قد يتطور النقاش والدخول على خط الحصول على نتائج التحاليل الخاصة بالأدوية"، مبينة أن "ملف الأدوية والعلاجات من أكثر الملفات التي لا يمكن التهاون أو تجاوز الأخطاء فيها".
من جهته، قال نقيب الصيادلة العراقيين مصطفى الهيتي، إن "مادة غلايكول الإثيلين ممنوعة من العراق منذ نحو 25 عاما، ولا تقبل كمادة حافظة تضاف إلى بعض الأشربة"، مؤكداً في تصريح صحافي، أن "هذه المادة تؤثر على الكبد وتتسبب في حموضة الدم، وتؤدي إلى تلف وتوقف الكلى ثم الوفاة، وليس غريباً على أي إنسان عديم الضمير أن يدخل هذه المادة إلى العراق بصورة غير مشروعة من أي مكان".
واستكمل الهيتي حديثه أنه "ربما تكون هنالك وفيات، لكن الطب الشرعي لم يثبت لنا هذا الموضوع أو حدوث وفيات بشكل كبير"، معتبرا أن "وجود هذه المادة في أي مستحضر صيدلاني جريمة".
وتُعد مشكلة الأدوية الفاسدة والتالفة ومنتهية الصلاحية والمغشوشة، من ضمن مشاكل كثيرة يعاني منها قطاع الصحة في العراق، إلى جانب تردي المستشفيات أو حتى سوء الإدارة وقلة العناية وضعف الرقابة، بشكل يكبد العراقيين خسائر بشرية، تضاهي خسائره جراء رداءة الخدمات.
وتعلن السلطات الأمنية العراقية، بين فترة وأخرى، عن إحباط عمليات تهريب أدوية غير مرخصة إلى داخل البلاد عبر المنافذ الحدودية، وسط متابعة مستمرة من أجهزة الأمن لما تعرف بمافيات الأدوية. ورغم هذه المتابعات التي تعلن عنها الأجهزة المختصة لكنها لم تفلح في القضاء على عمليات التهريب تماماً.