"المستقل" مصطفى سند.. عينه على كردستان لا البصرة!
السيد مصطفى سند يتوعد بخوض جولة جديدة لقطع رواتب الموظفين في أربيل والسليمانية ودهوك بعد اتفاق أعلن عنه رئيس حكومة كردستان العراق مسرور البارزاني مع رئيس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني وانتهى بتصويت مجلس الوزراء على حل جزئي لأزمة الرواتب في الإقليم.
عندما تصاعدت تحركات النائب المستقل مصطفى سند في البرلمان العراقي، لم يتوقع أحد أنه سيكون مركز اهتمام رئيسي في الساحة السياسية. إلا أنه أصبح نجماً في قطع الأرزاق، بتصريحاته المثيرة للجدل.
وآخر تحدٍ يطلقه سند يأتي في شكل تهديد جديد لقطع رواتب الموظفين في إقليم كردستان، وهذا ليس التهديد الأول ولن يكون الأخير بالتأكيد، لكنه لن يستمر إلى الأبد، استناداً إلى التحولات التي بدأها السيد سند منذ أن كان "سنداً" لحكومة عبد المهدي، وبعد أن أصبح نائباً.
قبل سبعة أشهر تقريباً، رفع مصطفى سند دعوى أمام المحكمة الاتحادية، وقد نجح في إلغاء قرارات اتخذها مجلس الوزراء بصرف صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية في أربيل والسليمانية ودهوك.
كان هذا القرار حجر الزاوية في مسار سند السياسي، وقد بدا ذلك واضحاً عليه، متنفساً الصعداء، وكأنه انتصر في معركة ضد السرّاق المعروفين.
في تسجيل مصور ظهر فيه بعد "انتصاره" في المحكمة، وصف سند القرار بالتاريخي، مشدداً على أهمية وصول الأموال إلى المواطنين في الوسط والجنوب العراقيين.
وهذا الرأي قد يبدو جديداً بالنسبة لسند، فهو نادراً ما يركز عملياً على المحافظات الجنوبية، وخاصة محافظته الأصلية البصرة، التي تعاني من نقص حاد في الخدمات على الرغم من ثرواتها الطبيعية. لم يستطع تحريك أي دعوى ضد كل من تسبب بإيصال الوضع الجنوب إلى الحضيض.
من المهم أن نلقي نظرة على تاريخ مصطفى سند لفهم تصريحاته ومواقفه. كان سند قبل أن يصبح نائباً في البرلمان العراقي من أشد دعاة انفصال إقليم كردستان عن العراق. وقد ظهر في فيديو نشر قبل سنوات وتحدث بذلك صراحة، قبل أن يختفي الفيديو بعدما ظفر بعضوية برلمانية دسمة.
كان سند يعتقد أن هذا الانفصال سيحقق الاستقرار في العراق وسيحل المشاكل. ومع ذلك، بعد أن تم انتخابه نائباً، بدأت تصريحاته تتغير تدريجياً. فهو يعادي الأكراد من مستخدما أهل الجنوب سيفاً لذلك. ربما هو حديث العهد في السياسة ولو كان حكيماً لاستوعب مدى حب البصريين للكرد.
ثمة شكوك حول مدى استقلالية مصطفى سند الفعلية. تصريحاته المتكررة تشير إلى أنه ضد الشعب الكردي، حتى أن خصوماً لحكومة إقليم كردستان يرون فيه خطراً على الكرد، ومنهم النائب سروة عبد الواحدة التي قالت في مقابلة تلفزيونية إن لا يطيق الكرد، شعباً ونواباً.
وتعتبر كردستان جزءاً مهماً من العراق وتمثل مصدراً كبيراً للإيرادات النفطية، وبالتالي فإن أي تحرك يمكن أن يؤثر على استقرار العراق بأكمله.
يقول أهالي البصرة إن نوابهم خذولهم، وبالتالي فهم يصوبون سهامهم على كردستان، حتى يغطوا على فشلهم، او لا "يعيرهم" ناخبيهم بالتطور الذي تشهده المنطقة الكردية مقارنة بالمنطقة العربية في العراق.
بالنسبة لسكان البصرة، الذين يعانون من نقص حاد في الخدمات الأساسية، يرون أن مصطفى سند ينبغي أن يكون أكثر اهتمامًا بمشاكلهم ومشاكل ناخبيه في المحافظة بدلاً من الانخراط في القضايا الكردية. هذا الرأي يتسبب في انتقادات متكررة ضده.
المخاوف من تصاعد تصريحات وتحركات مصطفى سند تتعلق بمستقبل الوحدة الوطنية في العراق. يمكن أن تؤدي محاولاته لقطع رواتب الموظفين في إقليم كردستان إلى تصاعد التوترات، مما يضر بالاستقرار العراقي بشكل عام. وهذا يتطلب من القادة السياسيين العراقيين العمل على تقديم حلاً سياسياً لهذه القضية الحساسة بدلاً من التصعيد اللفظي والتهديدات بقطع الرواتب.
يبدو أن مصطفى سند يظل شخصية سياسية مثيرة للجدل في العراق، وتحركاته وتصريحاته تستدعي انتباه الجميع. إلا أنه يجب أن تتم مراعاة مخاطر مساعيه على الوحدة الوطنية في العراق، وأن يتم البحث عن حلول سياسية للقضايا المثارة بدلاً من اللجوء إلى التصعيد والتهديدات.
وأخيراً، من المخجل أن يصب نائب "مستقل" في مجلس النواب قراراً لمجلس الوزراء حول أرزاق شعبنا الكردي بأنه "قرار مؤسف".
عبد الكاظم الجزائري
كاتب "مستقل"!
البصرة