دراسة الرؤى الاستراتيجية لتطور ازمة الطاقة الكهربائية في العراق بعد عام 2003
فواز علي ناصر الشمري
من المعروف أن قطاع الكهرباء يمثل الشريان الرئيسي في العراق. إذ نجد أن الكهرباء لها دور رئيسي في نمو الحياة بشكل عام، سواء كانت في الصنف المنزلي والمتمثل بالدور والمجمعات السكنية، أو الصنف التجاري والمتمثل بالمحلات التجارية والمجمعات التجارية. أما الصنف الثالث فهو متوفر في دوائر الدولة بكافة أصنافها.
ومن الجدير بالذكر أن العراق عانى من أزمة الكهرباء نتيجة الحروب التي مرت عليه في عهد النظام السابق. ونجد بعد عام 2003 حدثت هناك تغيرات في هذا المجال ولكن للأسف الشديد لم تكن هذه التغيرات لصالح تطور الطاقة الكهربائية في العراق. إذ نجد أهم سبب هو الاعتماد على مصدر واحد في تجهيز الطاقة الكهربائية الايراني منذ عام 2003 وحتى الآن.
ومن جانب آخر دخل محور الطاقة الكهربائية ضمن الملفات الحساسة للسياسة. فقد لجأ البعض من ضعاف النفوس في استغلال أزمة الكهرباء في العراق كورقة سياسية لعملية ما يسمى "بخلط الأوراق". ومن الجدير بالذكر أن العراق يحتاج الى 34 الف ميغاواط للحصول على الطاقة الكهربائية بشكل مستمر. في حين قد ينتج العراق 26 الف ميغاواط ولا سيما وقت الذروة (فصل الصيف).
ويهدر العراق ملايين الدولارات نتيجة هدر الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط الخام عبر حرقه مسببا خسائر بملايين الدولارات يوميا دون تحقيق أي استفادة منه. وهنا ربما سائل يتساءل أين هي خطة الوزارة في استثمار الحلول بعد مرور عشرين عاماً دون أي استفادة.
و لعل أبرز الظواهر التي ظهرت بعد عام 2003 وهي انتشار المولدات الكهربائية، والتي تثقل كاهل المواطن العراقي ولا سيما ذوي الدخل المحدود. والكل يعلم بوجود أكثر من 40% تحتَ مستوى خط الفقر في عموم العراق. فغالباً قد نرى تسعيرة الامبير للمولدات تكون عبئاً على المواطن العراقي، سواء كانت عامة أو حتى مولدة المنزل، وما يترتب عليها من سعر البنزين والدهن.
ومن ناحية أخرى، حثت وزارة الكهرباء على عمل ندوات ومؤتمرات تثقيفية في توعية المواطنين في حملة "ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية". إضافة الى العمل على ازالة التجاوزات على الطاقة الكهربائية مما يؤدي الى تقليل الحمل على المنظومة الوطنية للكهرباء والالتزام بتفعيل نظام الجباية في دفع اجور الكهرباء. وهنا يكون التعاون متبادل بين الحكومة والمواطن في توفير الطاقة الكهربائية.
وهنا نجد الاستجابة من المواطن العراقي تكاد تكون قليلة أو معدومة. وذلك بسبب أن المواطن يرمي الثقل على الحكومة في تجهيز الطاقة الكهربائية أو الشعور باللامبالاة في هدر الكهرباء دون جدوى. متناسياً جهود كوادر منتسبي وزارة الكهرباء بكافة فروع شركاتها من مهندسين وخبراء إضافة الى العاملين في مجال الصيانة في العمل الدؤوب طوال 24 ساعة في سبيل ت
جهيز الطاقة الكهربائية والوصول الى حلول سريعة لغرض ايصال الكهرباء بشكل امثل واسرع للحيلولة من تنامي عدم قطع الكهرباء المبرمج.
ومن الجدير بالذكر أنَ هيكلية وزارة الكهرباء تعمل بنظام الشركات وهي (الانتاج –النقل-التوزيع). ومن المعروف أن الإنسان يجب أن يعمل بمبدأ (الواجبات والحقوق). فكلٌ منا يحتاج الى توفير الطاقة الكهربائية بشكل دائم. ولكن لماذا لا نعمل على اطفاء الأجهزة الزائدة حتى لو كلفَ الأمر الى اطفاء مصباح واحد، سواء كانت في المنازل او المحلات التجارية.
وإذا تطرقنا للحديث عن دور الوزراء منذ عام 2003 وحتى 2023، نجد تولي منصب وزير الكهرباء أكثر من 10 وزراء لهذا المنصب. وكل وزير يعمل على وضع خطة وزارية للوزارة في سبيل الارتقاء بمستوى الطاقة الكهربائية في العراق. ولكن هناك عوامل وضغوط كثيرة على الوزير في تعطيل وضع الارتقاء بتطوير الكهرباء في العراق. وقد تكون هذه العوامل داخلية وخارجية تعمل على الوقوف ضد هذه المبادئ النامية لحل أزمة الكهرباء.
فنجد بعض الوزراء عمل على تصدير الطاقة الكهربائية الى خارج العراق. ولكن دون جدوى. و مع تشكيل حكومة السيد محمد شياع السوداني بادر بتولي منصب وزارة الكهرباء المهندس (زياد علي فاضل) وهو شخص ذو خبرة وكفاءة عالية المستوى. ووضع خطة جديدة للارتقاء بمستوى الطاقة الكهربائية في العراق. وتشمل هذه الخطة على النحو التالي الا وهي (القصيرة-المتوسطة -الطويلة) الاجل. حيث كانت فترة الخطة القصيرة الثلاث الاشهر الاولى من توليه منصب الوزارة معتمداً على الجهود الذاتية للارتقاء بمستوى الطاقة الكهربائية في العراق.
أما الخطة المتوسطة الاجل فتتمثل في غضون سنة كاملة من حيث النهوض بالمشاريع المهمة لتطوير قطاع الكهرباء في العراق. وتستهدف الخطة الطويلة الاجل الاستراتيجية لغاية عام 2030، وتحتاج منا الى تكاتف جميع الجهود الحكومية وهي تستهدف استقرار تام للمنظومة الكهربائية، وتواريخ هذا النوع من الخطط يرتبط جزء منها بنا كوزارة والجزء الاخر يرتبط بالحكومة والنواب والموازنة العامة للبلاد.
فيما حثَ السيد الوزير المواطنين وكافة الجهات الحكومية على مبدأ التعاون والتظافر في توفير الطاقة الكهربائية. وهنا نعود الى الحث على ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية والعمل على بث روح الوعي للإنسان العراقي. وهذا بدوره يحتاج منا الى ايصال هذه الرؤى الاستراتيجية للقنوات الاعلامية كافة والمحافظات للإيصال الى رؤية الوزارة في السعي الحثيث على تطوير الطاقة الكهربائية في العراق.
ومن أهم التطورات الجديدة في العراق هو توقيع اتفاقية الربط الخليجي للكهرباء مع العراق لغرض تنوع مصادر الطاقة الكهربائية وعدم الاعتماد على مصدر واحد. ولكن نرى البعض لا يرغب بالوقوف مع مصلحة العراق العامة على أسس تكاد تكون شخصية أو تكاد لا تخدم مصالح الدول العميلة إن صحَ التعبير.
وختاماً ندعو الجميع بالنهوض بمصلحة العراق أولاً وأخيراً.
كاتب عراقي