تركيا تنتقد تقرير البرلمان الأوروبي بشأن عضويتها: مليء بالاتهامات
وجهت تركيا انتقادات شديدة اللهجة للبرلمان الأوروبي عقب تبنيه تقريراً أمس الأربعاء يتضمن انتقادات شديدة لأنقرة في مجالات عدة، وخلص فيه إلى أنه "لا يمكن إحياء مسار مفاوضات عضوية تركيا للاتحاد الأوروبي في الظروف الموجودة".
وقالت الخارجية التركية، في بيان صدر الليلة الماضية، أن التقرير "مليء بالاتهامات والأحكام المسبقة المجحفة القائمة على معلومات مضللة صادرة عن الجهات المعادية لتركيا، وأظهر أن أعضاء البرلمان الأوروبي أصبحوا أسرى للسياسات الشعبوية اليومية".
وأضافت الخارجية أن التقرير "قائم على معلومات مضللة يعكس التوجه المعتاد الضحل وعديم الرؤية الذي يتبناه البرلمان الأوروبي تجاه العلاقات مع تركيا ومستقبل الاتحاد الأوروبي".
وذكرت أنه "من غير العقلاني في مثل هذه الفترة الحرجة لاستقرار وأمن القارة، والتي تتوافر فيها فرص لإعادة إحياء العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، أن يطرح البرلمان الأوروبي أموراً أخرى بدلاً من مفاوضات انضمام تركيا التي تمثل العمود الفقري للعلاقات".
وتابعت "الادعاءات الواردة في تقرير البرلمان الأوروبي، تعكس وجهات نظر أحادية الجانب لجهات معينة بشأن قضايا بحر إيجة وشرق البحر المتوسط وقبرص، وهي منفصلة عن الحقائق التاريخية والقانونية".
وأشارت إلى أن "الهدف المشترك لتركيا مع الاتحاد الأوروبي هو تحديث الاتحاد الجمركي وإتمام الحوار حول تحرير التأشيرات بسرعة في الفترة المقبلة"، لافتة إلى أن الخطوات المتبادلة التي سيتم اتخاذها بشأن هذه القضايا "ستنقل العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي وعملية انضمام تركيا إلى الاتحاد إلى مستوى جديد وديناميكي".
وأكّدت على قدرة تركيا على جعل الاتحاد الأوروبي "قوة عالمية في مواجهة جميع التحديات القائمة"، وخاصة الأمن والطاقة وتغير المناخ والهجرة والانحراف التجاري والصعوبات الاقتصادية، مضيفة أن "إدراك هذه الحقيقة يمكن من وجهة نظر مبنية على رؤية لا تستسلم للمصالح اليومية لبعض الجهات".
وأعربت عن أملها في أن يتصرف البرلمان الجديد، الذي سيتم تشكيله بعد انتخابات البرلمان الأوروبي العام المقبل، "وفق منظور محايد وعقلاني وبنّاء".
تقرير البرلمان الأوروبي حمل انتقادات عديدة، ووافق عليه 434 عضواً ورفضه 18 عضواً، فيما تحفّظ عليه 152 عضواً وكان يشمل تقرير تركيا للعام 2022.
وتضمن التقرير انتقادات لأنقرة في قضايا مثل الحقوق الأساسية وسيادة القانون، وتم نقل وجهة نظر فيه حول عضوية تركيا مع التركيز على التعاون، فيما رفض مقترح تعديل في التقرير تضمن إنهاء مفاوضات العضوية مع تركيا وذلك بأغلبية 460 صوتاً ولم يتم إدراجه في التقرير.
وأكّد التقرير على أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يواصل دعم الاحتياجات الإنسانية وجهود إعادة الإعمار عقب زلزال 6 فبراير/ شباط الماضي، في حين رحب التقرير بإدانة تركيا للحرب في أوكرانيا والتزامها بسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، ودعا إلى الامتثال بنسبة 100% لسياسة الاتحاد الأوروبي تجاه روسيا والعقوبات عليها.
وطالب التقرير تركيا بالموافقة على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي في أسرع وقت ممكن، ورحب بجهود تركيا لتسهيل المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا وتعترف بالدور الهام الذي تلعبه تركيا مع الأمم المتحدة في التوسط وإبقاء مبادرة حبوب البحر الأسود حية، وهو أمر حيوي في المساعدة على تخفيف النقص العالمي في الحبوب".
وشدد التقرير على وجوب الالتزام بقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ودعا إلى استقلال القضاء ووسائل الإعلام، فضلاً عن حقوق المجموعات العرقية والدينية المختلفة والنساء والمثليين، وتمت دعوة تركيا إلى إحراز تقدم في الامتثال لتوجيهات الاتحاد الأوروبي وقوانينه المتعلقة بالبيئة والعمل المناخي.
وجاء في التقرير أن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها تركيا لتطبيع علاقاتها مع العديد من الدول مثل أرمينيا ومصر وإسرائيل ودول الخليج، موضع ترحيب، فيما لُوحظ أن تركيا لا تزال تختلف عن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في العديد من الجوانب، فقد تم تضمين انتقادات بشأن الدور الذي لعبته تركيا في سورية والعراق وليبيا.
وشدد التقرير على العلاقات المميزة التي تربط تركيا بغرب البلقان، وهي إحدى المناطق الرئيسية للاتحاد الأوروبي، وتضمن تصريحات إيجابية بشأن انخفاض حدة التوتر الأخير في شرق البحر الأبيض المتوسط، وشدد التقرير على أن الحل الوحيد في قبرص يقوم على أساس اتحاد فيدرالي بين الشطرين، وهو ما ترفضه تركيا.
وقدّر التقرير الجهود التي بذلتها تركيا لمواصلة استضافة أكبر عدد من اللاجئين في العالم، وتمت دعوة مفوضية الاتحاد الأوروبي إلى تقديم المزيد من الدعم لتركيا.
وشدد تقرير البرلمان الأوروبي على أن تركيا بلد ذو أهمية استراتيجية وشريك رئيسي في مجالات السياسة والاقتصاد والطاقة والسياسة الخارجية، ودعا إلى أن تكون العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا مبنية على رؤية طويلة المدى ومبنية على التعاون.
وذكر التقرير أن عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لا يمكن استئنافها "في ظل الظروف الحالية" وأوصى ببدء عملية إيجاد إطار "مواز وواقعي" يغطي المصالح المتبادلة لمستقبل العلاقات.
نائب رئيس حزب الحركة القومية التركية، عزت علوي يونتر، الشريك في التحالف الجمهوري الحاكم اعتبر في تصريح ، اليوم الخميس، أن "التقرير يعامل تركيا على أنها ملكية تابعة للاتحاد الأوروبي، ويواصل الاتحاد سياسة الاستعمار والنهب".
وأضاف "التقرير يرى تركيا بأنها مستعمرة، والتقرير ينتقد جهود تركيا في مكافحة الإرهاب ولا يمكن إصدار الحكم على البلد بأكمله عبر تقرير واحد كتبه مقرر، ولا يمكن أن يتجاهل حضارة قديمة وهم بهذا يحاولون قطع الطريق أمام تركيا".
ومن الواضح أن التقرير سيلقي بظلاله على الفترة المقبلة حيث كانت أنقرة وبروكسل مستعدتان لعقد جولات من اللقاءات لإحياء مسار الانضمام للاتحاد الأوروبي بعد قمة حلف الأطلسي قبل أشهر.