اخبار العراق الان

برلماني ’يغازل’ سفير بريطانيا لدى العراق ويطرح عليه عدة أسئلة

برلماني ’يغازل’ سفير بريطانيا لدى العراق ويطرح عليه عدة أسئلة
برلماني ’يغازل’ سفير بريطانيا لدى العراق ويطرح عليه عدة أسئلة

2023-08-19 00:00:00 - المصدر: ناس نيوز


بغداد - ناس 

كتب عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان عباس الجبوري، عرضاً لسيرة سفير بريطانيا الجديد “ستيڤن هيتشن”، الذي يتقن العربية وتحديداً اللهجة العراقية.

قناة "ناس" على تلكرام.. آخر تحديثاتنا أولاً بأول  

وفي مقال مطول مليء بالمديح، ولكن بالأسئلة الملغزة حول دور السفير، يقول: انه ليس غريباً على الشرق الأوسط وسياساته، فقد عمل بالكويت ومصر والأردن، إضافة لشغله منصب مدير الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامي 2016-2019، كما شغل منصب رئيس الفريق الخاص بإيران في الخارجية البريطانية بين عامي 2009-2013.

وأدناه نص مقال الجبوري:

(السفير فوق العادة) هي أعلى مرتبة دبلوماسية في مراتب السفراء تمنح عادة لشخص مكلف بمهام خاصة لبلده لدى بلد آخر أو منظمة دولية والفرق بين السفير الاعتيادي وسفير فوق العادة هو ان السفير يأتي لهدف محدد أما سفير فوق العادة فيكون دائميا ولأغراض متعددة وهذا نابع من المهمة والمواصفات التي يتمتع بها ومهاراته غير التقليدية.

ستيڤن هيتشن هو سفير فوق العادة أرسلته بريطانيا إلى بغداد ومن خط خدمته تبين انه:

أ-شغل منصب مدير قسم مكافحة الارهاب في وزارة الخارجية البريطانية.

ب-كان مدير الأمن القومي للشرق الاوسط وشمال افريقيا بين عامي 2016-2019.

ج-رئيس الفريق الخاص بإيران في الخارجية البريطانية من بين 2009-2013.

د-شغل مناصب عدة في مصر والكويت والأردن والعراق.

ه-عمل في وزارة الدفاع البريطانية لعدة سنوات.

ستيفن هيتشن درس اللغة العربية لمدة عامين حتى أتقنها ثم حاول اتقان عدة لهجات لها مثل اللهجة العراقية والاردنية وغيرها بدافع العمل الدبلوماسى وكذلك الرغبة الشخصية لرجل تعرّف على هذه البلاد من مكاتبها ومطاعمها ومثقفيها المنتشرين في شارع (اجور رود) فسار في طريق اكتشاف الشرق والعرب بشغف وجهد دؤوب وكلما تعب في سيره استراح في مقهى عربي في (شارع العرب) في لندن ليشرب الشاي ويقترب سمعه من حروف عربية بدت (صعبة) أول وهلة ولكنه أصرَّ ان يتعلمها ولو كلفته سنين.

ستيڤن هيتشن التقى معظم السياسيين العراقيين بعد عام 2003 عندما يزور العراق قادماً من الأردن وكان يقدم نفسه (مختصاً أو مسؤولا أو ممثلاً ) لإحدى الاجهزة الأمنية في بريطانيا ومعظم لقاءاته كان يحضر (لوحده) لانه لا يحتاج إلى مترجم وكذلك ليمنح اللقاء مزيداً من الحرية والحميمية وبلهجة محببة تساعد على انبساط الاحاديث وتُشعر المتحاورين بالقرب والصداقة والانفتاح.

أطلق عليه البعض لقب (ابو ناجي)، والبعض الآخر لقبه (البلبل الفتان) وهناك من لقّبه بـ”الساحر” وهي بمجموعها تعطي كمية الاهتمام بهذا الضيف الدقيق في مواعيده والدقيق في عباراته وتمييزه للأعراف والقبائل والعشائر العراقية فهو يفرق بين (بيت فلان) وعشيرة فلان ويصل بها إلى شيخ العموم وشيخ (الفخذ) والامير والسلطان مذكّراً الساسيين بـ”لورنس العرب” الذي أوهم سكان الصحراء العربية بشغفه وحبه للصحارى وحضارتها فانفتحت علاقاته على قادة عسكريين وفنانين وزعماء قبائل ليصبح ضابط ارتباط بين بريطانيا وزعماء عرب في حربهم ضد الدولة العثمانية آنذاك.

يستيقظ مبكراً ليتناول (الكاهي والقيمر) ويخلل المشهد (باستكان) شاي وكلمات صباحية يكاد يظن المتلقي بانه أمام (مرشد) سياحي أو غذائي يقدم دعاية تسويقية لمطعمه فيتفاعل البعض معه بايجابية يغبط عليها وينتقده الآخر ب (احنه وين وهو وين) ويتوقف ثالث منتظراً الليلة الاخرى ليكتب تعليقه على حركات السفير ودلالاتها وشدة الترميز الذي تحمله والذي لا يرى بالعين المجردة بعيدا عن عيون الرضا والسخط المتوفرة في كل المواسم.

(سفير فوق العادة) يرى البعض مهمته (نوعية) لتصحيح مسار عشرين عاماً من الدبلوماسية التي لم تنتج اقتراباً أو مصالحاً بين الدولتين واكتفت بريطانيا ان تجلس في المقعد الخلفي في سيارة GM المظللة تؤيد أو تصدق أو تحذر ما يراه السائق الامريكي على شوارع بغداد والإقليم، ويرى آخر ان السفير (النوعي) جاء بعد واقعة اوكرانيا المستمرة ليشغل الدور الذي (تقلص) والاهتمام الذي قلَّ لانشغال الغرب هناك ورصد الدب الروسي الذي اقترب كثيراً من مياه الخليج الدافئة والقريبة من النفط ومشتقاته.

يجلس طويلا هذه الايام في مكتبه داخل السفارة وهو يقلب مجموعة من الملفات المعقدة في السودان والنيجر واوكرانيا ولبنان واليمن وسوريا وحدودها مع العراق وإيران ومسيّراتها وقدر اليورانيوم الذي تحته شمعة (ساحرة) ذات لهب هادئ من مختبر (البهائي) قبل مئات السنين.

فهل يخرج علينا بما نتمناه لدجلة والزراعة والصناعة ومخيم الهول.

أم يكتفي بقراءة الموشحات الاندلسية قبل ان يتناول (الدولمة) وبعدها ينادي على من في المطبخ (خدري الجاي خدري) ليختم فترته الدبلوماسية كسابقيه بمجاملات وتشريفات راقية يسطرها في مذكراته القادمة في موسمه الخريفي الذي يمر سريعاً في العراق ليختصر طريق البرد للشتاء.

في هذا الفضاء المفتوح والعيون الساهرة والكاميرات الحرارية والتراكم المعرفي والخبرة التاريخية للناس والنخب سيكون كل شي تحت المشرح وخاضع للتحليل والتقطيع والتقاطع والفرز ومن الصعوبة ان تختلط بعد اليوم الخيوط.

وتتداخل الاضواء وتتشابك الموجات أمام العيون والاسماع والعقول الحريصة والتي أنفقت العمر في حياكة الأمل واشتهت النوم لتراه في أحلامها قادماً ولو محملاً ببعض الهموم.

تلك هي المقدمة لحياة سفينة نوح بعد الطوفان والتي ختمها بقوله (وأستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين) ولم يلتفت إلى الخلف إلا مرة واحدة وتلك قصة ثانية جديرة بالحفر والنحت والرسم بالكلمات.

ونشر السفير اليوم فيديو يضع فيه وردة قرب فندق القناة، حيث توفي سيرجيو ديميلو رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق وعدد من مساعديه بهجوم انتحاري نفذه تنظيم القاعدة في مثل هذا اليوم عام 2003.