التنوع الإنساني وفوبيا الاختلاف العالمي
د. محمد وليد صالح
يولدون جميع البشر أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق ولديهم القدرة على المساهمة البناءة في تنمية مجتمعاتهم، وأن أي مبدأ للتفوق العنصري هو زائف علمياً ومدان أخلاقياً وظالم اجتماعياً وخطير ومرفوض، وقامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بحظر التمييز العنصري، ليتضمن جميع الصكوك الدولية الأساسية لحقوق الإنسان والتزام الدول بالقضاء على التمييز في المجالين العام والخاص، ويتطلب مبدأ المساواة اتخاذ الدول تدابير خاصة للقضاء على الظروف التي تسبب في التمييز العنصري.
وفي ما يتعلق بأهداف خطة التنمية المستدامة 2030 يجري التركيز على حقوق المنحدرين من أصل أفريقي في يومهم الدولي الثالث، وازالة العقبات التي تحول دون تمتعهم على قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، من خلال ارتباط ثلاث ركائز وهي الاعتراف والعدالة والتنمية للعقد الدولي للمنحدرين من أصل أفريقي 2015/ 2024، بهدف الوصول إلى التعليم والسكن والصحة والعمل والدخل والحصول على الموارد والمنافع العامة، فضلاً عن تأكيدها على حظر التمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره، أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو على أساس الملكية أو الميلاد أو الإعاقة، في حين ينسجم معها الدستور العراقي لعام 2005 في مادته (14)، التي تشير إلى المساواة بين العراقيين في الحقوق والواجبات ومنع أشكال التمييز كافة.. فالعراق من المجتمعات المتنوعة عرقياً واثنياً ودينياً ولكل منها تراث ثقافي وإنساني وحضاري.
إذ يتطلب اقامة عالم يتصف بالاحترام العام لحقوق الإنسان وكرامته وسيادة القانون والعدالة والمساواة، وعدم التمييز العنصري واحترام الأصل العرقي والتنوع الثقافي، تجسيد وضمان اتاحة فرص متكافئة للجميع للوصول إلى التعليم الجيد وتعزيز فرص التعلُّم مدى الحياة صناعة فرص النجاح ودعمها لهؤلاء، ودعا إعلان وبرنامج عمل ديربان الدول لتعزيز الإدراج الكامل والدقيق لتأريخ وإسهام المنحدرين من أصل أفريقي في المناهج التعليمية، وكذلك إرساء قواعد النمو الاقتصادي الشامل وتهيئة بيئة عالمية مواتية، لتوفير ظروف مأمونة وصحية لعمل مستدام وكامل ومنتج للشباب بواسطة المشاركة في التدريب المهني والنشاط النقابي، وفي ميادين ريادة الأعمال والإبداع وبناء القدرات والحصول على الخدمات المالية والمصرفية، واضفاء الطابع الرسمي على المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
وان الحد من عدم المساواة داخل البلدان ابرز المشكلات التأريخية وآثار التمييز الهيكلي المعاصر عميق الجذور من الرق والاستعمار، وقلة الفرص المتاحة للوصول إلى العدالة وتراجع مشاركتهم السياسية وتأثيرهم على التشريعات والسياسات العامة لتصحيح حالات التفاوت، فضلاً عن اتخاذ تدابير تنموية عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره في مناطق معرَّضة للمخاطر والكوارث الطبيعية والفيضانات ومراقبتها، يقطنها على هؤلاء الممثلون بشكل غير متناسب في بلدان عدة، مما يتطلب زجهم ومساواتهم في مبادرات بناء القدرة البشرية والمؤسسية للتخفيف من آثار التدهور البيئي والإنذار المبكر به والحصول على خدمات الطوارئ.
فالتشجيع على بناء مجتمعات مسالمة لا يهمش فيها أحد، من أجل تحقيق التنمية المستدامة وامكانية وصول الجميع إلى العدالة وبناء مؤسسات فعّالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع، وضمان تكافؤ الفرص وتحسين سبل اللجوء إلى القضاء وتعزيز السياسات غير التمييزية والوعي القانوني والتصدي للإفلات من العقاب على الجرائم والانتهاكات المرتكبة ضد المنحدرين من أصل أفريقي، إذ يأتي تعزيز وسائل تنشيط الشراكة العالمية ووضع سياسات انمائية دولية والتكنولوجيا والتجارة والتنظيم المالي والاستثمار، واعطاء الأولوية للبرامج والمشاريع المصممة لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري.
فالاعتراف في الدساتير الوطنية والاحصاءات والتشريعات والسياسات على الصعيدين الوطني والدولي لكفالة المساواة التامة في القانون والممارسة، والتعريف بثقافاتهم وتأريخهم وإدماجهم على قدم المساواة في المبادرات العالمية من أجل التنمية ومشاركتهم بالحياة العامة.