العراق: تحقيق بوفاة سجين "تحت التعذيب"
أعلنت وزارة العدل العراقية، اليوم الاثنين، فتح تحقيق بمقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي لسجين تعرض للتعذيب حتى الموت داخل سجن التاجي المركزي شمالي بغداد، مؤكدة أنها تقف بوجه أي انتهاكات يتعرض له السجناء.
وخلال اليومين الماضيين نقل مركز "جرائم الحرب"، وهو مركز مستقل معني بنشر الانتهاكات في العراق، مقطع فيديو، أكد أنه "لنزيل تعرض للتعذيب في سجن التاجي المركزي"، مبينا أن "المعتقل يدعى جبار".
#توثيق عمليات تعذيب جديدة في سجن التاجي المركزي شمالي بغداد.
— مركز جرائم الحرب (@IWDCiraq) August 19, 2023
مقطع مسرب لأحد ضحايا التعذيب في سجن التاجي المركزي ويظهر المقطع لمعتقل يدعى(جبار) قد تعرض للتعذيب.
*تحذير:المقطع يحوي مشاهد حساسة لعملية التعذيب.#سجن_التاجي@UNIraq @UN @hrw_ar@AmnestyIraq #العراق #Iraq#totorture pic.twitter.com/JdfguzhjuD
واليوم الاثنين، نفت دائرة الإصلاح، في بيان لها واقعة التعذيب، مؤكدة أن "بعض وسائل الإعلام تناقلت مقطع فيديو ادعت فيه بأن نزيلا في سجن التاجي المركزي توفي بعد تعرضه للتعذيب"، مبينة أنه "في الوقت الذي نواسي ذوي الفقيد نؤكد أنه كان يعاني من مرض مناعي نادر، وقد أرسل مرات عديدة للمستشفيات لغرض تلقي العلاج وفقا للتقارير الطبية والإحالات المرفقة مع هذا البيان".
وأضافت أن "الكوادر الطبية التابعة إلى وزارة الصحة أبدت جهدا استثنائيا في سبيل علاج النزيل لغرض تحسين حالته الصحية واستجابته للعلاج"، مشددة على أن الوفاة لم تكن نتيجة التعذيب مطلقا، وأن هذه الوزارة تقف بوجه أي انتهاكات ضد النزلاء وأي ممارسة تتعارض مع حقوق الإنسان".
وأشارت إلى أن "وزير العدل خالد شواني وجه بتشكيل لجنة تحقيقية للوقوف على تفاصيل الموضوع"، مشدداً على أن "الوزارة لن تتهاون بحق من يثبت تقصيره".
وتتكرر بشكل أسبوعي حالات الوفاة داخل السجون العراقية، نتيجة انتهاكات تعذيب أو ضرب أو سوء تغذية، سيما في سجون الحوت بمحافظة ذي قار، جنوبي البلاد، وسجن الرصافة المركزي وسجن الحلة جنوبي البلاد كما سجلت السجون حوادث انتحار، وقد حذر نواب من أن "التعذيب الممنهج" داخل السجن يدفع السجناء نحو الانتحار.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قد دعا أخيرا ضحايا عمليات التعذيب في السجون والمراكز الأمنية، إلى رفع شكاوى معززة بالأدلة، وخصص بريدا إلكترونيا لاستلام الشكاوى، وقد كشفت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، تسلم الحكومة 5 آلاف شكوى عن حالات تعذيب وانتهاكات داخل السجون، وأن عدد الشكاوى في حالة زيادة، فيما لم تتخذ أي خطوات لمعالجة الملف.
ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في العراق، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقارب المائة ألف سجين يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.
وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير له، نهاية العام الفائت، رصد وفاة نحو 50 معتقلاً نتيجة "عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون التابعة لحكومة بغداد"، وأضاف أنّه في المدّة المتراوحة ما بين يناير/ كانون الثاني الماضي وأغسطس/ آب الماضي توفّي 49 معتقلًا؛ 39 منهم في سجن الناصرية المركزي، وثمانية في سجن التاجي (شمالي بغداد)، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مراكز شرطة إجرام الموصل في محافظة نينوى (شمال)، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الإجرام في العاصمة بغداد.
كذلك، كشف المركز عن "احتجاز السلطات الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروف غير إنسانية، بوضعهم في زنازين مكتظة وغير مهيأة صحياً لسنوات عدّة بدوافع انتقامية وطائفية"، موضحاً أنّ "الظروف الصحية معدومة في معتقلاتهم، وأنّها ذات درجة حرارة ورطوبة عاليتَين، ممّا يؤثّر على صحتهم بشكل مباشر".
وتعاني السجون العراقية من إهمال كبير، وغياب للدور الرقابي من قبل الجهات الحكومية والجهات المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجري فيه الحديث عن سيطرة بعض الجهات السياسية على السجون.