جدل في العراق بشأن ملف ترسيم الحدود مع الكويت
أثارت أطراف عراقية، خلال الساعات الماضية، جدلاً بشأن ما وصفتها بـ"التنازلات" الحكومية إلى الكويت بشأن ملف ترسيم الحدود و"التخلي" عن ناحية أم قصر الحدودية، فيما حذر نواب وسياسيون من ذلك، وسط حراك لعقد جلسة طارئة لمجلس النواب العراقي لمناقشة الملف.
وأججت تصريحات لوزير خارجية الكويت سالم عبد الله الجابر الصباح، الذي زار بغداد الأحد الماضي، وتحدث عن "وعود" عراقية بشأن إزالة منازل عراقيين في أم قصر، الضجة في الأوساط السياسية والشعبية في العراق.
وأثار التزام حكومة السوداني الصمت حول الجدل المثار حالة من الغموض أكثر.
وعقب زيارة الوزير الكويتي، وجهت الحكومة العراقية بـ"إبعاد" العوائل من الحدود العراقية - الكويتية في ناحية أم قصر الحدودية، وإسكانها في مجمع سكني جديد خُصّص لها بعيداً عن الخط الحدودي، الأمر الذي أثار جدلاً عراقياً، حيث أوّل نوّاب من كتل مختلفة القرار واتهموا حكومة محمد شياع السوداني بـ"بيع" أم قصر والتنازل عنها للكويت.
وتحدث النائب عن محافظة البصرة عامر عبد الجبار عن أن "هناك وثائق رسمية تؤكد وجود تنازل بالحقوق العراقية لصالح الكويت، ومنها أم قصر، وهذا ما لم نقبل به، وتم جمع تواقيع من نواب من كتل مختلفة بهدف إصدار قرار برلماني ملزم يصوت عليه البرلمان، يمنع أي تنازل عن الحقوق العراقية لصالح الكويت".
وذكر النائب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "صمت الحكومة مستغرب إزاء الملف، رغم أنني أبلغت وزير الخارجية العراقي به، وقدمت له وثائق رسمية تؤكد تلك التجاوزات، وكشفت له كيف تنازل العراق عن أراضيه للكويت، لكنه بصراحة لم يتخذ أي إجراء، وهذا ما يدفعنا إلى اتخاذ إجراءات برلمانية بحق الوزير خلال الفترة المقبلة"، وفق تعبيره.
وأكد عبد الجبار أن "الأيام المقبلة ستشهد ارتفاعاً في الرفض السياسي والشعبي لرفض بيع أو إعطاء أم قصر أو أي شبر من الأراضي العراقية للكويت تحت أي عنوان أو حجة كانت"، مشدداً على أن "أي إصرار بهذا الصدد، سوف يشهد تصعيداً شعبياً كبيراً، فلا يمكن القبول بهكذا خطوات لبيع العراق أو إعطائه"، وفق توصيفه.
في المقابل، نفى محافظ البصرة أسعد العيداني الاتهامات والتأويلات، وأكد، في تصريحات صحافية مساء أمس الثلاثاء، أن "قضية ميناء أم قصر، وترسيم الحدود، سُوقت سياسياً، وأن نواباً يشوهون الحقيقة حول بيع العراق أراضي إلى الكويت"، مبيناً أن "العراق والكويت اتفقا في 2013 على بناء منازل خاصة للعوائل العراقية الساكنة على الحدود، ومحافظة البصرة جهزت المنازل المتاخمة للحدود العراقية الكويتية بالماء والكهرباء".
وأشار العيداني إلى أن "الكويت شيّدت 99 منزلاً على أراضٍ عراقية، وستوزع للعوائل التي تسكن على الحدود، وأن رئيس الوزراء كلفني وفق القانون بتوزيع المساكن على العوائل العراقية الساكنة على الحدود، كما أنها كلها استلمت المنازل ولم تسكنها حتى الآن".
من جهته، دافع النائب عن "ائتلاف دولة القانون"، محمد الصيهود، عن موقف الحكومة، وقال لـ"العربي الجديد" إنه "لا يمكن القبول ببيع أو إعطاء أي شبر من الأراضي إلى أي من دول الجوار، سواء كانت الكويت أو غيرها، لكن هناك من يعمل على هذا الترويج بهدف النيل من الحكومة واستهدافها سياسياً".
وشدد الصيهود، نافيا اتهامات "التنازل" عن أراضٍ عراقية، على أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حريص جداً على سيادة العراق وحفظ الأراضي العراقية من أي تجاوزات من أي طرف إقليمي أو دولي، وما يروج عن سماح الحكومة ببيع أو إعطاء تلك الأراضي غير صحيح، وهو استهداف سياسي، وتسقيط مع قرب الانتخابات، وهذا الأمر ليس بجديد".
وأشار المتحدث ذاته إلى أن "مجلس النواب سيعمل خلال الأيام القليلة المقبلة على استضافة وزير الخارجية والشخصيات والجهات المسؤولة عن ترسيم الحدود ما بين العراق والكويت، لكشف كل الحقائق والغموض بهذا الملف أمام الرأي العام والشعب العراقي، ولن نسمح بالمساس بحقوق العراق كافة".
وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، أطلق ناشطون ومدونون وسم "أم قصر عراقية"، رافضين ما اعتبروه "تنازلا" عنها.
وقال الشيخ ضرغام المالكي، وهو أحد وجهاء محافظة البصرة، في تغريدة له: "البصريون أهل كرم بكل شيء، عدا إعطاء الأرض".
وكان وزير الخارجية الكويتي قد أشاد، نهاية العام الماضي، بـ"إنجاز مشروع المجمع السكني في مدينة أم قصر بجمهورية العراق"، موضحاً أن "هذا المشروع جاء بديلاً عن المنازل المتاخمة لخط الحدود بين الكويت والعراق في منطقة أم قصر، تمهيداً لإزالة تلك المنازل، وتنفيذاً لتوصيات فريق الأمم المتحدة بشأن صيانة العلامات الحدودية بين البلدين، وإزالة كافة العوائق على جانبي الحدود"، وفق ما نقلته وكالة "كونا" الكويتية الرسمية.
وحددت الأمم المتحدة، في العام 1993، الحدود البحرية والبرية بين البلدين، إثر احتلال العراق للكويت، في العام 1990، إذ تُعدّ الحدود الكويتية العراقية منطقة أمنية مخترقة بعد عام 2003، كما يقول خبراء عسكريون، حيث تنتشر عمليات تهريب الأفراد، وقطع السلاح، والمخدرات.