15 مليون عامل عراقي خارج الضمان الاجتماعي: قانون لحمايتهم
ثار جدل واسع حول قانون الضمان الاجتماعي لعمال القطاع الخاص في العراق، إذ وجه مراقبون انتقادات حادة للتشريع الجديد بسبب غموضه وعدم قابليته للتطبيق، في حين أكد آخرون أن القانون فيه مميزات كبيرة لحماية ما يقرب من 15 مليون عامل معظمهم خارج الضمان الاجتماعي.
وأكد رئيس الاتحاد العام لنقابة العمال في العراق ستار دنبوس، في تصريحات للصحافيين ببغداد، أخيرا، أن "الدولة ما زالت بعيدة عن دعم الشرائح العمالية بما يضمن لأفرادها حياة حرة وكريمة".
ويضيف دنبوس أن "عدد العمال في العراق بحسب إحصائيات غير رسمية يقدر بـ15 مليونا، فيما لم يسجل منهم في قانون الضمان الاجتماعي سوى 650 ألف عامل"، معتبراً أن "الحكومات عملت على تغييب الشرائح العمالية بعد أن كان أفرادها قوة ضاغطة ومؤثرة في الشارع، ما أدى إلى تراجع الواقع المعيشي والإنساني لملايين الكادحين".
وصوّت البرلمان العراقي في منتصف شهر مايو/ أيار الماضي، على قانون الضمان الاجتماعي للعمال في القطاع الخاص، في خطوة عدتها الحكومة أساسية ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي وعدت بها، ولضمان حقوق العاملين في هذا القطاع ومحاولة جذب اليد العاملة إليه أكثر بعد الإقبال الكبير على القطاع الحكومي الذي شكّل ضغطا على مؤسسات الدولة وترهلا وظيفيا.
وقال البرلمان العراقي إن القانون يهدف لشمول أوسع للعاملين في القطاعات الثلاثة، الخاص والمختلط والتعاوني، وإن كل عراقي سيكون مشمولا بقانون العمل لضمان حياة كريمة للعمال وعائلاتهم.
من جانبه، أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي محمد صالح، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية، أن القانون الجديد سيتيح لموظفي الدولة الانتقال بكامل حقوقهم التقاعدية إلى القطاع الخاص والعكس.
وأضاف صالح أن "هذا الأمر سيُنشّط فرص العمل والتنمية في القطاع الخاص طالما توافرت الضمانات وتماثلت سوق العمل، وتجانست الحقوق فيها وألغيت ازدواجية الضمانات التي كانت تعمل لمصلحة الوظيفة العامة على حساب العمل في القطاع الخاص".
واعتبر أن القانون الجديد "يُمثل حجر الزاوية في بناء مؤسسات السوق وتشجيع القطاع الخاص وتنميته على أسس حديثة، وهو الأمر الذي ينسجم مع المادة 22 في الدستور بشأن ضمان حقوق العمل والعمال".
وفي هذا السياق، كشف الخبير القانوني علي التميمي أن القانون الجديد يتألف من 110 مواد، وينص على تشكيل هيئة خاصة للضمان الاجتماعي وصندوق خاص بتقاعد العمال مرتبط بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
وأوضح التميمي لـ"العربي الجديد"، أن القانون شمل فئات مجتمعية كانت مستبعدة، مثل القطاعات العمالية غير المنظمة، كأصحاب سيارات الأجرة والنساء اللاتي يعملن بالخياطة وأصحاب التجارة المتنقلة، ونص على استفادة هؤلاء بشرط دفع الاستحقاقات التقاعدية التي حددت بنسبة 7% مما يتقاضاه العامل بالقطاع الخاص، على أن يدفع صاحب العمل 8%.
لكن قد لا يكون القانون مثاليا، وفق ما يراه الخبير القانوني، الذي قال إن هذا القانون "أجهد نفسه في تفاصيل كثيرة وكان من المفترض أن يكون مختصرا، وليس بهذا الإسهاب والرتابة حيث يصعب تطبيقه".
وأضاف أن "القانون لم يراع حقوق المستثمرين، وشملت مواد القانون أيضا مادة تحدثت عن شمول العاملين في الهيئات الدبلوماسية وهذه تصطدم مع ما جاء في اتفاقية فينا 1961".
بدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الشيخلي إنه "من المفترض أن توضع مادة في القانون بشأن آليه تعويض العامل خلال فترة تعطيله عن العمل، وصرف التعويضات له لحين إيجاد فرصة عمل جديدة من خلال مكاتب العمل تتناسب مع إمكانياته.
وقال الشيخلي، لـ"العربي الجديد"، إن القانون حدد مدة 90 يوما لتنفيذه بعد نشره في الجريدة الرسمية، ولكنه لم ينشر حتى الآن، على الرغم من رفع القانون من الحكومة إلى البرلمان قبل أكثر من 6 سنوات، وتم التصويت عليه هذا العام.
وتحدث عن بعض الإيجابيات في القانون الجديد، حيث إنه ينظم العمل بين مالكي المشاريع والعمال، ويغلق كل المنافذ التي من الممكن أن ينفذ منها صاحب العمل للتهرب من التعويضات، التي يفترض تقديمها للعمال في حال عدم التزامهم ببنود القانون.
المختص في شؤون حقوق العمال محمد السامرائي، قال: "رغم إن القانون نص على إلزام مسؤولي القطاع الخاص والمصانع بتسجيل العمال، فإن المشكلة الكبرى تكمن برفض كثير من هؤلاء الالتزام بذلك، وهو ما يتطلب الكثير من الجهد الحكومي لتثقيف القطاع الخاص وإلزام مسؤوليه بضمان حقوق العاملين لديهم".
وأشار السامرائي في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أن معرفة التفاصيل الدقيقة لآلية تنفيذ القانون الجديد لا تزال مبهمة، لا سيما أن القانون لم ينشر بعد في الجريدة الرسمية ولم تصدر حتى الآن التعليمات الخاصة بتنفيذه.
وكشف السامرائي عن مزايا القانون، ومنها أنه يضم امتيازات عديدة، أبرزها تخفيف الضغط على القطاع الحكومي ودعم القطاع الخاص بشكل مباشر، حيث ستتكافأ الفرص بين الحقوق والواجبات، وأنه أتاح لأي عراقي الدخول في مظلة الضمان الاجتماعي، مع إنصاف المرأة وشمول العمال المتقاعدين بالضمان الصحي.