وزير الخارجية التركي يواصل لقاءاته في بغداد: ملفا الأمن والمياه
يواصل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، عقد سلسلة من اللقاءات في بغداد مع المسؤولين العراقيين وشخصيات سياسية من أجل الوصول إلى تفاهمات واتفاقات بشأن بعض القضايا العالقة بين البلدين، المتعلقة بالأمن والمياه.
ووصل فيدان، أمس الثلاثاء، في زيارة رسمية إلى العاصمة بغداد تستغرق يومين، وفق ما أعلنت عنه وزارة الخارجية العراقية، وتأتي هذه الزيارة لترتيب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق، خلال الأيام المقبلة.
وعقد وزير الخارجية التركي فور وصوله إلى بغداد اجتماعا مع نظيره العراقي فؤاد حسين، وتم خلال الاجتماع بحث العلاقات الثنائية وسُبل تعزيزها بما يخدم مصالح البلدين الصديقين، كما جرى بحث القضايا الإقليمية والدولية التي تحظى باهتمام البلدين، كما تطرق الاجتماع إلى ملف المياه، إذ يتأثر البلدان من التغير المناخي، وناقش اللقاء حصول العراق على حصة عادلة من المياه، فيما اقترح الوزير التركي تشكيل لجنة مُشتركة دائمة لبحث الموضوع، بحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية.
وأوضخ البيان أن "وزير الخارجية العراقي أكد خلال اجتماعه مع فيدان، أن الدستور العراقي لا يسمح لأي منظمة باستخدام العراق منطلقاً للهجوم على دول الجوار، كما بحث الاجتماع موضوعات مكافحة الإرهاب وما يتعلق بحزب العمال الكردستاني".
وعقد وزير الخارجية التركي اجتماعاً مع رئيس الجمهورية العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، وتم التأكيد على عمق العلاقات التاريخية التي تربط البلدين، وأهمية العمل على تعزيزها وتطويرها وتوسيع آفاق التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والبيئية وملف المياه والطاقة، بما يخدم المصالح المتبادلة للشعبين العراقي والتركي، بحسب بيان لرئاسة الجمهورية.
وأضاف البيان أن "رئيس الجمهورية أكد خلال اجتماعه مع فيدان على أهمية الوصول إلى تفاهمات بين البلدين بشأن الحصول على حصة عادلة وكافية من المياه، تُغطي احتياجات أبناء شعبنا الضرورية، خصوصاً أن العراق يعاني من أزمة حادة في المياه أثرت بشكل كبير على مجمل الحياة العامة للعراقيين بسبب انخفاض تدفق المياه العابرة للحدود في نهري دجلة والفرات وروافدهما".
وكشف أن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عازم على زيارة العراق لمتابعة القضايا الموجودة، إضافة إلى الملفات التي يتضمنها برنامج الزيارة، حيث رحب الرئيس عبد اللطيف جمال رشيد بزيارة الرئيس أردوغان إلى بغداد، كما تم بحث الوضع الأمني وأهمية منع الخروقات والتجاوزات الأمنية وضرورة احترام السيادة الوطنية".
إلى ذلك، عقد فيدان اجتماعاً مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين، وسُبل توطيد التعاون المتبادل على مختلف المستويات والصعد، والبحث في تعزيز الشراكة الاقتصادية، وجهود مكافحة الإرهاب بين البلدين، بحسب بيان لمكتب السوداني.
وأضاف البيان أن "السوداني أكد خلال اجتماعه مع وزير الخارجية التركي أن العراق جاد بطرح جميع الملفات بروح التعاون وحسن الجوار، إضافةً إلى توافر الفرص الواعدة لمزيد من التعاون الاقتصادي والتجاري، وأن مشروع طريق التنمية هو أفضل مثال على ذلك بما يمثله من كونه أحد أهمّ الممرات الاقتصادية في المنطقة والعالم، ويحوي الفرص الاقتصادية الكبيرة المتاحة".
وبين السوداني أن "الأمن والاستقرار أولوية للحكومة العراقية، وإنها لن تسمح لأي جهة أو تنظيم، تحت أي مسمى، أن يعبث بالأمن أو استخدام الأراضي العراقية منطلقاً للاعتداء على دول الجوار، وهذا موقف مبدئي ثابت كما نص عليه الستور"، مؤكداً "التوجه نحو تفعيل المزيد من التعاون في إطار اللجان الأمنية المشتركة مع تركيا واعتماد الحوار، بعيداً عن التصرف أحادي الجانب".
وشدّد رئيس الوزراء العراقي على "ضرورة التنسيق بين العراق وتركيا، في مختلف القضايا الإقليمية، لـ"تبنّي مواقف مشتركة تخدم مصالح الشعبين الصديقين"، مثمناً "المبادرة التركية الأخيرة بزيادة الإطلاقات المائية لنهر دجلة"، ودعا الجانب التركي إلى "زيادة الإطلاقات المائية لنهر الفرات أيضاً، لا سيما أنّ العراق مقبل على زيارة دينية وحشود مليونية من داخل البلد وخارجه"، مؤكداً "أهمية أن يجري التوافق بهذا الملف لما فيه من مصلحة مشتركة وحفظ للحقوق المتبادلة، وقد تمّ الاتفاق على تشكيل لجنة دائمة بين البلدين لمعالجة ملف المياه".
وبحسب البيان العراقي فإن فيدان نقل للسوداني تحيات الرئيس رجب طيب أردوغان، مثمناً جهود الحكومة العراقية في مكافحة الإرهاب والسعي لتحسين البنى التحتية، وأبدى رغبة تركيا واستعدادها لدعم العراق في مختلف المجالات، مؤكداً التوجه الجاد والحرص على حل المشاكل العالقة بين البلدين.
بعد ذلك عقد رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، اجتماعاً مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في مقر التحالف في العاصمة بغداد، وتم بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافة إلى بحث ملفات الأمن والحدود والمياه والطاقة وتوسيع نطاق التجارة بين العراق وتركيا، بحسب بيان لمكتب الخنجر.
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي ماهر جودة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى بغداد بهذا التوقيت مهمة جداً، خصوصاً لحل أزمة الجفاف التي يعاني منها العراق، فحل هذه الازمة بيد الجانب التركي، من خلال زيادة الإطلاقات المائية نحو نهر دجلة".
وبين جودة أن "التنسيق الأمني ما بين بغداد وأنقرة مهم جداً، لضبط الحدود، وهذا الملف تصدر مباحثات فيدان مع المسؤولين العراقيين، خصوصاً مع استمرار الضربات الجوية التركية على الأراضي العراقية، مع استمرار التواجد العسكري التركي داخل الأراضي العراقية، فهذا الأمر يهدّد الأمن القومي العراقي، وبغداد جادة بإيجاد حل لهذا الامر، لكنه في نفس الوقت يتطلب إخراج حزب العمال الكردستاني، الذي يهدّد الأمن القومي التركي من الأراضي العراقية، وهذا الأمر صعب حقيقة على الحكومة العراقية".
وأضاف: "نعتقد أن زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ليست بروتوكولية، كحال الزيارات الأخرى، بل هي زيارة عمل حقيقة لحسم ملفات عالقة وحساسة ما بين البلدين، وهذه الملفات تتطلب زيارات متبادلة ومتواصلة ما بين البلدين لحسمها بشكل حقيقي".
وتسبب وجود عناصر حزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة "منظمة إرهابية" في الأراضي العراقية، بالعديد من الأزمات السياسية بين البلدين، كان آخرها العام الماضي، عندما اتهمت بغداد القوات التركية بقصف منتجع سياحي في دهوك والتسبب بقتل عدد من المواطنين وهو ما نفته أنقرة.
وتكمن صعوبة إجراء تفاهمات كاملة بين حكومة بغداد ونظيرتها التركية بشأن إنهاء وجود مسلحي الحزب في العراق بعدة عوامل ميدانية عسكرية، أبرزها وجوده في مناطق يصعب وصول القوات العراقية إليها، ضمن المثلث العراقي الإيراني التركي الواقع تحت إدارة إقليم كردستان، إلى جانب الدعم الذي يتلقاه مسلحو الحزب من فصائل مسلحة توصف عادة بأنها حليفة لإيران، خاصة في مناطق سنجار غربي نينوى.