دور العامل الخارجي في ارتفاع الدولار
يبدو ان زيارة مساعدة وزير الخزانة الأمريكي اليزابيث روزنبرغ الى بغداد لم تكن مرتبطة فقط مساعدة البنك المركزي العراقي في جهوده الرامية إلى تحقيق استقرار سعر الصرف وانما التلويح بعقوبات إضافية على الجهاز المصرفي العراقي في حال استمرار عمليات تهريب الدولار .
وعلى الرغم من الإصلاحات التي قام بها البنك المركزي لتحسين امتثال المصارف للتعامل مع متطلبات المنصة الإلكتروني في البنك المركزي العراقي والبنك الفدرالي الأمريكي وكان من نتائجها تعامل الأغلبية معها ما أدى الى ارتفاع كبير في مبيعات البنك المركزي التي بلغت كمتوسط نحو 200 مليون دولار يوميا غير ان الفجوة أخذت بالاتساع بين السعرين الرسمي والموازي للدينار مقابل الدولار اذ بلغت الفجوة بينهما 20% وهي اكبر بكثير من المستويات العالمية المتعارف عليها التي تبلغ نحو 2% فقط .
وترتبط الفجوة بسببين مهمين الأول هو منع التحويلات المالية عبر القنوات المصرفية للدول المعاقبة من الولايات المتحدة وفي مقدمتها ايران ما أدى الى تمويل التجارة معها من خلال شراء الدولار من السوق الموازي ثم تهريبه الى ايران والثاني هو الطلب الكبير من المسافرين العراقيين الى ايران للدولار من السوق الموازية لان تعليمات البنك المركزي لا تسمح لهم بشراء الدولار بالسعر الرسمي وهو طلب كبير لان المسافرين العراقيين الى ايران يشكلون 55% من اجمالي السياح الأجانب في ايران وقد انفق العراقيون عام 2022 في ايران نحو 3.410 مليار دولار .
والمعروف ان الصادرات الإيرانية للسلع غير النفطية قد بلغت 10.3 مليار دولار عام 2022 أي حوالي 20% من الصادرات الإيرانية الاجمالية غير النفطية عام 2022 .
اذ تزود إيران حالياً 8.2% من احتياجات العراق في قطاع الآلات، و26.7% في مجال الزراعة والصناعة والمواد الغذائية و18.9% من احتياجات البلاد المعدنية. و55% من مواد البناء و48% من منتجات المصافي و28% من المنتجات البتروكيماوية. تعد غالبية السلع التي تصدرها ايران الى العراق من ضمن السلع المؤدية الى خلق فرص العمل وذات قيمة مضافة عالية، حيث تشير الدراسات الى أن أكثر من مليون مهنة يوفرها قطاع التصدير الإيراني الى العراق .
وعلى ذلك لا يمكن خفض الفجوة او تحييدها بين السعرين الرسمي والموازي للدينار مقابل الدولار من دون الغاء العقوبات الامريكية على ايران حتى يمكن تمويل استيرادات العراق منها من خلال المصارف او بقطع استيرادات العراق من ايران ومنع العراقيين من السفر اليها وهو ما تسعى اليه الولايات المتحدة كهدف استراتيجي لها من اجل خنق ايران اقتصاديا وهو هدف محفوف بالمخاطر بسبب الأهمية الاقتصادية الكبيرة للعراق في الاستراتيجية الاقتصادية الإيرانية .